الحرم الشريف- خلفية أثرية وسياقات سياسية

2 ינואר, 2015

مقدمة

في العام 1967، فور انتهاء حرب الأيام الستة، صرح موشي ديان، وزير الدفاع في حينه، أن الحرم القدسي سيبقى تحت مسؤولية الأوقاف الاسلامية. هذا التصريح، واستمرار ادارة منطقة الحرم الشريف/جبل الهيكل من قبل الأوقاف الاسلامية، اعتبر كموافقة من قبل إسرائيل بالحفاظ على المكانة التاريخية الخاصة بالحرم الشريف كمنطقة اسلامية. من الناحية العملية، قبل تصريح وزير الدفاع،  حددت إسرائيل حقائق على الأرض غيرت المكانة المستقلة لمنطقة الحرم وعلاوة على ذلك الوصول اليه.

منذ ذلك الحين وحتى اليوم هناك عملية غير متوقفة لتطوير المنطقة من حول جبل الهيكل/الحرم الشريف ومحاولة تغيير التوافقات من سنة 1967. وأكثر ما يعرفه الجمهور في هذا المضمار حفر الأنفاق، ترميم المسجد المرواني (الذي يسمى أيضا "اسطبلات سليمان") وقضية جسر باب المغاربة والى جانب هذا تتم نشاطات موضعية صغيرة، تشكل واقعا جديدا في جبل الهيكل/الحرم الشريف ومحيطه.

إن جبل الهيكل/الحرم الشريف ليس منفصلا عن المحيط الذي يقع فيه. أن للنشاطات الدائرة في البلدة القديمة وقرية سلوان تأثير كبير على التوتر في المنطقة ومكانة جبل الهيكل/الحرم الشريف. وقد ناقشت جمعية "عيمق شفيه" في الماضي النشاطات في محيط جبل الهيكل/الحرم الشريف في النشرات "من سلوان الى جبل الهيكل" (2013)[1] و"القدس السفلية" (2011).[2]

سنتناول في هذا الملف استعمال الحفريات الأثرية، أو الحفريات التي عرضت على انها حفريات أثرية، في الصراع السياسي على جبل الهيكل/الحرم الشريف وتغيير طابع ومكانة جبل الهيكل/الحرم الشريف ومحيطه. نظرا لأن أي نشاط محسوس في البلدة القديمة ومحيطها يتضمن نشاطا أثريا (حفر، حفظ، رقابة وما شابه)، فمن الطبيعي للغاية أن يكون هذا المجال العلمي في واجهة الصراع السياسي.

 

templemount1   templemount4

 

 

الجزء أ- تاريخ الموقع: كيف تحول جبل الهيكل الى الحرم الشريف؟

جبل الهيكل/الحرم الشريف اليوم عبارة عن مجموعة من المباني الفاخرة من أرقى نماذج هندسة العمارة الاسلامية المحلية في السنوات الألف الأخيرة. وقد قادت قدسية المكان في التقاليد الاسلامية الى اقامة حوالي مائة مبنى في جبل الهيكل/الحرم الشريف، بدءا من القرن الثامن وانتهاءً بالقرن العشرين. عدا عن الأهمية الدينية للحرم الشريف فهو يشكل موقعا تراثيا بمقاييس عالمية. في الصراع السياسي والديني على المنطقة لا يتم تقريبا الاشارة الى هذا ولا يحظى هذا الموضوع بالتعاطي اللائق.

مميزات الموقع والتقاليد الدينية المرتبطة بالموقع

جبل الهيكل، المعروف بالعربية باسم الحرم الشريف، عبارة عن موقع يمتد على مساحة حوالي 140 دونما في الجانب الجنوبي- الشرقي من البلدة القديمة. وهو يستعمل اليوم كمنطقة عبادة ودراسات اسلامية- شرعية ويضم عددا من المباني الدينية القديمة في البلاد التي ما تزال على حالها. أما الرواية اليهودية فهي ترى في المكان موقع جبل موريا الذي وصل اليه سيدنا ابراهيم في قصة ذبح اسحاق. كما ترى في الموقع الهيكل الذي تم تدميره نهائيا في عام 70 ميلادي. أما الرواية الاسلامية فهي ترى في الموقع المسجد الأقصى الذي ورد ذكره في القرآن الكريم في مستهل سورة الاسراء (السورة رقم 17): "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير"، في اشارة الى سفر النبي محمد ليلا فوق البراق من مكة الى "المسجد الأقصى"، ومنه عرج النبي محمد الى السماء في رحلة المعراج. تعتبر قبة الصخرة وفقا للرواية اليهودية موقع معبد سليمان كما يسمى في الاسلام (ويسميه الصليبيون Templum Solomonis).

 

واقع الموقع المقدس اليوم

هناك خلاف بين الباحثين اليوم بخصوص التوقيت الزمني الذي تم فيه وضع حجر الأساس للموقع. غالبية الباحثين يعتقدون أن الأجزاء الجنوبية والغربية منه هي الأقدم (القرن الأول قبل الميلاد لغاية القرن الأول ميلادي). وقد تم بناء أجزاء أخرى في فترات متأخرة، لغاية الفترة الاسلامية وخلال الفترة الاسلامية ذاتها. تصل الى الموقع تسعة أبواب، أحدها، المسمى باب الرحمة، مغلق. بالاضافة الى ذلك يوجد في جدرانه بابان صغيران او فتحات غير مستعملة اليوم. يوجد في الجدار الجنوبي بابان مغلقان: في المقطع الغربي باب مزدوج والى الشرق منه- باب ثلاثي الأقواس. تتوجه هذه الأبواب الى حفريات الجدار في الحائط الجنوبي.

من أبرز المباني المعروفة اليوم في منطقة الحرم الشريف هي المسجد الأقصى الذي يقع في الطرف الجنوبي- الغربي، ومبنى قبة الصخرة الذي يقع وسط الموقع. الى جانب الموقعين فإن الموقع يشتمل على مبان لتعليم الدين (مدارس)، مباني تخليد (أحدها قبة الصخرة)، مآذن، مبان للأغتسال والوضوء (الكأس) وغيرها. جزء من المباني يعود الى الحقبة الاسلامية الأولى، في القرن الثامن الميلادي، وبعضها تم بناؤه في الحقبة المملوكية (القرون 14-15) والفترة العثمانية (القرون 16-20). في جزء من المباني تم استعمال عامودين أو سلسلة من الأعمدة، يمكن وفقا لطرازها نسبها للحقبة الصليبية أو الحقبة الرومانية- البيزنطية.

قبة الصخرة عبارة عن مبنى للتخليد والذاكرة ويستعمل كمسجد. هذا المبنى هو المبنى الاسلامي الأقدم الذي حفظ بدون تغييرات جوهرية، وهو يعنتبر نموذجا معماريا وفنيا وحجر أساس في تاريخ الفن والعمارة الاسلامية. هناك كتابة في القسم الداخلي منه تشير الى أن بنائه تم في العام 691 ميلادي، في فترة حكم الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (685-705 ميلادي). وينسب المؤرخون بناء المسجد الأقصى الواقع جنوبي الحرم الشريف الى مستهل القرن الثامن، في فترة حكم عبد الملك بن مروان، الذي بني قبة الصخرة، أو ابنه الوليد بن عبد الملك بن مروان (705-715 ميلادي). وقد تم بناء المبنى مجددا عدة مرات وجرى تجديده آخر مرة في العام 1053م، في الحقبة الفاطمية، بعد الزلزال الذي وقع في العام 1033م.

من بين مجموعة القباب المبنية في الحرم الشريف تجدر الاشارة الى "قبة المعراج" التي تقع شمال غرب قبة الصخرة وتشير الى المكان الذي عرج منه النبي محمد الى السماء. يعود تاريخ المبنى الى القرن الـ 12، وهناك من يعيده الى القرن الثامن الميلادي. هناك مبنى تذكاري آخر هو "قبة النبي" التي تقع شمالي قبة الصخرة وتم بناؤها في القرن الـ 16 من قبل محمد بيه. على غرار تاريخ "قبة المعراج"، هناك من يؤرخ بداية اقامتها الى القرن الثامن. هناك قبة اضافية وهي "قبة السلسلة" التي تقع شرقي قبة الصخرة ويبدو انه تم بناؤها هي الأخرى في القرن الثامن من قبل الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.[3]

هناك مباني دينية اضافية تساهم في تصميم الموقع بدءا من الفترة الأيوبية (القرون 12-13)، مثل المنارة- المأذنة الواقعة في باب الغوانمة وأبراج منتشرة من الفترة المملوكية (القرن الـ 14). هناك مبان أخرى مميزة من الفترة المملوكية وهي "منبر الصيف" ومبنى الوضوء (الكاس). أحد المباني المتميزة التي تلفت الأنظار هو مبنى المدرسة الأشرفية التي بنيت في القرن الـ 15 وهي نموذج للهندسة المعمارية المملوكية.[4]

 

تاريخ جبل الهيكل/الحرم الشريف

لم يتم أبدا القيام بحفريات أثرية منظمة في جبل الهيكل/الحرم الشريف، ولهذا فإن معظم المعلومات المتوفرة لدينا حول تاريخ الموقع تعود الى كتابات تاريخية وتحليل أنماط المباني.[5] ديانات التوحيد الثلاث تربط الموقع مع موقع هيكل سليمان من القرن 10 قبل الميلاد، وهناك من الباحثين من يربط ما بين الموقع وبين منطقة العبادات في القدس من الفترة الكنعانية في القرون 10-18 قبل الميلاد.

الشاهد الأوضح على ربط الموقع مع الهيكل الثاني هو حائط المبكى الغربي/ حائط البراق، الذي يعود تاريخه الى نهاية القرن الأول قبل الميلاد أو مستهل القرن الأول الميلادي. هذا الحائط عبارة عن حائط من مجموعة جدران اسناد تم بناؤها لايجاد باحة الهيكل.[6] الحفريات الأثرية التي تمت جنوب وغرب جبل الهيكل/الحرم الشريف كشفت عن آثار عناوين، زخرفات وكتابات تدل على أهمية الموقع في الفترة الرومانية القديمة، أيام الهيكل الثاني. المكتشفات الأثرية في هذه الحفريات، وبضمن ذلك الحجر الذي نقش عليه العنوان "بيت هتكيعا"، يقوي الرواية التي تعتبر جبل الهيكل/الحرم الشريف موقعا للهيكل الثاني.[7] يبدو أن جزءا من الموقع قد بني في ذلك الوقت، غير أنه توجد اختلافات بين الباحثين بخصوص فترة بناء الأبواب. هناك من يؤرخ بناء الحائط الجنوبي وبوابات خلدة الى أيام الهيكل الثاني، بينما يؤرخ آخرون بناء جزء من البوابات في الحائط الجنوبي الى القرن الثامن الميلادي، وهي الحقبة الأموية.[8]

كما يختلف الباحثون حول السؤال: ما الذي تم بناؤه فوق جبل الهيكل بعد خراب الهيكل الثاني في سنة 70 ميلادية. هناك فرضية تفيد انه تم في القرن الثاني الميلادي اقامة معبد روماني وثني في الجبل بأمر من القيصر هدريانوس. ويبدو انه تم هدم هذا المعبد في مستهل الحقبة البيزنطية (القرن الرابع الميلادي)، ومنذ ذلك الحين بقي الموقع فارغا حتى مستهل الحقبة الاسلامية القديمة في القرن السابع.[9]

بدءا من نهاية القرن السابع، ومع أستقرار الحكم الأموي في البلاد، بدأ تطوير جبل الهيكل/الحرم الشريف كموقع صلاة للمسلمين. الى جانب اقامة المباني التذكارية والمسجد الأقصى شجع الحكم الأموي على زيارة القدس- على ما يبدو من أجل منع أو تقليل الحج الى مكة- وتقوية أهمية الحرم الشريف في الاسلام.[10] في نهاية الفترة الأموية، منتصف القرن الثامن، تناقصت أهمية القدس غير أن مكانة القدس ارتفعت في الفترة العباسية والفاطمية واستمر ترميم المساجد. كما لم تتوقف الزيارات الى جبل الهيكل/الحرم الشريف لغاية الفترة الصليبية (نهاية القرن 11).

على النقيض من المسيحيين البيزنطيين الذين حولوا جبل الهيكل/الحرم الشريف الى موقع قمامة، فقد استمر الصليبيون بتقديس الموقع والحفاظ عليه. خلال الفترة الصليبية تم تحويل المسجد الأقصى لكنيسة وكذلك قبة الصخرة. الصليبيون هم الذين أطلقوا على الموقع الجنوبي- الشرقي اسم "اسطبلات سليمان". بعد هزيمة الصليبيين في العام 1187 عاد المسلمون الى الحرم الشريف، ومن الفترة الأيوبية شرعوا في التأكيد على قدسية الموقع ردا على سيطرة المسيحيين في الحرم خاصة والقدس عامة. في الفترة المملوكية (القرون 13-16) لم تكن القدس موقعا اقتصاديا او اداريا لكن تعززت مكانتها الدينية. معظم البنايات الموجودة في الحرم القدسي اليوم تعود الى هذه الفترة، كما تنسب الأبنية من حوله الى الحكام المماليك. في الفترة العثمانية (القرون 16-20) استمر تنامي بناء المباني التذكارية الدينية في جبل الهيكل/الحرم الشريف ومحيطه والقدس وتخصيص الكثير من الموارد كوقف مع تحويل الريع لصالح الحرم الشريف.[11]

 

 

templemount3   templemount2

 

القسم ب- علم الآثار في خدمة الصراع السياسي في جبل الهيكل/الحرم الشريف منذ العام 1967 ولغاية اليوم

تاريخ الوصول الى جبل الهيكل/الحرم الشريف: من المسموح له بالوصول الى جبل الهيكل/الحرم الشريف ومن الذي يحظر عليه الوصول؟

منذ القرن الأول الميلادي ولغاية نهاية القرن الـ 19 كان جبل الهيكل/الحرم الشريف مغلقا أمام مجموعات سكانية مختلفة. في الفترات الرومانية والبيزنطية لم يسمح لليهود بالدخول اليه. من القرن السابع، باستثناء الحقبة الصليبية (القرن الـ 12)، كان الحرم الشريف مغلقا أمام غير المسلمين. وقد تغيرت هذه السياسة في العام 1885، عندما سمح للضيوف المسيحيين رفيعي الدرجة بزيارة الموقع. أما تغيير الوصول الى جبل الهيكل/الحرم الشريف فقد وقع في فترة الانتداب البريطاني، عندما سمح لغير المسلمين بزيارة الموقع مقابل الدفع. بعد حرب الأيام الستة (1967) تقرر الاستمرار في سياسة الانتداب البريطاني وتمكين الاستقلال الذاتي لمؤسسة الأوقاف الاسلامية في الحرم الشريف. اليوم يُتاح دخول غير المسلمين فقط من خلال باب المغاربة. أما اليهودية الأرثوذكسية والمؤسساتية فهي تعارض الوصول الى جبل الهيكل خشية أن يدوس اليهود في موقع كان فيه قدس الأقداس (الذي لم يسمح لأي شخص بالدخول اليه في الفترة التي كان فيها الهيكل قائما، باستثناء الكاهن الأكبر يوم الغفران) وموقعه غير معروف اليوم في جبل الهيكل. منذ الانتفاضة الثانية (2001-2005) تقرر منع دخول الزوار غير المسلمين الى المساجد (الأقصى وقبة الصخرة).

 

التغييرات في الموقع: منذ العام 1967 ولغاية فتح أنفاق الحائط في العام 1996

بعد حرب الأيام الستة قررت دولة إسرائيل أن تحدث تغيير كامل للمنطقة الواقعة الى الغرب من حائط المبكى الغربي والى الجنوب من منطقة جبل الهيكل. كانت المرحلة الأولى هدم حي المغاربة، عشية 8 حزيران 1967، بعد مرور يومين على نهاية الحرب. أما الحي الذي تعود بدايته الى مستهل القرن 13، فقد تم تدميره نهائيا باستثناء بعض البيوت في الطرف الغربي، وتم اعداد المنطقة لتكون باحة صلاة في الحائط الغربي.[12] وقد توجهت منظمة اليونسكو بانتقاد شديد بسبب هدم الحي، الذي كان يضم عددا من المباني الدينية الاسلامية القديمة والهامة جدا في القدس (مسجد البراق والمدرسة الأفضلية وغيرها) وكان لها دور هام في تاريخ البلدة القديمة وصلة سكان المغرب مع القدس.

ان الاتفاق على بقاء منطقة جبل الهيكل/ الحرم الشريف بمسؤولية الأوقاف الاسلامية تضمن بعض التغييرات الملحوظة. وقد انتقلت المدرسة التنكزية (المحكمة) التي تقع بالقرب من باب السلسلة وتطل على جبل الهيكل الى السيطرة الاسرائيلية وتم تسليم مفاتيح باب المغاربة للسلطات الاسرائيلية.[13] أما الطلب الاسرائيلي بتحمل المسؤولية عن باب المغاربة فقد جوبه بداية بأعتراض من قبل الأوقاف الاسلامية، التي ادعت أن المسئولية عن البوابات تعتبر جزءا لا يتجزأ من المسؤولية عن الحرم الشريف. لكن بعد المفاوضات والضغط من قبل السلطات الاسرائيلية تم نقل المسؤولية عن باب المغاربة الى شرطة إسرائيل. هذه القرارات، الى جانب الاعلان عن الموقع المقدس بمثابة "منطقة عامة مفتوحة"، يتم الدخول اليها بدون دفع، هي الأصل في التغييرات المحسوسة والادارية التي طرأت على مكانة الموقع ومحيطه.[14]

في العام 1968 بدأت حفريات اثرية الى الجنوب من جبل الهيكل/الحرم الشريف، بإدارة الجامعة العبرية، وكانت هذه الحفريات الأولى في سلسلة من الحفريات التي تمت كجزء من اعداد الحي اليهودي وحي المغاربة لتصبح مناطق إسرائيلية. وقد أسفر الحفر عن اكتشاف بقايا من الفترات المختلفة في تاريخ القدس، بما في ذلك قبر من الفترة العباسية، مباني من الفترة الأموية وبقايا من الفترة البيزنطية والرومانية. بالاضافة الى ذلك، فقد تم الكشف عن بقايا ومنشآت يعود تاريخها الى فترة الهيكل الثاني، الفترة الرومانية القديمة.[15] أما منطقة الحفريات فقد بقيت كحديقة أثرية لغاية اليوم.

في العام 1969 بدأ حفر الأنفاق التي تسمى اليوم "أنفاق الحائط" التي تمتد من باحة الحائط نحو الشمال بالقرب من الحائط الذي يحد جبل الهيكل/الحرم الشريف. وقد جرت هذه الحفريات من قبل وزارة الأديان بدون إشراف أثري، ولم تكن بمثابة بحث أثري منظم.[16] وقد أوجدت مسطحات (أو مسطحات تحت الأرض) جديدة حول جبل الهيكل/الحرم الشريف واعتبرت بمثابة تهديد لحقوق المسلمين في الحرم الشريف.

أحد حالات الذروة في التوتر الذي كان مرتبطا بهذه الحفريات والتأكيد بشكل معين على مخاوف المسلمين أنها تتم تحت المنطقة المقدسة ذاتها، وقعت في العام 1981، عندما حفر المسؤولون في الحائط الغربي نفقا في المنطقة التي تسمى "باب وورن" نحو جبل الهيكل ذاته. وقد أدت الحفريات الى صدامات بين موظفي الأوقاف الاسلامية وبين المسؤولين عن الحائط الغربي. وقد أمرت السلطات الاسرائيلية باغلاق الفتحة بواسطة الاسمنت. وقد كانت الانتقادات التي وجهت الى إسرائيل بسبب التغييرات التي أحدثتها إسرائيل في منطقة جبل الهيكل/الحرم الشريف أحد الأسباب التي دفعت اليونسكو الى اتخاذ القرار بالاعلان عن القدس كموقع تراث عالمي عرضة للخطر في العام 1982.[17]

وقع هناك تغيير اضافي على مكانة جبل الهيكل/الحرم الشريف مع التوقيع على اتفاقية السلام مع الأردن في العام 1994، التي جاء فيها أنه في الاتفاق الدائم بين إسرائيل والفلسطينيين تؤخذ بعين الاعتبار المصالح والمسؤولية التاريخية للأردن عن الأماكن المقدسة. من الناحية الفعلية استمر الأردن بدفع رواتب موظفي الأوقاف ويعتبر الأردن اليوم الجهة الأساسية التي تفاوضها إسرائيل بخصوص الجوانب الخاصة بجبل الهيكل/الحرم الشريف.

الهدم والحفريات الاسرائيلية حول منطقة جبل الهيكل/الحرم الشريف بعد العام 1967 غيرت تماما المشهد العام للبلدة القديمة. وقد تحولت المنطقة من منطقة مبان مكتظة في الأحياء الفلسطينية، التي تصل الى أسوار جبل الهيكل/الحرم الشريف، الى منطقة غير مأهولة، يستعمل جزء منها للصلاة- باحة الحائط الغربي، جزء منه يستعمل كحديقة أثرية ومعروف بأسم "حفريات الحائط الجنوبي" ("مركز دافيدسون")، وحفريات تمت في مساحات واسعة تحت الأرض وأصبحت كمناطق جذب تاريخية،  لتقوي علاقة شعب إسرائيل مع الهيكل. وقد أدت النشاطات الاسرائيلية الى ايجاد تواجد إسرائيلي مكثف للاسرائيليين في هذه الأماكن، فيما تعاظم التوتر في جبل الهيكل/الحرم الشريف ومحيطه. وقد كانت بوابات الحرم الشريف الحد الأخير الذي ناضلت عليه الأوقاف من أجل الحفاظ على مكانته في الموقع، وهو نضال مستمر لغاية يومنا هذا. وقد وصل التوتر والخشية من الحصار الاسرائيلي الخانق الى ذروته مع فتح أنفاق الهيكل في العام 1996.

 

أحداث 1996: اعداد المسجد المرواني/"اسطبلات سليمان" وهدم أثار جبل الهيكل/الحرم الشريف

في العام 1996، في أعقاب فتح نفق الحائط نحو فيا دلوروزا (طريق الآلآم)، اندلعت مواجهات أدت الى موت عشرات الاسرائيليين والفلسطينيين. ويشهد موظفو سلطة الآثار انه بدءا من العام 1996 هناك صعوبة في فرض الرقابة الأثرية على جبل الهيكل/الحرم الشريف.[18] وفي ذات الوقت بدأت أعمال الأوقاف الاسلامية في المسجد المرواني لاقامة مسجد في الطبقة الواقعة تحت الساحة،[19] في الجزء الجنوبي- الشرقي من المنطقة، الى الشرق من المسجد الأقصى. وقد تمت أعمال اعداد المسجد المرواني بواسطة ماكنات ثقيلة أدت الى هدم كبير للأثار. وقد تم صرف أطنان التراب المحفور الى وادي قدرون، مكب أبو ديس وأماكن أخرى، دون دمج الأثريين في الحفريات وعلى ما يبدو دون اشراف على الأعمال.[20] ويتضمن تقرير مراقب الدولة في العام 2011 شهادة على الصعوبات في عمليات الرقابة والحصول على تراخيص لتنفيذ أعمال التطوير في جبل الهيكل/الحرم الشريف بين السنوات 2001-2007: "تم الوقوف على الصعوبات الملحوظة في عمليات الرقابة على معظم الأعمال التي تمت في السنوات التي تمحورت فيها الرقابة (2001-2007). وقد تم القيام بهذه الأعمال بدون تنسيق مع السلطات التي تعنى بتطبيق القانون في جبل الهيكل/الحرم الشريف دون الحصول على المصادقات والأذون كما ينبغي".[21]

يبدو انه وسط الخبراء الاسرائيليين والفلسطينيين لا يوجد خلاف بخصوص هدم الآثار خلال بناء المسجد المرواني، غير ان كل طرف يفسر الأحداث بطريقة أخرى. إسرائيل تفحص هدم الآثار من وجهة نظر القانون الاسرائيلي وأن جبل الهيكل/الحرم الشريف يعتبر جزءا من منطقة خاضعة للسيادة الاسرائيلية. أما الفلسطينيون فإنهم لا يكتفون بالحديث عن اتفاقيات بين اسرائيل والأوقاف بخصوص ترميم المسجد المرواني بل ينبغي التعامل مع جبل الهيكل/الحرم الشريف باعتباره منطقة اسلامية خاضعة للقانون الأردني.[22] طبقا للقانون الأردني فإنه ليس من حق سلطة الآثار الأردنية الرقابة على أعمال الأوقاف الاسلامية في الحرم الشريف، وهذا هو القانون في سلطة الآثار الاسرائيلية.[23]

يقع المسجد المرواني ("اسطبلات سليمان") في فراغ يحد أبواب خلدة وحفريات الحائط الجنوبي، التي قامت بها إسرائيل في السنوات 1968-1982. في اعقاب فتح أنفاق الحائط ازدادت الخشية لدى الأوقاف الاسلامية بأن إسرائيل تسعى الى تحويل "اسطبلات سليمان" الى منطقة صلاة يهودية عن طريق فتح أبواب خلدة.[24] من وجهة نظرهم، ينتقد الخبراء اليهود ترميم المسجد المرواني ليس من باب هدم الآثار وانما لأن مجموعات من اليهود اعتبرت الفراغ فرصة لبناء كنيس في الموقع المقدس.[25]

هناك صعوبة في تقدير حجم هدم الاثار في جبل الهيكل/الحرم الشريف، وهذا لعدة أسباب. بداية، لعدم توفر الرقابة الأثرية على الأعمال، ولم يتواجد في الميدان خلال الأعمال أي أخصائي آثار بمقدوره توفير رأي مهني. ثانيا، الانتقاد الكثير بحكم الهدم في الموقع وهي بالطبع متأثرة من الأمنيات لدي الكثيرين الذين يطمحون في سيادة إسرائيلية تامة في جبل الهيكل/الحرم الشريف. وفي ذات الوقت عملت الأوقاف بصورة واعية على تقوية السيطرة الاسلامية في جبل الهيكل/الحرم الشريف، ولم يكن الحفاظ على الآثار في سلم أولويات الأوقاف واعتباراتها السياسية بالأساس. وهذا رغم أنه كتبت على مدار سنوات تقارير ومقالات بخصوص حجم الهدم وأهمية المكتشفات التي هدمت. يبدو أن معظم البقايا التي لحق بها الضرر تعود الى الفترات الاسلامية، بدءا من الفترة الأموية (القرن السابع) ولغاية الفترة العثمانية (القرن الـ 19). وهذا هو رأي جهات سلطة الآثار.[26] تقوم الفرضية على أنه خلال أعمال الأوقاف أصيبت بقايا يمكن أن تنسب الى فترة الهيكل الثاني، لكن يبدو أن هذه البقايا كانت قليلة ومن غير الواضح ما حقيقتها.[27]

في العام 2000 أقيمت اللجنة الشعبية لمنع هدم الآثار في جبل الهيكل.[28] وقد نجحت في تجنيد قائمة مثيرة تضم أعضاء كنيست، نشطاء جماهيريين، مثقفون وأكاديميون، وكذلك شخصيات تنتمي الى اليسار الاسرائيلي، أو اشخاص ليسوا ضالعين في نشاطات سياسية،[29] الذين عارضوا هدم الآثار في جبل الهيكل/الحرم الشريف. جزء كبير من الرقابة الموجهة من قبل اللجنة موجهة بخصوص هدم الآثار من فترة الهيكل. ومع التطرف الديني والقومي في القدس تراجع الكثير من أعضاء اللجنة الأصليين عن عضويتهم أو نشاطهم في اللجنة،[30] لكن هناك ما يشهد من خلال قائمة الداعمين على الاهتمام العام في المجتمع الاسرائيلي بكل ما يتعلق بالآثار في جبل الهيكل/الحرم الشريف.[31]

ترميم المسجد المرواني أدى الى زيادة الضغط والانتقاد على السلطات الاسرائيلية والمطالبة بالاشراف الوثيق على ما يدور في جبل الهيكل/الحرم الشريف. رغم أن مجموعات يهودية تعمل على تغيير الوضع القائم في جبل الهيكل/الحرم الشريف وانتظمت قبل ذلك، فإن الادعاءات بخصوص هدم الآثار تستعمل كمبرر أساسي لطلب حماية منطقة جبل الهيكل وتراثه المهدوم في الظاهر من قبل الأوقاف الاسلامية.[32]

بالاضافة الى ذلك، ينبغي الاشارة الى أنه بدءا من العام 2005 ولغاية اليوم يتم في أسفل حي الطور، خارج نطاق البلدة القديمة، في منطقة تسمى "عيمق تسوريم"، مشروع "تصفية التراب من جبل الهيكل/الحرم الشريف" على أنها نشاطات مثيرة للطلاب والزوار. وهو يتم بدعم جمعية العاد (جمعية استيطانية تدير أيضا مركز الزوار في جبل الزيتون والموقع الأثري "مدينة داوود"). مشروع تصفية التراب ليس حفرا أثريا وليست له أية قيمة علمية. وهو يهدف من الناحية العملية الى كشف آثار من الهيكل أو بقايا يهودية أخرى، وتم تصفية القليل من التراب نسبيا. ومن كل النواحي لا يمكن له أن يوفر معلومات موثوقة بخصوص حجم الهدم في جبل الهيكل/الحرم الشريف. هذا مثال على مشروع يدمج ما بين الآثار والاعتبارات الدينية، القومية والسياسية.[33]

 

التغييرات في الوضع القائم خلال السنة الأخيرة

في صيف العام 2014 شهدنا تغييرات غير مسبوقة في نشاطات السلطات الاسرائيلية حول جبل الهيكل/الحرم الشريف.[34] في شهر آب 2014 بدأت إسرائيل ببناء جسر حي المغاربة الجديد. بعد مرور بضع ايام على ذلك، في أعقاب ضغط من الأردن، أمر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتفكيك الجسر وأعلن أن البناء تم بدون موافقة ديوانه.[35] بناء جسر حي المغاربة هو مسألة سياسية بدأت بانهيار الجسر في العام 2004، ومنذ ذلك الحين تحاول اسرائيل التوصل الى اتفاق مع حكومة الأردن ومع الأوقاف الاسلامية لبناء الجسر الجديد.[36] مسألة جسر حي المغاربة مرتبطة بمسألة السيطرة على المعابر والدخول الى جبل الهيكل/الحرم الشريف: اليوم، كما ورد، فإن جسر حي المغاربة هو الوحيد الذي يتاح عبره الدخول لغير المسلمين وتسيطر عليه شرطة إسرائيل.

في العام 2014 وضعت في الموقع المسمى "الحائط الصغير" لافتة تطلب المحافظة على قدسية المكان. وقد وضعت بلدية القدس اللافتة رغم أن "الحائط الصغير" لم يعترف به أبدا كموقع مقدس. "الحائط الصغير" هو مقطع صغير من حائط الاسناد الغربي في جبل الهيكل/الحرم الشريف وهو لصيق ببوابة الحديد التي تتيح دخول المسلمين الى الحرم الشريف. وهو يعتبر أقرب مكان من قدس الأقداس في الهيكل الذي يحق لليهود الصلاة فيه. يصل طول هذا المقطع الى حوالي 10 أمتار، وفي السنوات الأخيرة يستعمل للصلاة من قبل اليهود، خاصة أيام الجمعة. إن فتحه لصلاة اليهود يولد احتكاكا بين السكان الفلسطينيين الذين يعيشون في منطقة قريبة وبين اليهود الذين يأتون للصلاة فيه.[37] إن تواجد المصلين اليهود قرب البوابة الحديدية يتيح لهم التأثير على الأجواء في الدخول عن طريق هذه البوابة.

إن الصراع على السيطرة على البوابات في جبل الهيكل/الحرم الشريف يدور مؤخرا بقوة أكبر مع قرار شرطة إسرائيل اغلاق عدد من البوابات في ساعات الصباح، خاصة في مواعيد زيارات اليهود وليس المسلمين للموقع (القرار يعني تقليص وصول المسلمين الى الموقع). هذا الصراع هو أحد المجالات الأساسية التي تتمحور فيه السلطات الاسرائيلية من أجل خلق وضع قائم في الموقع. إن السيطرة على البوابات تتيح السيطرة على الداخلين والخارجين، بحيث يمكن تبريرها بالاحتياجات الأمنية، أو عرضها على أنها نشاطات لا تمس بمكانة الأوقاف الاسلامية في الموقع، رغم أن معناها الواضح هو السيطرة على الموقع. الى جانب اغلاق قسم من بوابات جبل الهيكل/الحرم الشريف لدخول المسلمين ينبغي اضافة القرار الخاص ببناء جسر حي المغاربة بدون تنسيق مع الحكومة الأردنية والأوقاف الاسلامية. يبدو انه حتى ان تم تنفيذ هذه العمليات بدون علم ديوان رئيس الحكومة، انها قد تمت من خلال الطموح الى تقوية السيطرة الاسرائيلية في مدخل الموقع ومن خلال التصور بأنه بخصوص كل ما يتعلق بالبوابات فقد نضجت الشروط لتحديد حقائق على الأرض بصورة أحادية الجانب.

 

 

ملخص واستنتاجات

شهد جبل الهيكل/الحرم الشريف نقلات وتغييرات كثيرة على مر الأجيال، لكن بدءا من القرن الثامن، خاصة بعد هزيمة الصليبيين في القرن الـ 12، تطور الموقع كمكان مقدس للمسلمين. التغييرات الملحوظة التي طرأت فور العام 1967: من ناحية، استمرت إسرائيل في احترام مكانة الأوقاف الاسلامية في الحرم الشريف، لكن من الناحية الأخرى أوجدت ملابسات لتغيير هذه المكانة، ومن أشهرها السيطرة على باب المغاربة واقامة مقر الشرطة في مبنى "المحكمة" الذي يسيطر على الموقع المقدس.

فور حرب الأيام الستة أوجدت إسرائيل منطقة جديدة من حول جبل الهيكل/الحرم الشريف: تم هدم حي المغاربة، اجراء حفريات أثرية على طول الجدار الجنوبي للموقع، ولاحقا بدأت حفريات تحت الأرض من ساحة الحائط الغربي، تحت الحي الاسلامي وعلى مقربة من الجدار الغربي لجبل الهيكل/الحرم الشريف. في حفريات الأنفاق وقعت على الأقل حالة واحدة من الدخول الى منطقة جبل الهيكل/الحرم الشريف ذاتها.

التغيير الملحوظ التالي بدأ بعد فتح أنفاق الحائط في العام 1996 والأعمال في المسجد المرواني، في المنطقة المسماة "اسطبلات سليمان" تحت المسجد الأقصى. منطقة المسجد، التي تعتبرها الكثير من المجموعات الاسرائيلية كمنطقة يمكن اعدادها كموقع لصلاة اليهود، حركت هذه المجموعات لزيادة النضال لتوسيع التواجد اليهودي في جبل الهيكل. الى جانب الانتقاد بخصوص هدم الأثار في جبل الهيكل فقد تعزز نزع الشرعية وسط الجمهور والموقف السلبي ضد ادارة الموقع من قبل الأوقاف الاسلامية. وقد وصل هذا الأمر الى ذروته في صيف 2014 مع محاولة اقامة جسر حي المغاربة وتغيير ساعات فتح بوابات جبل الهيكل/الحرم الشريف.

عند فحص الضلوع الاسرائيلي في شرقي القدس عموما وفي المنطقة المحيطة بجبل الهيكل/الحرم الشريف، أي البلدة القديمة وقرية سلوان، بصورة خاصة، لا شك أن المصلحة الاسرائيلية هي حفظ وتقوية السيطرة الاسرائيلية. تستثمر السلطات الاسرائيلية وجمعيات المستوطنين جهودا في تحويل قرية سلوان الى موقع سياحي والمستوطنة الاسرائيلية "مدينة داوود". تمر البلدة القديمة بتطوير غير مسبوق يؤكد على العلاقة اليهودية مع المدينة والحق التاريخي لشعب إسرائيل في القدس. هذه الأعمال، الى جانب الاهمال على مر عشرات السنين بحق السكان الفلسطينيين وتعزز المفهوم وسط الجمهور الاسرائيلي بأن القدس القديمة ستبقى إسرائيلية الى الأبد، تشكل الأساس في المطالبة بتغيير الوضع القائم في جبل الهيكل/الحرم الشريف. إذا كانت إسرائيل تقوم بتغيير المشهد العام والتواجد الاسرائيلي حول جبل الهيكل/الحرم الشريف، فلا بد من المطالبة بتغيير الواقع في جبل الهيكل/الحرم الشريف ذاته. حتى لو كانت إسرائيل الرسمية تتنصل من المجموعات اليهودية التي تزور جبل الهيكل/الحرم الشريف وتطالب بتغيير الوضع القائم، فإن نشاطاتها من حول الموقع وفي جبل الهيكل/الحرم الشريف ذاته تدل على أن الوضع في جبل الهيكل/الحرم الشريف لم يكن ثابتا منذ العام 1967، ومنذ ذلك الحين استمر الطموح باحداث تغييرات في الموقع. المنعطف الذي تشهده خلال السنوات الأخيرة هو ازياد الأصوات التي تطالب بالسيطرة الاسرائيلية التامة على جبل الهيكل/الحرم الشريف.

بعد مرور عشرات السنوات على الحفريات الأثرية، ومع تعاظم الاستعمال السياسي للأثار في جبل الهيكل/الحرم الشريف، هناك حاجة الى خطوات تعيد الثقة والتعاون بين الأطراف. الى جانب الخطوات السياسية، مثل الاعتراف بالمكانة الخاصة للاوقاف الاسلامية وحقها في ادارة الحرم الشريف بدون تدخل جهات إسرائيلية، ينبغي السعي الى تعاون على أساس الاتفاقيات الدولية الخاصة بمنظمة اليونسكو (UNESCO) وايكوموس (ICOMOS). هذه المواثيق، التي تعنى بحفظ وتطوير المواقع التراثية، يمكن أن تكون أساساً للحوار حول الآثار وأهمية التقاليد وتخفف من التوتر السياسي والديني بين الأطراف.

غير أن الطريق الوحيد للحفاظ على المكانة الدينية والتاريخية لجبل الهيكل/الحرم الشريف على مدى بعيد هو الاتفاق السياسي، بحيث يعترف بهذا الموقع كجزء هام واساسي من المواقع التراثية في القدس. وبهذا الشكل، فإن الموقع لا يصبح موقعا هاما في دين الاسلام وحسب بل يصير موقعا من المواقع التراثية العالمية الأكثر أهمية، وينبغي على المجتمع الاسرائيلي أن يقبل كون الموقع مقدسا في الاسلام منذ ألف عام ونيف.

 

[1]  ي. مزراحي، "من سلوان الى جبل الهيكل- الحفريات الثرية كوسيلة للسيطرة على قرية سلوان والبلدة القديمة في القدس"، عيمق شفيه، 2013.

[2]  ي. مزراحي، "القدس التحتا- حفر الأنفاق، أنفاق وفراغات تحت الأرض في الحوض المقدس"، من "بين القدسية والدعاية"، عيمق شفيه، 2011.

[3]  مريم روزين- أيلون، "مصدر قديم حول بناء قبة السلسلة في جبل الهيكل"، كاتيدرة 11، 1979، ص ى184-185.

[4]  .Michael Hamilton, Mamluk Jerusalem: An architectural study, London, 1987

[5]  Rosen-Ayalon, Miriam, Qedem – Volume 28: The Early Islamic Monuments of al-Haram al-Sharif, Jerusalem: An Iconographic Study, Jerusalem, 1989

[6]  تسوفيا هيرشفيلد، اكتشاف: جزء من الحائط لم يتم بناؤه من قبل هورودوس، موقع ynet.

[7]  بنيامين مزار، "القدس في فترة بيت هورودوس على ضوء الحفريات في الجنوب وجنوب غرب جبل الهيكل"، كاتيدرة 8، 5738، ص 29-41، أوريت بيلج- بركات، الزخرفة المعمارية الهوروديانية على ضوء المكتشفات من حفريات جبل الهيكل، القدس، 2007.

[8]  R. Shani and D Chen, "On the Ummayyad Dating of the Double Gate in Jerusalem", Muqarnas 18, 2001, pp. 1-40

[9]  بنيامين آيزك، "القدس بعد التمرد الكبير لغاية أيام قسطنطين"، ص 2-13، يورام تسفرير، "الطوبوغرافيا والآثار في القدس بالفترة البيزنطية"، ص 323-330، يورام تسفرير وشموحئيل سفراي (محررون)، كتاب القدس: الفترة الرومانية والبيزنطية (60-638)، القدس: 1999.

[10]  ع. العاد، "جبل الهيكل في الفترة الاسلامية القديمة"، من: يتسحاق رايتر (محرر)، سيادة الله والانسان- القدسية والمركزية السياسية في جبل الهيكل، القدس، 2001، ص 57-109.

[11]  يتسحاق رايتر، "القدسية والسياسة في تاريخ جبل الهيكل"، سيادة الله والانسان- القدسية والمركزية السياسية في جبل الهيكل، القدس، 2001، ص 5-13.

[12]  Reiter & J. Seligman, "1917 to the Present: Al-Haram al-Sharif/Temple Mount and the Westen Wall", O. Grabar and B. Z. Kedar (eds.). Where Heaven and Earth Meet: Jerusalem's Sacred Esplanade, 2010, pp. 251.

[13]  N. Al-Jubeh, "1917 to the Present: Basic Changes, but not Dramatic: Al-Haram Al-Sharif in the Aftermath of 1967", in Grabar and Kedar. Where Heaven and Earth Meet, p. 275-277.

[14]  Ibid, pp. 277-281

[15]  هـ جيفع، "تلخيص خمسة وعشرون عاما من البحث الأثري المجدد في القدس"- انجازات وتقديرات"، كدمونيوت- 102-101، 1993، ص 9-24، H. Geva, "List of Major Archaeological Activities in Jerusalem, 1967-1992", Ancient Jerusalem Revealed, 1994, pp. 325-330.

[16]  N. Al-Jubeh, "1917 to the Present: Basic Changes, but not Dramatic: Al-Haram Al-Sharif in the Aftermath of 1967", in Grabar and Kedar. Where Heaven and Earth Meet, p. 276.

[17]  Ibid, p. 257.

[18]  ج أفني وي. زليجمان، جبل الهيكل 1917-2001- توثيق، بحث وحفظ الأثريات، القدس، 2001؛ J. Seligman, "Solomon’s Stables, The Temple Mount, Jerusalem: The Events Concerning the Destruction of Antiquities 1999–2001", 'Atiqot 56, pp. 33-53.

[19]  تمت الأعمال بمشاركة الحركة الاسلامية في إسرائيل.

[20]  J. Seligman, "Solomon’s Stables, The Temple Mount, Jerusalem", 'Atiqot 56, p. 42.

[21]  تقرير مراقب الدولة للعام 2010، "قضية العمال في جبل الهيكل"، 2011، ص 1843-1844.

[22]  J. Seligman, "Solomon’s Stables, The Temple Mount, Jerusalem", 'Atiqot 56, p. 41.

[23]  للمزيد حول غياب تدخل السلطات الردنية في ادارة الموقع راجع: Y. Reiter & J. Seligman, "1917 to the Present: Al-Haram al-Sharif/Temple Mount and the Westen Wall", Grabar and Kedar. Where Heaven and Earth Meet: pp. 244-248

[24]  ي. النتشة، المسجد المرواني، بين طموحات الماضي وأخطار المستقبل، مدير السياحة والآثار، الأوقاف، القدس، 2012.

[25]  N. Al-Jubeh, "1917 to the Present: Basic Changes, but not Dramatic: Al-Haram Al-Sharif in the Aftermath of 1967", in Grabar and Kedar. Where Heaven and Earth Meet, p. 281.

[26]  J. Seligman, "Solomon’s Stables, The Temple Mount, Jerusalem: The Events Concerning the Destruction of Antiquities 1999–2001", 'Atiqot 56, pp. 33-53

[27]  Ibid., pp. 45

[28]  موقع الانترنت اللجنة الشعبية لمنع هدم الآثار في جبل الهيكل.

[29]  موقع الانترنت الخاص باللجنة الشعبية لمنع هدم الآثار في جبل الهيكل، أعضاء اللجنة.

[30]  ن. حسون، "مثقفون يتنصلون من لجنة منع هدم الآثار"، هآرتس، 19 شباط 2014.

[31]  راجع ايضا الموقعون على العريضة: مناشدة لمنع استمرار هدم الآثار في جبل الهيكل بالقدس.

[32]  لمزيد من المعلومات حول المجموعات اليهودية التي تعمل في جبل الهيكل راجع تقرير عير عميم وجمعية كيشف: ي. بار، "علاقة خطيرة- ديناميكية التعاظم لحركات الهيكل في إسرائيل ومدلولاتها"، أيار 2013.

[33]  ر. جرينبيرغ وي. مزراحي، "علم الاثار في منزلق ناعم: مشروع التخلية الخاص بالعاد في "عيمق تسوريم"، عيمق شفيه، 2012، وكذلك ج. بركاي وس. تسفايج، "مشروع تصفية التراب من جبل الهيكل"، تجديدات في بحث القدس، أ. باروخ، س؟ جرينهورت، أ. فاوست (محررون)، 2006.

[34]  عيمق شفيه، "بناء جسر مؤقت وجديد بالقرب من جسر المغاربة"، 12 آب 2014.

[35]  ن. حسون، ب. رفيد، "رئيس الحكومة يأمر بتفكيك الجسر الخشبي الجديد الخاص بجبل الهيكل في أعقاب ضغط القصر الأردني"، هآرتس، 3 أيلول 2014.

[36]  قضية جسر المغاربة في نشرات عيمق شفيه:"لماذا يعتبر جسر المغاربة مسألة سياسية؟"، 9 أيلول 2014.

[37]  ع. الدار، "انتهاك الوضع القائم: فتح الحائط الصغير أمام المصلين اليهود"، هآرتس، كانون الثاني 2011.


Back to top