مرشد جولات في المواقع الأثرية في المنطقة التجارية المركزية في القدس الشرقية
31 בינואר, 2022مرشد جولات في المواقع الأثرية في المنطقة التجارية المركزية في القدس الشرقية
تقديم
سنتعرف في هذه المرشد على إحدى أهم المناطق التاريخية في القدس – منطقة الأعمال المركزية شرق القدس. تشمل المنطقة هذه أربعة أحياء: الشيخ جراح، مسعودية، الحسيني وباب الساهرة. لقد تطورت هذه المنطقة منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر لتصبح أحد أهم مراكز التجارة والأعمال في القدس، وفي القدس الشرقية بشكل خاص. وحتى يومنا هذا ما زالت هذه المنطقة مركز اهتمام العديد من أصحاب الشأن المعنيين.
جمعيّة المستوطنين التي تعمل من أجل تهويد القدس، تعتبر هذه المنطقة ذات أهمية استراتيجية لبلورة طابع مدينة القدس وهويّتها، وكذلك من أجل إحكام السيطرة الإسرائيلية على المنطقة بين البلدة القديمة (الحرم الشريف) وجبل المشارف. لذلك فإن بلدية القدس تبادر في السنوات الأخيرة لوضع العديد من المخططات لتطوير تلك المنطقة. وهي مخططات تهدف إلى تغير طابع منطقة الأعمال المركزية وطابعها الفريد كمنطقة فلسطينية مركزية في القدس. بغية محاربة هذه العمليات، نسعى في هذا المرشد إلى التعرّف على المكان وعلى المواقع التاريخية والمعالم الأكثر شهرة في هذا المكان.
يطرح هذا المرشد طريقتين لاستخدامه؛ طريقة واحدة عن طريق التجوال الحر: ندعوكم للتنزه بحرية في فضاءات منطقة الأعمال المركزية في القدس الشرقية والتعلّم عن تاريخ المباني التي ستمرون بجانها؛ الطريقة الثانية، هي المشي في مسارات محددة مسبقًا، كل مسار يركّز على المباني التي تمثل حقبة مختلفة في تاريخ منطقة الأعمال المركزية شرق القدس.
خلفية تاريخية
حتى نهاية القرن التاسع عشر، كانت المنطقة الواقعة شرقي البلدة القديمة، منطقة حدودية خارج الأسوار. خلال الحفريات الأثرية تم العثور على قبور في المنطقة من العصر الحديدي (1000-538 قبل الميلاد)، تعود إلى مملكة يهودا وفترة الهيكل الأول. في العهد القديم تم الفصل المطلق بين المدينة المأهولة وبين المناطق الخاصة بدفن الموتى، من أجل منع الدنس وانتشار الأمراض. لذلك فإن حقيقة استخدام تلك المنطقة كمقابر على مدار فترات طويلة، يبين أنه حتى القرن التاسع عشر، عندما بدأت عملية الخروج من داخل الأسوار، شكّلت تلك المنطقة الحدود الشمالية للقدس.
علاوة على ذلك، تم العثور خلال الحفريات على أثار "السور الثالث". بناءً على ما جاء في كتابات يوسيفوس فلافيوس الروماني، فإن السور الثالث قد بُني في أواخر فترة الهيكل الثاني في إطار محاولات تحصين المدنية استعدادًا للحصار القادم من قبل جيوش روما. يرمز هذا السور إلى أقصى توسع مدينة في القرن الأول ميلادي. كما تم العثور في الحفريات اللاحقة على قصر اللورد يعود إلى العصر البيزنطي. وقد استخدم هذا القصر لأهداف الزراعة والصناعة ومصيفًا للنبلاء الفارين من اكتظاظ المدينة. انتشرت خلال القرن الثامن عشر ظاهرة بناء المباني المفتوحة لمساندة الزراعة والصناعة في المدينة ومصيفًا. في تلك الفترة شيّد أكثر من مئة من المباني بجانب أسوار المدينة المسماة "قصر" – وهي عبارة عن مباني سكنية موسمية أحيطت بأسوار وشملت منشآت زراعية، مثل معاصر الزيتون، مطاحن القمح وحُفر لصناعة النبيذ، وكذلك مصايف لأعيان المدينة وعلماء الدين.
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كانت تلك المنطقة في مركز عملية خروج السكان المسلمين من داخل أسوار البلدة القديمة. وهي العملية التي حدثت بالتوازي مع خروج السكان اليهود من داخل الأسوار، لكن غالبية السكان اليهود سكنوا في المنطقة الواقعة غرب البلدة القديمة.
بسبب كونها منطقة حدودية لم تكتسب أهمية دينية أو سياسية خاصة لدى أية مجموعة. بفضل قربها من باب العامود، أحد أبواب القدس الرئيسية، تطورت هذه المنطقة في القرن التاسع عشر كمركز اقتصادي للمدينة مع بداية عملية الخروج من داخل الأسوار. في تلك الفترة حاولت الإمبراطورية العثمانية تطوير الحداثة في جميع مناطق سيطرتها لمنافسة الغرب. لكن المفارقة أن من نتائج هذه المحاولة هو تعميق اعتماد العثمانيين على الدولة الغربية العظمى: لقد قدمت تلك الدول للإمبراطورية العثمانية الخدمات مقابل الحصول على حقوق خاصة، امتيازات، لمواطنيها الذي يعيشون داخل الإمبراطورية، وبناء على تلك الحقوق حصلت الدولة الغربية على الحكم الذاتي في إدارة القضايا المدنية لرعاياها. وقد أقامت الدول الغربية ممثليات لها في القدس، وحصلت على الحكم الذاتي المطلق في إدارة شؤونها وعملت وفق نظام القوانين المعمول فيها في بلادها. لقد أقامت تلك الدول مجموعة من الأجهزة المدنية التي استبدلت أجهزة الإمبراطورية العثمانية، مثل الخدمات البريدية، البنوك، المستشفيات، سكك الحدد وغيرها.
شمال منطقة باب العامود أقيمت ممثليات للدول الغربية داخل مجمعات مغلقة وبمساعدة قوات للحماية من اللصوص. عززت إقامة تلك المجمعات الشعور بالأمن والحماية، وشجّعت العائلات المسلمة الغنية في القدس، مثل عائلتي الحسيني والنشاشيبي، على إقامة مجموعة مبانً مغلقة لها خارج أسوار المدينة. شكّلت تلك المجمعات النواة التي نمت حولها مع السنين الأحياء، مثل حي الشيخ جراح، حي المسعودية، حي الحسيني، حاي باب الساهرة وغيرها من الأحياء. وفي الوقت نفسها كانت تلك المنطقة مركز جذب لطوائف مسيحية لم يكن لديها القوة السياسية للحصول على موطئ قدم في المواقع المقدسة للمسيحيين، وعلى رأسها كنيسة القيامة. لذلك، وعلى سبيل المثال، خلال القرن التاسع عشر ادعت الطائفة البروتستانتية أن قبر قديم هناك هو قبر اليسوع، لكن الحفريات الأثرية كشفت أنه قبر من العصر الحديدي.
بعد احتلال فلسطين من قبل بريطانيا عام 1917، استمرت تلك المنطقة بالنمو. والدليل على ذلك هو قرار إقامة متحف لعرض الاكتشافات الأثرية في مناطق سلطة الانتداب. وهذه المتحف هو متحف روكفلر، وهو عبارة عن بناية ضخمة كانت رمزًا للسلطة البريطانية في فلسطين.
في السنوات 1948-1967 كانت المنطقة تحت السلطة الأردنية، والتي استثمرت الكثير من الموارد لتطوير المنطقة كمركز أعمال تجاري للقدس: أقيم هناك فروع للبنوك، مراكز تجارية والعديد من الفنادق. كما عملت السلطة الأردنية على تطوير مطار عطارة، والذي أقيم في فترة الانتداب البريطاني، كمطار دوليّ، مما سهل منالية القدس الشرقية للسياحة من جميع أرجاء العالم.
شكّلت القاعدة التجارية والثقافية والسياحية المتينة التي استعرضناها أعلاه، خلفية لقرار بلدية القدس في بداية الألفية الثانية اعتبار تلك المنطقة واحدة من ثلاثة مراكز تجارية أساسية في القدس. كانت خطة البلدية إقامة ثلاثة مراكز للتجارة والأعمال لتشكّل المحرك الاقتصادي لنمو المدنية بعد تدهور مكانتها الاقتصادية في أعقاب بناء جدار الفصل والواقع السياسي ما بعد الانتفاضة الثانية. المناطق التي تم اختيارها لتشكل منطقة الأعمال الرئيسية هي: مركز غرب المدينة، الواقع في وسط غرب القدس، وهو مخصص للسكان العلمانيين في المدينة؛ المجمع بين شارع الأنبياء ويافا وشارع تسفنية، ليشكّل مركزًا تجاريًا للسكان الحريديم في القدس؛ والمنطقة في القدس الشرقية التي يتناولها هذا المرشد.
للوهلة الأولى، كان من المفترض أن يشكّل قرار البلدية محفزًا لاستثمار العديد من الموارد في المنطقة، مما سيؤدي إلى نموها وازدهارها. لكن، وبناء على ادعاءات سكان المنطقة، منذ اتخاذ القرار وخلال العقدين الماضيين لم يتم تقريبًا استثمار أية موارد لتنمية المنطقة.
ليس هذا فحسب، بل تم من خلال المخطط وضع إجراءات حفظ صارمة، التي تشكل عائقًا أمام البناء، الأمر الذي يُضر بقدرة المبادرين على تطوير المنطقة، وبقدرة السكان الأفراد على ترميم أو توسيع بيوتهم. مع ذلك، فإن الدولة تستثمر في السنوات الأخيرة أموالًا طائلة لتنمية منطقة باب العامود من خلال إقصاء الفلسطينيين من ذلك الفضاء: لقد تم إخلاء مواقع الباعة المتجولين التي كانت في باب العامود، وحُظر على الفلسطينيين الجلوس على الدرج المؤدي إلى داخل باب العامود؛ تم افتتاح متحف لعرض الآثار التاريخية لباب العامود من الفترة الرومانية. على هذه الخلفية، لا يعتبر الفلسطينيون مخطط تطوير المنطقة التجارية المركزية شرقي المدينة كمخطط يهدف إلى تحسين أوضاعهم، بل طريقة أخرى للمس بقدراتهم الوجودية وتهيئة المنطقة لدخول المستوطنين.
مسارات مقترحة
المسار الأحمر: المعالم الأثرية في المنطقة التجارية المركزية شرق المدينة
نقطة البداية: قبور الملوك
نقطة النهاية: دير سانت إتيان
المعالم: قبور الملوك، السور الثالث، فسيفساء الطيور، دار السجن، حديقة القبر، دير سانت إتيان.
يشمل هذا المسار المواقع الأثرية المهمة في المنطقة التجارية المركزية الشرقية: أجزاء من أسوار البلدة القديمة، مقابر، وقصور كانت تخدم النبلاء الهاربين من زحمة المدينة. تدل الآثار على العلاقة بين مركز المدنية وأطرافها. على سبيل المثال، في الفترة التي كانت فيها المدنية صغيرة الحجم وكان سكانها يخشون الخروج من أبوابها، كانت تلك المنطقة تستخدم لدفن الموتى، ولكن هناك شهادات على استخدامات أوسع للمنطقة خلال فترة الازدهار التي تعزز فيها الأمن، تشمل السكن، الحِرف وغيرها.
المسار الأزرق: خروج المسلمين من داخل الأسوار
نقطة البداية: الأمريكان كولوني
نقطة النهاية: دير سانت أتيان
المعالم: الأمريكان كولوني، بيت إسماعيل بيك، بين المشرق (الأورينت هاوس)، بيت هند الحسيني، قصر الخليلي، نزل سانت بولس، دير سانت أتيان.
يمر هذا المسار بين المباني التي كانت تخدم مجتمع المسلمين في الخروج من داخل الأسوار. اليهود الذين اقاموا لهم أحياءً خارج أسوار البلدة القديمة كانوا منظمين في مجموعات للدعم المالي من قبل الأغنياء اليهود في العالم، أما السكان المسلمون فقد خرجوا من داخل الأسوار تحت رعاية أعيان المدينة والعائلات الغنية في المدينة. كل حي من الأحياء الجديدة في المنطقة التجارية المركزية شرق بنيت من أجل عائلة واحدة. على مر السنين تطورت المباني لتشكل مرساة اقتصادية وثقافية وسياسية. جذبت هذه المنطقة دولًا غربية لإقامة ممثليات لها في المنطقة.
المسار الأخضر: الانتداب البريطاني والحكم الأردني
نقطة البداية: متحف روكلفر
نقطة النهاية: مبنى البريد، معهد أولبرايت، كاتدرائية القديس جورج بالقدس.
يمر هذا المسار بين المباني التي أقيمت حين كانت القدس تحت الانتداب البريطاني والحكم الأردني. خلال فترة الانتداب البريطاني وفي ظل الحكم الأردني، بدأت في هذه المنطقة عمليات تحديث واسعة، ومن سيماتها الرئيسية البناء الواسع. خلال فترة الانتداب تم تشييد مبانٍ عامة، وفي فترة الحكم الأردني أصبحت المنطقة مركزًا تجاريًا للقدس الشرقية.
المسار الأصفر: مواقع الديانة الإسلامية
نقطة البداية: مسجد الشيخ جراح
نقطة النهاية: مقبرة الساهرة
المعالم: مسجد الشيخ جراح، قبور الملوك، مسجد سعد وسعيد، مقبرة الساهرة.
مسار في أعقاب مواقع الديانة الإسلامية المهمة في منطقة التجارة المركزية شرق – مواقع عبادة ومقابر تدل على الأهمية الدينية للمنطقة بالنسبة للسكان المسلمين في القدس على مر الأجيال – من العصر الروماني وحتى اليوم.
جميع المواقع حسب الترتيب الجغرافي
الأمريكان كولوني (المسار الأزرق)
الموقع: شارع لويس وينستون 1
من الفنادق الفاخرة الفخمة في القدس الشرقية. بني بمحاذاة مسجد الشيخ جراح عام 1870 بتمول من رباح الحسيني، من أعيان القدس، وفي البداية كانت زوجاته الأربع يعشن في البناية. أقيمت البناية حول فناء داخلي مرصوف. ميّزت طريقة البناء هذه المجمعات الأولى التي بناها أعيان المدينة خارج البلدة القديمة، والتي كانت توفر الحماية لأفراد العائلة من اللصوص، وكانت بطريقة المكان المفتوح. شملت البناية على مطحنة قمح للاستخدام الذاتي وساحة كبيرة بمساحة 8 دونمات.
نهاية القرن التاسع عشر استوطنت في البلدة القديمة مجموعة من المسيحيين الإنجيليين من شيكاغو والسويد. عندما ازداد عدد أفراد المجموعة بحثوا عن مكان جديد للسكن فيه. في البداية استأجروا من رباح الحسيني قصره، ولاحقًا اشتروه منه، وهذا هو سبب التسمية. مع الوقت ترك أفراد الحي الأمريكاني المكان، وفي نهاية الخمسينيات تم تحويل القصر إلى فندق. يشمل الفندق بيت رباح الحسيني الأصلي وبنايات جديدة شيّدت حوله.
بعد احتلال إسرائيل لشرقي القدس استمر المكان يعمل كفندق بإدارة أبناء أعيان سكان الحي الأمريكاني، هوريشيو وآنا سفافورد. على مدار سنوات نشاطه حافظ الفندق على طابعه الدولي، ولذلك كان ينزل فيه سياسيون ودبلوماسيون أجانب للامتناع من الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية في القدس الشرقية.
مسجد الشيخ جراح (المسار الأصفر)
الموقع: شارع نابلس تقاطع شارع بيير فان باسن
قبر الشيخ جراح، الطبيب الجراح، أمير من بلاط صلاح الدين. يعتبر القبر موقع حج شديد الأهمية للمسلمين. تم تشييد مبنى القبر لأول مرة عام 1202 كمدرسة. في القرن التاسع عشر أعيد بناء القبر كمسجد مع مئذنة. وفي نهاية القرن التاسع عشر بدأ حي الشيخ جراح يتطور حول القبر. تطور الحي كأحد الأحياء الغنية في القدس الإسلامية.
في تلك الفترة اشترى اليهود قطع أراضٍ في المنطقة تلك وأقاموا حي شمعون الصديق، بالقرب من كهف قبور يعتقد أنه قبر شمعون الصديق، أحد كبار الكهنة من فترة الهيكل الثاني. تشير الحفريات الأثرية هناك إلى أن القبر يعود إلى العصر البيزنطي، حوالي 500 سنة بعد موت شمعون. كما تم العثور في القبر على كتابة لاتينية تبين أن المكان هو قبر امرأة باسم يوليا سبينا. في العام 1948 احتل الأردن المنطقة، ففر اليهود سكان حي شمعون هتصديق إلى غرب القدس. بعد احتلال القدس الشرقية من قبل إسرائيل بدأت مجموعات من أنصار حركات الاستيطان بالضغط على الحكومة الإسرائيلية كي تسمح بعودة اليهود إلى بيوت الحي، رغم أن كل من فر من اليهود في تلك الفترة حصل عام 1948 على سكن بديل، والحديث عن بيوت كانت تابعة للسكان الفلسطينيين.
منذ بداية القرن الحادي والعشرون وحي الشيخ جراح يشكّل أحد محاور التوتر في المدينة بسبب محاولات مجموعات من المستوطنين الاستيلاء على بيوت في ذلك الحي.
بيت الشرق "الأورينت هاوس" (المسار الأزرق)
الموقع: شارع أبو عبيدة
أقام إسماعيل الحسيني هذه البناية عام 1897، في فترة عملية الخروج من داخل أسوار البلدة القديمة. كانت عائلة الحسيني من العائلات الغنية وذات نفوذ كبير في القدس في تلك الفترة. كان إسماعيل الحسيني في تلك الفترة مدير مجلس التعليم وصاحب منصب مهم في خدمات الدولة العثمانية. من ضمن أمور أخرى ساعد على رفع نسبة دافعي الضرائب للبلدية من المناطق القروية المحيطة بالقدس.
أقيم المبنى لسكن أفراد عائلة إسماعيل الحسيني، لكن سرعان ما تحول إلى خدمة المناسبات العامة. على سبيل المثال، في العام 1898، سنة واحدة بعد افتتاحه، نزل القيصر النمساوي الهنغاري وليام الثاني في المبنى هذا خلال زيارته إلى فلسطين. وحتى العام 1948 استضاف المبنى في مناسبات مختلفة شخصيات عديدة، بينهم الأمير عبدالله (ملك الأردن لاحقًا)، قيصر أثيوبيا هيلا سيلاسي وآخرين.
في العام 1948 كانت المنطقة تحت سيطرة المملكة الأردنية كجزء من القدس الشرقية، وكانت مقرًا للجنة المصالحة في البلاد، المخوّلة وفق قرار الجمعيّة العامة للأمم المتحدة رقم 194. وهو القرار الذي سعى إلى ضمان تنفيذ اتفاقيات الهدنة الموقعة بين إسرائيل والدول العربية. كما استخدم المبنى مقرًا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين.
بعد أن احتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967، تم تأجير المبنى لمجموعات ومؤسسات مختلفة. حتى بداية سنوات الثمانينيات كانت البناية عبارة عن فندق بإدارة ورثة العائلة. وكان اسم الفندق New Orient Hotel، الذي يرتبط بالبناية حتى بعد اغلاق الفندق. في العام 1983 اقام المرحوم د. فيصل الحسيني معهد الدراسات العربية في المبنى نفسه. وكانت هذه بداية تحويل بيت الشرق إلى أحد الرموز القومية الفلسطينية المهمة في القدس. ووصلت هذه العملية ذروتها مع اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1988. حيث اصبح فيصل الحسيني أحد القيادات البارزة للشعب الفلسطيني، وبدأت جمعية الدراسات العربية بالعمل على تعزيز الأهداف السياسية للشعب الفلسطيني.
بعد توقيع اتفاقيات أوسلو تحول بيت الشرق إلى مركز سياسي، ثقافي واجتماعي. ومع إقامة السلطة الفلسطينية شكّل بيت المشرق ذراعًا لها في القدس. هكذا ترسّخت مكانته كرمز سياسي الأكثر أهمية في القدس للشعب الفلسطيني، وكان من المفترض أن يتحول مستقبلًا، وفق مخططات الفلسطينيين، إلى مقر الحكومة لدى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
في أعقاب مقتل رابين عام 1995 والتدهور المتواصل للعلاقات بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، بدأت حكومات إسرائيل بالتهديد بإغلاق المركز. استمر بيت الشرق خلال تلك السنوات يشكّل محور نشاطات السلطة الفلسطينية، حتى اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 وما رافقها من موجات عمليات انتحارية. هذه الأحداث وموت فيصل الحسيني، بررت بنظر الحكومة الإسرائيلية برئاسة أريئيل شارون اصدار أمر بإغلاق بيت الشرق في العام 2001. منذ تلك الفترة يتم تجديد أمر الإغلاق مرة كل نصف سنة.
قبور الملوك (المسار الأحمر، المسار الأصفر)
المكان: شارع صلاح الدين، بالقرب من المحكمة المركزية
موقع فخم لدفن الموتى يعود إلى فترة الهيكل الثاني محفور كله في الحجر. 23 درجة تؤدي إلى موقع الدفن والتي تنزل من ارتفاع الشارع وتتسع نزولًا إلى ساحة كبيرة تحتوي على خزانات مياه. في الجهة الغربية يقع مدخل كهف الدفن. مدخل الكهف مزيّن بزخارف الفاكهة.
العديد من التقاليد ترتبط في هذا المكان. فوفق التقاليد الإسلامية يسمى هذا المكان قبر الملوك أو قبر السلاطين، تعبيرًا عن الاعتقاد بأن قبور فخمة من هذه النوع خاصة بأبناء العائلة المالكة. ووفق التقاليد اليهودية فالحديث عن قبر صهر الراب عقيبا، كلبا شبواع (عاش في القرن الأول أو الثاني قبل الميلاد). أما بناء على كتابات يوسيفوس فلافيوس، في الأبحاث الأثرية، فهذا موقع قبور ملوك مملكة حدياب من شمال كردستان الحالية. الملكة هيلني هي أكثر واحدة معروفة من أفراد العائلة المالكة والتي عاشت في القدس لفترة ما.
في القرن التاسع عشر، وفي أعقاب شائعة عن وجود كنز ثمين في القبر، تعرض المكان إلى السرقة. بيع الموقع لعائلة فيرر، وهي عائلة يهودية فرنسية، والتي قامت بنقل ملكية القبر للحكومة الفرنسية. وحتى يومنا هذا ما زالت فرنسا هي صاحب الحقوق على هذا الموقع.
في العام 2019 شكّل القبر مركز صراع بين مجموعات يهود متدينين وبين الحكومة الفرنسية. في العام نفسه تم فتح الموقع لزيارة الجمهور عامة. طالب اليهود بحق دخول حصري للمكان، بينما سمحت الحكومة الفرنسية لليهود والمسلمين الصلاة في المكان.
كاتدرائية القديس جورج (المسار الأخضر)
الموقع: بين شارع نابلس وشارع صلاح الدين
الكاتدرائية هي مقر رئيس أساقفة أبرشية القدس في الكنيسة الأنجليكانية. وتشمل سطلتها الروحانية في جميع مناطق دولة إسرائيل وفلسطين، الأردن، لبنان وسوريا. الكنيسة الأنجليكانية هي الكنيسة الرسمية في إنكلترا والتي انشقت عن الفاتيكان في القرن السادس عشر، خلال فترة الإصلاح. ملكة بريطانية عي من تقف على رأس هذه الكنيسة.
تم بناء الكنيسة بعد تعيين المطران بليث رئيسًا أبرشية القدس عام 1887 رمزًا لنهاية الانقسام بين فصائل الكنيسة التي نشطت في القدس في تلك الفترة: كان هناك فصيلان ممثلين من قبل المجتمع اليهودي في لندن والمجتمع التبشيري الكنسي، اللذين حاولا التركيز على النشاط التبشيري للكنيسة داخل المجتمع اليهودي فقط، ومن جهة ثانية كان بليث وفصائل أخرى في المسيحية، الذي أقاموا مراكز دينية في محيط القدس في تلك السنوات. في نهاية المطاف تغلّب بليث على بقية الفصائل القديمة وأقام كاتدرائية القديس جورج.
بنيت الكاتدرائية على الطراز التقليدي للكنائس في إنكلترا: قاعة طويلة من الغرب إلى الشرق – الدخول من الغرب والحنية في الشرق. على جانبي القاعة ممرات توفر الهواء والإضاءة الطبيعية. في الكنيسة 15 شباكًا، بعضها مزخرفة. الكنيسة هي جزء من مجمع أكبر يسمى كليّة القدس جورج ويشمل الكاتدرائية، منطقة لسكن الكهنة والمطران، مكتبة ومدرسة للشبيبة.
في العام 2004 تصدرت الكاتدرائية عناوين الصحف في إسرائيل بعد أن لجأ إليها مردخاي فعنونو الذي سجن بسبب كشفه عن أسرار إسرائيل النووية، وبعد اطلاق سراحه انتقل للسكن هناك.
السور الثالث (المسار الأحمر)
الموقع: بين شارع پيقود همركاز وشارع نعمي قيص
تركزت معظم الحفريات شمال باب العامود في البحث عن سور القدس الثالث. بُني هذا السور في القرن الأول ميلادي، في أواخر فترة الهيكل الثاني، في فترة توسّع مدينة القدس. وفق ما وصفه المؤرخ يوسيفوس فلافيوس، فإن الملك أغريباس الأول هو الذي بادر لبناء السور خلال القرن الأول ميلادي. وقد سمي "السور الثالث" لأنه كان ثالث سور يُقام ليحيط في المدينة. يتوقع أنه تم استكمال بناء السور في اطار استعداد القدس للثورة اليهودية الكبرى في العام 67 ميلادي.
عالمة الآثار البريطانية كاثلين كنيون، وهي من أم الباحثات في القدس، عارضت فكرة كون مقاطع من السور التي تم الكشف عنها هي من السور الثالث، وادعت أن ما تم الكشف عنه هو جزء من منظومة الدفاع التي أقامها الفيلق الروماني العاشر خلال حصاره للقدس فترة الثورة اليهودية الكبرى عام 67. لكن ادعاؤه هذا غير مقبول حاليًا. في العام 2016 تم العثور في المسكوبية على مقاطع من السور وعليها علامات القصف للفيلق الروماني.
في المفترق بين شارع "پيقود همركاز" وشارع نعمي قيص، بمحاذاة محطة الوقود، تم الكشف عن مقطع من السور عرضه 4.5 مترًا، وطوله حوالي 450 متر. يمكننا في ذلك الموقع مشاهدة البنية التحتية للسور، عن طريق آثار أجزاء من برج الحراسة البارز من السور، وكذلك آثار كنيسة أرضيتها من الفسيفساء وفيها كتابة باللغة اليونانية. ووفق تلك الكتابة يقدر أن الكنيسة من العصر البيزنطي (القرن الخامس ميلادي). ربما هذه الكنيسة هي جزء من منظومة المباني الدينية التي بنيت شمال باب العامود على المدخل الرئيسي للمدينة.
رغم الأهمية التاريخية لهذا الموقع، تمت فيه عمليات استعادة قليلة جدًا فقط. بسبب قربه من محطة الوقود وطريق مكتظ ، وفي ظل غياب لافتات تشرح عن الموقع، من الصعب ملاحظة وجوده.
مسجد سعد وسعيد (المسار الأصفر)
الموقع: زاوية شارع نابلس وشارع نعمي قيص
مبنى مع مئذنة، بُني نهاية القرن التاسع عشر. يتضمن المبنى آثار مباني صليبية سابقة. سُمي المسجد على اسم شخصيتين مهمتين منذ بداية الإسلام: سعد بن ابي وقاص الذي كان حاكم مدينة الكوفة في العراق وكان واحد من ستة أعضاء الشورى الذين تم اختيارهم لاختيار خليفة بعد مقتل الخليفة عمر بن الخطاب عام 644 ميلادي، وسعد بن زيد، أحد العشرة المبشرين بالجنة ومن أوائل من هاجر مع النبي محمد من مكة إلى المدينة.
فسيفساء الطيور (المسار الأحمر)
الموقع: زاوية شارع الأنباء وشارع بن شداد
في العام 1894 وخلال أعمال تشييد مبنى سكني تم اكتشاف أرضية فسيفساء. في أعقاب ذلك تم إيقاف أعمال البناء وبدأت هناك حفريات أثرية. عثر خلال الحفريات على فسيفساء مساحتها 28 مترًا مربعًا مزخرفة بأشكال طيور من أصناف مختلفة. كما تم العثور على نقش باللغة الأرمنية: "لذكرى "لذكرى وفداء جميع الأرمن الذين يعرف الله أسماءههم". تحت الفسيفساء يوجد كهف لدفن الموتى وفيها عظام إنسان ومصابيح زيت. ويعتقد أن النقش يخص الأشخاص الذين دفنوا هناك. بناء على نوعية الزخرفة والنقش يعتقد أن الفسيفساء تعود إلى القرن السادس ميلادي.
بعد اكتشاف الفسيفساء سعت البطريركية الأرمنية إلى شراء الموقع والتأكيد على أهمية للكنيسة الأرمنية في تطوير القدس خلال العصر البيزنطي وهكذا حصلت البطريركية الأرمنية على ملكية الموقع، ومن أجل دخول المكان ينبغي التنسيق معها. ويعتبر هذا الموقع من المواقع المهمة للأرمن في القدس.
معهد أولبرايت (المسار الأخضر)
الموقع: شارع صلاح الدين 26
بدأ تشييد المبنى عام 1909 بعد شراء الموقع من قبل المعهد الأمريكي لدراسات الشرق الأدنى القديم (American School of Oriental Research) واستكمل البناء نهاية العام 1931. استخدم المبنى بداية كمقر دائم للمعهد الأمريكي لدراسات الشرق الأدنى القديم. وهذا المعهد هو إضافة إلى معاهد أوروبية أخرى بنيت في هذه المنطقة في القدس، والتي تعمل في البحوث الأثرية للشرق الأدني القديم، وضمنها المدرسة الفرنسية في القدس لدراسة الكتاب المقدس والآثار ((École biblique et archéologique française de Jérusalem ومعهد كنيون – المعهد البريطاني للآثار (Kenyon Institute – The British School of Archaeology).
يعكس بناء معهد أولبرايت اعتقادات القوة الكولوكنيالية أنّ لا شيء يمكن أن تتعلمه من الثقافة الفلسطينية المحلية. مثال على ذلك هو المصادقة على المخطط الأول للمبنى في اطار مسابقة بين طلاب قسم العمارة في جامعة يل في الولايات المتحدة. لكن سرعان ما اتضح أنه رغم ما حظي فيه المخطط من ميزات معمارية عديدة، فإن الطالب الذي خطط المبنى لم يكن يعرف شيئًا عن ظروف المناخ والبيئة في القدس، ولذلك لم يتم تنفيذ المخطط.
في نهاية المطاف تم توكيل المعماري فردريك أهمان بمهمة وضع مخطط المبنى. كان أهمان المعماري المسؤول عن تخطيط مبانٍ في القدس ومدن أخرى. تمت ملاءمة هذا المخطط لمخططات مبانٍ أخرى في المنطقة، وشمل فناء داخلي وحوله ثلاث مبانٍ. كان أمل معهد أولبرايت كانوا إضافة المبنى الرابع من الوقت، لكن الأمر لم يتم بسبب صعوبات واجهتها الميزانية.
بيت هند الحسيني (المسار الأزرق)
الموقع: شارع أبن جبير 14
في العام 1948 كانت هند الحسيني ما زالت امرأة شابة عندما علمت بوجود 55 يتيمًا في القدس بعد مذبحة دير ياسين، ولم يكن من يهتم بهم ويرعاهم. فقررت أن ترعاهم بنفسها. في البداية اسكنتهم في شقتين في سوق الحصر في البلدة القديمة، وبعد توقيع الهدنة بين إسرائيل والأردن نقلت الأطفال إلى بيت والديها في حي الحسيني. في أعقاب ذلك قررت تحويل البيت الذي نشأت فيه إلى داخلية لرعاية الأيتام. مع مرور الوقت تحول المكان إلى مدرسة للبنات، كما افتتحت هند الحسيني هناك معهدًا لدراسة وتوثيق الثقافة والتراث الفلسطيني. حظيت هند الحسيني بالعديد من الأوسمة التقديرية، بما في ذلك وسام البابا بولس الرابع عام 1964، وسام أديلاي دستوري التقديري الإيطالي عام 1980 الذي يمنح للسيدات الرائدات في العالم، وسام الكوكب الأردني للتربية والتعليم عام 1985 ووسام الدرجة الأولى من الحكومة الألمانية عام 1989.
دير القديس أتيان (المسار الأحمر، المسار الأزرق)
الموقع: شارع نابلس 83
القديس (سانت) أتيان هو دير الرهبنة الدومينيكية. في العام 1883 وخلال عمليات حفر في الموقع تم الكشف عن كنيسة تعود إلى العصر البيزنطي، وهي كنيسة أقامتها الامبراطورة أوديكا في القرن الخامس. أقيمت الكنيسة لتخليد موقع موت استيفانوس، أول شهيد في المسيحية. تشير المعتقدات إلى أنه تم رجم استيفانوس حتى الموت من قبل يهود في المكان الذي أقيمت عليه الكنيسة. هدمت الكنيسة وأعيد ترميمها عدة مرات في اعقاب احتلال القدس من قبل الفرس والمسلمين، وفي القرن الثاني عشر هدمها صلاح الدين.
في أعقاب اكتشاف الكنيسة والآثار الأخرى في الموقع، قام الراهب الدومينيكي ماري جوزيف لغرانز ببناء مدرسة للآثار. في البداية أطلق عليها اسم المدرسة العملية لتعليم الكتاب المقدس (École Pratique d'Études Bibliques)، وفي العام 1920 سميت المدرسة الفرنسية في القدس للكتاب المقدس والآثار (École biblique et archéologique française de Jérusalem)، وما زالت تعمل حتى يومنا هذا. خلال الحفريات في الموقع تم اكتشاف منظومة دفن فخمة من العصر الحديدي. لم يعثر في المكان على نقوش تدل على المدفونين هناك. خلال السنوات ساد الاعتقاد بأن الحديث عن قبور ملوك يهودا، لكنه لم يتم التحقق من تلك التخمينات.
إلى جانب مدرسة الآثار توجد كاتدرائية ، والتي بينت في العام 1900 بأسلوب البازيليكا، وهي من ثلاثة مقاطع. في نهاية كل مقطع توجد حنية. الزخارف وفق الأسلوب الانتقائي. على سبيل المثال، نوافذ المبنى مستديرة مع زجاج ملون على الطراز القوطي، والأقواس مصنوعة من مجموعات من الحجر الأحمر والأبيض على طراز الحجر الأبلق الشرقي، والتيجان فوق العمدان التي تحمل الأقواس على الطراز الصليبي.
حديقة القبر (المسار الأحمر)
الموقع: شارع كونريد شيك، بين دير سانت أتيان وكنيسة القديس بولس
يعتقد العديد من المسيحيين البروتستانت أن حديقة القبر هي قبر يسوع المسيح، وذلك على نقيض غالبية التيارات المسيحية، والتي تعتقد أن مكان قبر المسيح هو كنيسية القيامة، الواقعة في الحي المسيحي في البلدة القديمة في القدس. الباحث جوردون تشيلد هو الذي ادعى في القرن التاسع عشر أن حديقة القبر هي مكان دفن يسوع المسيح، لأنه عندما نظر إلى التلة التي أقيمت عليها حديقة القبر من باب العامود، كانت تشبه بنظره الجمجمة " الجلجثة". خلال الحفريات الأثرية في الموقع تم اكتشاف قبور أخرى، بعدها يعود إلى فترة الهيكل الثاني، ويعتقد أن أحد تلك القبور هو قبر المسيح. وتم العثور بالقرب من القبر على حديقة قديمة، وعليه أطلق على المكان اسم حديقة القبر. لكن الحفريات الأثرية في الموقع تدحض ذلك الادعاء وتبين أن القبور هناك تعود إلى فترة الهيكل الأول. رغم أن العديد من البروتستانت يوافقون بأن القبر سابق لعهد المسيح، لكنهم يستمرون بالاعتقاد بالأهمية العالية للموقع.
ربما يدل الاعتقاد بأن الموقع هو مكان قبر المسيح على محاولة البروتستانت، التيار المسيحي من القرن السادس عشر، التنافس مع كنيسة القيامة، التي لم ينجحوا بوضع اليد عليها أو على أي مكان في المنطقة هناك. ووفق هذا التفسير، فإن إقامة حديقة القبر شكلت موطئ قدم للمسيحين البروتستانت في القدس القديمة.
نزل سانت بولس (المسار الأزرق)
الموقع: شارع نابلس، بالقرب من شارع السلطان سليمان
يقع المبنى بالقرب من باب العامود. أقامه الأب فيلهلم شميدت. قرار تشييد المبنى كان جزءًا من عملية واسعة النطاق أقامت خلالها الدول الغربية مؤسسات تمثل مصالحها في القدس. يتبع الموقع للكنيسة الألمانية الكاثوليكية. تم الانتهاء من بناء المبنى عام 1910، ويشمل كنيسة، غرف طعام وغرف للضيوف. خلال الحرب العالمية الأولى تم استخدام النزل كمقر لقيادة الجنود الألمان، وبعد احتلال بريطانيا للقدس استخدم الموقع كمركز للسلطة البريطانية.
داخل النزل يعمل المعهد الكاثوليكي الألماني لدراسات أرض إسرائيل (Orientalisches institute der Gorres Gessellschaft)، بهدف تمكين علماء اللاهوت الألمان من دراسة القدس والأرض المقدسة. مؤسس المعهد هو الأب شميدت، وهو باحث طيور أقام في بهو المبنى متحف الطبيعة.
كما توجد هناك مدرسة شميدث للبنات. في بدايتها كانت المدرسة في شارع هيلل، ولكن بعد شراء قطعة الأرض التي أقيم عليها نزل الشباب سانت بولس، نُقلت المدرسة إلى هناك. في فترة وجود القدس الشرقية تحت الحكم الأردني، تم ارسال الفتيات من جميع أنحاء العالم العربي للتعلم في تلك المؤسسة. وفي يومنا ما زالت المدرسة تتمتع بسمعة محترمة والكثير من الأهالي يرغبون بإرسال بناتهم للتعلم فيها.
دار السجن (المسار الأحمر)
الموقع: بالقرب من مغارة تصدقياهو
بالقرب من مغارة تصدقياهو وأسوار البلدة القديمة توجد المغارة. وفق التقاليد والمعتقدات، يقال أن النبي يرمياهو سُجن في المغارة وهناك كتب سفر مراثي إرميا. وبناء على شهادات الزائرين في القدس على مر الأجيال، في الماضي كان لهذا الموقع أهمية كبيرة وكان يعتبر واحدة من المحطات المهمة في مسار الحجاج في القدس.
وبناء على تلك الشهادات، كانت المغارة مقسمة إلى عدة غرف. وهناك توجد قبور قديمة تعود إلى العصر الروماني المبكّر، إضافة إلى قبور أخرى تم الكشف عنها خلال الحفريات في مواقع أخرى في المنطقة، وبضمنها حديقة القبر ومتحف روكفلر. اليوم يوجد مسجد في مدخل المغارة.
مقبرة الساهرة (المسار الأصفر)
الموقع: أمام باب السّاهرة
يعتقد أن المقبرة من العصر المملوكي (القرن 13-16)، وأنها كانت واحدة من ثلاث مقابر للمسلمين في القدس في تلك الفترة. ويعتقد أن اسم المقبرة مأخوذ من سورة النازعات حيث تم وصف البشر يوم البعث بالسّاهرة (النازعات، الآية 14). خلال شهر رمضان وفي موعد الغروب يضرب المدفع الموجود في المقبرة إعلانًا بانتهاء الصيام في ذلك اليوم. وهذا العادة قائمة منذ القرن التاسع عشر على الأقل.
مبنى البريد (المسار الأخضر)
شارع السلطان سليمان، مقابل باب الساهرة
أقيم مبنى البريد على خرائب بناية قديمة في مطلع الستينيات، في الفترة التي كانت فيها القدس الشرقية تحت الحكم الأردني. تشير التغييرات في البناية على العمليات واسعة النطاق التي جرت في القدس الشرقية تحت حكم المملكة الأردنية وبعدها تحت الاحتلال الإسرائيلي.
تولى الملك حسين السلطة عام 1952 وبدأ بتعزيز عمليات تطوير القدس الشرقية، والعديد منها في منطقة التجارة المركزية في شرق المدينة، والتي كانت في تلك الفترة بمثابة مركز التجارة والأعمال الرئيسي في القدس الشرقية. شملت عمليات التطوير تلك تعزيز الميزات البلدية الحضرية على حساب الطابع القروي لتلك الفترة. إقامة مبنى البريد على أنقاض المسلخ البلدي للقدس الشرقية يجسد عمليات التطوير الحضري تلك. فالمسلخ هو جزء من النشاط الزراعي، بينما مبنى البريد هو رمز للمدينة الحديثة.
بعد احتلال إسرائيل للقدس الشرقية بقي مبنى البريد يشكّل انعكاسًا للتغيّرات الجغرافية السياسية في المدينة. بعد الاحتلال الإسرائيلي تحول مبنى البريد إلى فرع للبريد ومحطة شرطة، مما يدل على رغبة دولة إسرائيل بالتعبير من جهة عن استمرارية المدينة من الحكم الأردني إلى الحكم الإسرائيلي، ومن جهة ثانية إقامة مراكز سيطرة ورقابة داخل تركيزات السكان الفلسطينيين الكبيرة. في العام 2013 تم بيع المبنى لجمعيّة المستوطنين "عطرات كوهنيم" وأقيم هناك بيت ضيافة للمجموعات والعائلات ومدرسة تعليم التوراة. تعبر هذه العملية عن جهود المستوطنين لتهويد المنطقة الواقعة بين باب العامود والبلدة القديمة وحي الشيخ جراح.
قصر الخليلي (المسار الأزرق)
الموقع شارع السلطان سليمان 32، في متحف روكفلر
قصر الخليلي هو ثاني مبنى من نوع القصور الذي ما زال قائمًا في المنطقة التجارية المركزية شرق. وهو من الآثار الأخيرة تقريبًا لتي تشهد على ظاهرة واسعة من المباني التي أقيمت خارج أسوار البلدة القديمة في القرن الثامن عشر. القصور تلك كانت تستخدم لأهداف الزراعة والصناعة وكذلك بيوت للأعيان وعلماء الدين في المدينة. قصر الخليلي مكون من طابقين. في الطابق الأول قاعات كبيرة ومعصرة، بينما الطابق الثاني لسكن العائلة. الشيخ محمد الخليلي مفتي القدس أقام القصر، كما أقام العديد من المباني غيره في القدس وأماكن أخرى في فلسطين. سمي القصر والكرم الذي زرعه هناك على اسمه. يستخدم المبنى اليوم من قبل إدارة حفظ الآثار في سلطة الآثار.
متحف روكفلر (المسار الأخضر)
الموقع: شارع السلطان سليمان 27
بُني المتحف عام 1938 لعرض الآثار التي تم الكشف عنها خلال قترة الانتداب البريطاني. أقيم المتخف في كرم الخليلي، والذي كانت فيه مبانٍ أخرى بنيت خارج أسوار البلدة القديمة في القدس (قصر الخليلي). قبل أن اشترى البريطانيون كرم الخليلي حاولت مجموعات عديدة شراء الموقع. مثل، مؤسسة الصندوق القومي اليهودي التي حاولت شراء المنطقة لتحقيق حلم الفنّان بوريس شاتس بإقامة مدرسة الفنون بتسالئيل.
المبنى من تصميم المعماري أوستين سانت بارب هاريسون. سعى المعماري هاريسون إلى دمج زخارف من العمارة الغربية الحديثة ومن العمارة المحلية. وهو ما فعله في مبانٍ أخرى صممها، مثل المطبعة الحكومية، قصر المندوب السامي وبيت البريد الرئيسي. أجنحة المبنى مبنية حول فناء كبير، وعلى المبنى برج على شكل مثمن بتأثير من الفترة الصليبية، فقد اعتبر البريطانيون أنفسهم مكملي طريق الصليبيون القدماء. كما كان فناء المتحف مصدر الهام في تشييد بناية المحكمة العليا.
تم تنظيم المعروضات وفق التسلسل الزمني. وتشمل المعروضات آثار من جميع أرجاء المنطقة والتي تم العثور عليها خلال فترة الانتداب البريطاني. وبسبب القانون الدولي الذي يحظر إجراء تغييرات في المتاحف في مناطق الاحتلال، لم يتم تغيير معروضات المتحف منذ احتلال المدينة من قبل الأردن عام 1948. وبهذا المفهوم فإن معروضات المتحف عبارة عن كبسولة زمن وتدل على المثل العليا التي أرشدت خَزَنة المتحف في النصف الأول من القرن العشرين.
متحف روكفلر هي متحف وبناية لإدارة سلطة الآثار. على عكس معروضات المتحف التي لم يتم تغييرها، فقد بدأت سلطة الآثار منذ العقد الثاني للقرن الحادي والعشرون بإخراج العديد من المعروضات التي كانت في مخازن المتحف كجزء من عملية إقامة مبنً جديدًا (بيت سلطة الآثار) بجانب متحف إسرائيل في القدس الغربية. وكانت المحكمة العليا قد رفضت التماس مؤسسة عيمق شبيه الذي طالب بمنع هذه التغييرات.