تل رميدة- الحديقة الأثرية في الخليل
10 נובמבר, 2014Tلتحميل التقرير الكامل بصيغة PDF
1. تل رميدة- الملامح العامة
الخليل هي المدينة الوحيدة في الضفة الغربية التي تقع داخلها مستوطنة يهودية، ولهذا فإن الاحتكاك بين اليهود والفلسطينيين في غاية الصعوبة. مدينة الخليل مقدسة لدى أبناء الشعبين، وهي في المرتبة الثانية في أهميتها بالنسبة لليهود بعد القدس، والثانية بأهميتها في فلسطين وإسرائيل بالنسبة للمسلمين. تقع في الخليل معرات همخبيلاه (الحرم الابراهيمي)، وهي وفقا للتقاليد اليهودية المكان الذي دفن فيه الآباء ابراهيم، يتسحاق ويعقوب والأمهات سارة، رفكا ولئا. الأغلبية الساحقة من السكان اليهود والمسلمين في المدينة يتبنون نمط الحياة الديني. معظم الزائرين اليهود الذين يزورون الخليل- مئات آلاف الزوار كل عام- هم من المحافظين أو المتدينين، الذين يزورون معرات همخبيلاه (الحرم الابراهيمي) من أجل الصلاة فيها بحكم قدسية المكان.
الموقع الأثري الذي يسمى تل رميدة (ارتفاعه 936م) يقع فوق تفرع نزولاً نحو الشرق من جبل رميدة، غربي مركز البلدة القديمة اليوم (المنطقة التي من حول معرات همخبيلاه/الحرم الابراهيمي). يقع التل في الطرف الغربي من المنطقة الخاضعة لسيطرة إسرائيل (H2) ويشكل جيبا يخترق المنطقة الفلسطينية (يمكن مراجعة الخارطة المرفقة). في أسفل التل، الى الشرق منه، هناك عين تسمى عين جديدة.
معظم مساحة التل مستخدمة وتشتمل على أشجار مثمرة، خاصة أشجار الزيتون. فوق قمة التل هناك بضعة بيوت للفلسطينيين. هناك مجموعة من بيوت الفلسطينيين الأخرى التي تقع في الجزء الشمالي من تلافيف التل. تقع في الموقع المستوطنة اليهودية (حي "أدموت يشاي"). في الجزء الشرقي، في منطقة العين، هناك بيوت للفلسطينيين. تعود ملكية الأراضي في التل لعدد من العائلات الفلسطينية (النتشة، أبو هيكل وغيرها). في الجزء الشمالي- الغربي تقع المقبرة اليهودية التي تسمى "المقبرة القرائية". هناك ثلاث قطع، اثنتان في القسم الشمالي-الغربي وقطعة في الجزء الجنوبي، تعتبر أراض بملكية يهودية، تم شراؤها من قبل سكان البلدة القديمة في منتصف القرن الـ 19[1] (القسائم 52 و- 53 هي القسائم المعروفة من بينها).
2. العلاقة بين الحفريات الأثرية والاستيطان
جرت الحفريات الأولى في الموقع في فترة الحكم الأردني، في السنوات 1964-1966، من قبل عالم الآثار الأمريكي هاموند (Ph. Hammond).[2] وقد وضعت الكرافانات الأولى للمستوطنة اليهودية في تل رميدة في العام 1984، في نهاية ولاية يتسحاق شمير كرئيس للحكومة في إسرائيل. أما وزير الدفاع في حينه، يتسحاق رابين، الذي عارض الاستيطان في الموقع، فقد قرر القيام بحفريات أثرية في القطع التي كانت تعتبر بملكية يهودية ولم يتم بعد الاستيطان بها. كان الهدف من هذا الاجراء منع توسع المستوطنة. مع اندلاع الانتفاضة الأولى في العام 1987 توقفت الحفريات.[3] في العام 1999 أجرت سلطة الآثار حفريات في منطقة المستوطنة اليهودية في تل رميدة في أعقاب طلب المستوطنين بناء بيوت ثابتة في الموقع.[4] وقد عارضت مجموعة من كبار علماء الآثار الحفريات في الموقع لأنها تهدف الى إضفاء شرعية على البناء فوق تلة أثرية قديمة وهامة، وهو أمر يتناقض مع السياسات الأثرية كما كان دائما. وقد توجهت المجموعة وطلبت المساعدة من المحكمة العليا وطلبت منع البناء (ملف محكمة العدل العليا 99/264) غير أن محكمة العدل العليا رفضت الالتماس وصادقت على الحفر والبناء.[5] يقع في هذه المنطقة اليوم حي "أدموت يشاي" ويسكن فيه المستوطنون وهو عبارة عن حوشين. فوق منطقة الحفريات تم بناء مبنى متعدد الشقق وهو قائم على أعمدة بطريقة يمكن من خلالها كشف الطبقة الأثرية للجمهور. هناك مجموعة أخرى من البيوت وهي عبارة عن كرافانات موضوعة في طرف منطقة الحفريات.
3. حفريات 2014: الحديقة الأثرية المستقبلية للخليل في تل رميدة
في مستهل شهر كانون الثاني 2014 بدأت حفرية أثري جديدة في تل رميدة.[6] وقد تم الحفر في أعلى التل، في المنطقة الواقعة فوق المستوطنة اليهودية ( "أدموت يشاي") وبين بيوت الفلسطينيين (جنوب-غرب المستوطنة). يتم ادارة الحفر من قبل سلطة الآثار وجامعة أريئيل كجزء من تطوير الحديقة الأثرية في تل رميدة، بتكلفة أولية تصل الى 7 مليون شيكل من ميزانية وزارة الثقافة والرياضة.
في الشهر الأول تم الحفر في المساحة المسماة 52 (يمكن مراجعة الخارطة المرفقة). وقد اصيب المنقبون بخيبة أمل لأنه اتضح أن الصخرة الأم في معظم المنطقة عالية جدا ولم يتم العثور تقريبا على بقايا أثرية قديمة. بالاضافة الى ذلك، فقد تم الكشف عن بعض القبور في المنطقة، وهي تعود وفقا للمنقبين الى الفترة الرومانية المتأخرة. في أشهر الربيع من العام 2014 جرت حفريات في القسيمة 53 (يمكن مراجعة الخارطة). في هذه المنطقة تم الكشف عن بقايا مباني ومنشآت من الفترة الرومانية القديمة (القرن الأول قبل الميلاد- القرن الأول بعد الميلاد) والبيزنطية (القرون 4-7 للميلاد) وقطع زراعية منظمة من القرون المتأخرة.[7] خلال أشهر الصيف تم الكشف عن منشئات تم تصنيفها على أنها برك تطهر دينية.
في طرف القسيمة 53 تم الكشف في سنوات الـ 80 عن سور البلدة القديمة من الفترة البرونزية الوسطى (القرون 16-18 قبل الميلاد). وقد تم حفر هذا السور مرة أخرى من قبل سلطة الآثار في أيار- حزيران 2014. وقد تم ربط هذه الفترة من قبل بعض الباحثين مع فترة الاباء المكرائية/ التوراتية. كما كشفت في الموقع شواهد لمباني من الفترة الحديدية I (القرن 10-12 قبل الميلاد) المنسوبة الى نهاية الفترة الكنعانية وبقايا من الفترة الحديدية II (القرون 7-8 قبل الميلاد)، فترات ممالك يهودا وإسرائيل.
وفقا لتقديراتنا سوف تشتمل الحديثة الأثرية المخططة على المساحات التي تم حفرها من قبل جامعة تل أبيب في سنوات الثمانينات وكذلك المساحات التي حفر فيها هاموند في سنوات الستينيات من القرن العشرين في الناحية الجنوبية- الشرقية من التل. أما البقايا الأثرية التي تم الكشف عنها فقد بقيت مكشوفة في الميدان لكن مع مرور السنين تراكمت نفايات وتراب في المكان.
4. المكتشفات الأثرية
الحفريات التي اجريت في الموقع على مر السنين تشير الى بداية الاستيطان فيه في الألف الرابع قبل الميلاد، في الفترة الكلكوليتية وفي الفترة البرونزية القديمة I. أما بداية الاستيطان الموسع في الموقع فهي تعود الى الفترة البرونزية القديمة III (2500-2800 قبل الميلاد).[8] وقد بنيت في الموقع في حينه بلدة محصنة، بلدة تم اعادة ترميمها بمساحة تصل الى حوالي 30 دونم. وقد تُركت هذه المدينة وأسست من جديد في الفترة البرونزية الوسطى 1-2 (1600-2000 قبل الميلاد). في تلك الفترة كانت المدينة محاطة بسور ضخم من الحجارة وقد بنيت بحجارة مربعة كبيرة وملساء من الخارج. هذا التحصين الكبير يدل على أهمية المدينة في هذه الفترة. هناك شاهد اضافي عبارة عن لوح طيني بخط مسماري عثر عليه في الموقع يدل على منظومة ادارة قائمة بحد ذاتها وادارة علاقات تجارية مع الممالك المحيطة.[9] وقد تم النزوح عن هذه المدينة في ختام الفترة. وقد عثر في الموقع من الفترة البرونزية المتأخرة (1660- 1200 قبل الميلاد) على شواهد على قبور والقليل من الأدوات الفخارية، لكن لم يعثر على طبقة بلدة. وقد تجدد الاستيطان في البلدة في الفترة الحديدية I (1000-1200 قبل الميلاد). وقد عثر على قرية كبيرة من تلك الفترة. بعد مرور فجوة استيطانية في القرون 9-10 قبل الميلاد تجدد الاستيطان في الموقع في القرن الـ 8 قبل الميلاد. وقد تم العثور في هذه الفترة على مباني سكنية خاصة، صوامع، وأختام "الى الملك" على مقابض الأباريق. وقد كانت الخليل في حينه جزءا من مملكة يهودا المكرائية/ التوراتية. وقد لحق الخراب بالبلدة وتركها أهلها مع خراب مملكة يهودا في العام 586 قبل الميلاد وتجددت في الفترة الهلينستية والرومانية القديمة (350 قبل الميلاد، القرن الأول الميلادي). في تلك الفترة كانت هناك بيوت سكنية خاصة. وقد انتهى هذا الاستيطان في ختام القرن الأول الميلادي. في هذه الفترة كانت الخليل جزء من ادوم وسميت "ادوما".[10] بعد فجوة امتدت لفترة ما تجدد الاستيطان في الفترة الرومانية المتأخرة (في القرون 3-4) وتوغلت في الفترة البيزنطية. في الفترة البيزنطية والاسلامية القديمة، وبعد ذلك في الفترة الصليبية، الأيوبية، المملوكية وفي الفترة العثمانية، انتقل مركز البلدة الى البلدة القديمة اليوم. وقد بني في الموقع مبنى سمي "دير الأربعين" كان يستعمل على ما يبدو كحصن ومبني حكم وتم تحويله الى مسجد.
5. دير الأربعين ("قبر روت ويشاي")
فوق رأس التلة، في القسم الغربي منها، يوجد مبنى قديم المعروف بدير الأربعين، وهو حوش يحتوي على سوراً وبوابة دخول تؤدي الى ساحة مفتوحة. وقد استعمل المكان كمسجد لغاية منتصف سنوات الـ 90. في أعقاب المذبحة التي قام بها باروخ جولدشتاين في الحرم الابراهيمي في العام 1994 قرر الجيش الاعلان عن الموقع كمنطقة عسكرية. تحت حماية الجيش تم تحويل المكان لكنيس ومنع دخول المسلمين اليه لأسباب أمنية. أما يهود الخليل فإنهم يعتبرون المكان "قبر روت ويشاي".[11]
6. عرض الموقع
عمل الاستيطان اليهودي في الخليل خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير على تنظيم مسارات للمتجولين، من خلال وضع لافتات والتطوير السياحي. تل رميدة، الذي يسميه المستوطنون "تل حفرون"، وضع في المسار الموصى به للزائر.[12] يعرض المستوطنون التل من خلال التركيز على الطبقات المنسوبة إلى فترة الآباء وغيرها من الأحداث التوراتية التي تخدم رسائل المستوطنين السياسية. هكذا على سبيل المثال، فإن الخليل من الفترة البرونزية الوسطى ("فترة الآباء") تتميز بكونها مدينة وصل اليها الجواسيس قبل احتلال البلاد.[13] في هذا السياق يشار الى الرواية المنقولة مشافهة التي تؤكد النصر التوراتي الذي يشير الى أن كليب بن يفونا، الذي صلى في قبور الآباء امتلأ بروح بطولية واحتل الخليل من أيدي العمالقة الذين كانوا يسيطرون عليها.[14]
المسار السياحي الموصى به للزائر يسمى "مسار الخليل في الفترة التوراتية".[15] المحطة الأولى هي عين جديدة، وهي عين يسميها المستوطنون "عين ابراهيم"، ومن هناك يتم الانتقال للزيارة في منطقة الحفريات الأثرية، التي تضم الأسوار من الفترة البرونزية الوسطى، التي يتم عرضها على انها "أسوار العمالقة" التي شاهدها الجواسيس في القصة التوراتية. لاحقا يتم المرور بقسيمة "نحلات شلومو" التي تم شراؤها من قبل اليهود في القرن الـ 19 وهي المعروفة باسم 52 و- 53. في هذه المساحات تمت الحفرية الأثرية في العام 2014. بعد ذلك نصل الى المقبرة اليهودية (القرائية) القديمة وهي مقبرة مركزية في الرواية الخاصة بالاستيطان اليهودي في الخليل، وفيها قبور حاخامات البلدة من القرن الـ 19، اليهود الذين قتلوا في أحداث 1929 والمستوطنين الذين قتلوا منذ اقامة المستوطنة في العام 1968. المحطة التالية هي حي "أراضي يشاي"، حيث أجريت هناك حفريات أثرية في سنوات الـ 80 و- 90. ومن المتوقع أن يقام بصورة ملاصقة لها حديقة أثرية ("حديقة مكرائية/حديقة توراتية") يعرض على الزائرين امكانية "العمل في الآثار والزراعة الأصلية في الموقع التوراتي في عاصمة يهودا".[16] وفي النهاية يتم الوصول الى منطقة "قبر روت ويشاي"، الذي اقيم فيها الكنيس المفتوح للجمهور.
المسار غني بالمضامين ذات التوجه الديني- التقليدي (الغطاس في العين، الحوادث التوراتية، موتى ومقتولين، قبر مقدس يوجد فيه كنيس وغيرها) ويتوجه بالدرجة الأولى للجمهور المتدين أو التقليدي الذي يعرف هذه المضامين ويتعاطف معها. أما الحديقة الأثرية المخططة، مع التأكيد على الزراعة في الفترة التوراتية، فهو يتوجه الى جمهور جديد ويشده للزيارة او العمل في الموقع.[17] ولهذا الغرض فقد تم تجنيد الرواية الأثرية التي تلعب هنا دورا رئيسيا.
7. الدلالات السياسية للحفريات
التصور المهني الدارج في العالم كله، بما في ذلك إسرائيل، أن الحفريات تعني الهدم والمس بالآثار، سواء من خلال كشفها أو نتيجة لازالة طبقات وآثار كجزء من السعي للوصول الى بقايا في طبقات أعمق. في الحالة الراهنة، فإن العمل الأفضل لصالح الآثار هو تغطية منطقة الحفر مرة أخرى. ولهذا فإن قرار الحفر في تل رميدة هو تصريح سياسي.
الحفريات في تل رميدة تتقاطع مع تصريح رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بأن الخليل ستبقى بيدي إسرائيل في أي اتفاقية سلام بين اسرائيل والفلسطينيين.[18] على الرغم من هذا، يبدو أن مشروع الحديقة الأثرية، الذي يعتبر استمرار مباشرا لمشروع الاستيطان في الخليل عامة وفي تل رميدة خاصة، بدأ ينسج خيوطه قبل أربع سنوات على الأقل. في العام 2010 قامت وزيرة الثقافة والرياضة، ليمور ليفنات، بزيارة الخليل الى جانب مدير عام سلطة الآثار.[19] وقد تم الاقرار في حينه على أن تقوم سلطة الآثار بفرض وصايتها العلمية على الحفريات رغم أن كل حفرية تقريباً تتم في الضفة الغربية فهي تتم من قبل ضابط الآثار في الادارة المدنية.
اليوم تتركز السياحة في الخليل حول معرات همخبيلاه(الحرم الابراهيمي)؛ كما ورد؛ فهذه سياحة دينية- أيديولوجية في الغالب، من قبل المستوطنين وأنصارهم. فترة الحكومة السابقة بادر وزير المعارف في حينه، جدعون ساعر، الى تبني مشروع يتم من خلاله احضار التلاميذ الاسرائيليين لزيارة الخليل.[20] وقد تم قطع هذه المبادرة من قبل وزير المعارف الحالي، شاي بيرون. في مقابل هذا، فإن الحديقة الأثرية ستكون وسيلة لجلب آلاف الزوار الى الموقع في بوتقة جولة تاريخية- تعليمية، أي ضمن نشاط ليس سياسيا. إن الانتقال من عرض المستوطنة كموقع ديني الى عرض المستوطنة كمستوطنة وطنية، المغروسة في قلب الاجماع الاسرائيلي، هو اداة مركزية في نضال المستوطنين من أجل التأثير على الرأي العام وتحويل الشوارع الفارغة في الخليل الخاضعة لسيطرة المستوطنين الى شوارع تعج بالحياة.
إن استعمال المواقع الأثرية لاحضار الزوار وتقوية شرعية المستوطنات معروفة من مواقع كثيرة في الضفة الغربية، مثل سلوان ("مدينة داود")، سوسيا، تل شيلو وغيرها. الحالة الخاصة بالخليل/تل رميدة هي حالة مميزة، لأن من المخطط مستقبلا للحديقة الأثرية أن تتوسع في مكان يعتبر من أكثر الأماكن حساسية في المدينة، ضمن منطقة يسكن فيها الفلسطينيون والاسرائيليون بصورة متجاورة علما أن الاحتكاكات بين الجانبين بمثابة أمر روتيني.
8. قرارات اليونسكو بخصوص الخليل
في مستهل العام 2010 أعلنت حكومة إسرائيل عن مشروع "المواقع التراثية الوطنية" الذي ضم في صيغته الأصلية قبر راحيل (مسجد بلال بن رباح) ومعرات همخبيلاه (الحرم الايراهيمي).[21] في وقت لاحق تم اخراج هذه المواقع من القائمة، غير ان التصريحات الأولية لاسرائيل جرت ردود فعل من قبل الدول العربية التي توجهت الى اليونسكو "وطالبت باجراء نقاش حول "التملك الاسرائيلي لمواقع أثرية فلسطينية في المناطق الفلسطينية المحتلة". وقد ناقشت اللجنة الادارية في آذار 2010 "ورقة الحقائق (fact sheet) التي أرفقت بالقرار، لكن في ختام الأمر لم يتم اتخاذ أي قرار بحكم عدم الاتفاق وتم تأجيل المداولة الى وقت لاحق.[22]
وقد طرح الموضوع مرة أخرى في اجتماع لمركز التراث العالمي التابع لليونسكو في البرازيل في صيف 2010، حيث اتخذ هناك قرار بتشجيع جميع الأطراف لمنع أي مس في التراث الثقافي والمشهدي الفلسطيني. كذلك، قبلت توصية باقامة اللجنة الفنية الاسرائيلية-الفلسطينية للآثار، للتنسيق بين الجانبين، وطلب ارسال وفد عن اليونسكو وايكوموس[23] للوقوف على حالة حفظ المواقع التراثية الفلسطينية ذات القيمة الخاصة.[24]
في العام 2011 قبلت اليونسكو فلسطين كدولة عضو. خلال العام 2012 توجه ممثلو فلسطين الى المديرة العامة لليونسكو احتجاجا على شق شارع من كريات أربع الى الخليل، بدعوى أن الأعمال تمس بمجموعة من البيوت القديمة وبحكم الخشية من قيام إسرائيل ببناء سور في المدينة. وقد طرح الموضوع على بساط البحث في اللجنة الادارية لليونسكو وهو قيد المتابعة.[25] بعد قبول فلسطين كدولة عضو في اليونسكو تم اعداد قائمة بالمواقع التي يرغب الفلسطينيون بالدفع قدما بمكانتها كمواقع تراث عالمية. وقد تم ضم مدينة الخليل[26] في العام 2012 في هذه القائمة (التي تسمى القائمة المؤقتة للمواقع الأثرية العالمية في فلسطين"). يبدو أن السلطة الفلسطينية معنية بالدفع قدما بموضوع الاعتراف بالخليل كموقع للتراث العالمي خلال السنوات القريبة. هذه المكانة سوف تساعدها على فرض التحدي ضد النشاطات الاسرائيلية في النواة التاريخية للمدينة. إذا تم ضم تل رميدة في منطقة الاعلان، فإن هذا الأمر سيتيح للفلسطينيين الوصول الى قرار من قبل اليونسكو ضد الحفريات الأثرية.
9. ملخص
موقع تل رميدة في الطرف الغربي للمستوطنة اليهودية في الخليل يتيح للمستوطنين تقوية التواجد الاسرائيلي في موقع من أكثر المواقع حساسية في الخليل (علما ان المستوطنة تثير الكثير من المواجهات والتوترات بين الاسرائيليين والفلسطينيين). اقامة الحديقة الأثرية في التل تتيح ايجاد مسار سياحي يعزل السكان الفلسطينيين الذين يسكنون في التل.
عدا عن الصراع السياسي حول التلة ذاتها، القصة التاريخية- عندما تساق الى جانب مكتشفات أثرية (بغض النظر عن السؤال الى اي حد تناسب الرواية)- فإنها تعرض المستوطنة في الخليل كحق تاريخي بعيد الأمد. بهذا المفهوم، فإن الحديقة الأثرية في تل رميدة تستمد الالهام من نجاح المستوطنين في سلوان وموقع "مدينة داود" في شرقي القدس وأماكن أخرى في الضفة الغربية، مثل سوسيا وتل شيلو.
اليوم يصل عدد المستوطنين في الخليل الى مئات. خلال العقدين الأخيرين شهدنا اغلاق السوق المركزي للخليل وتفريغ الشوارع التي تسيطر عليها إسرائيل وخلوها تقريبا من الناس. إن احضار آلاف الزوار الى الخليل، من خلال عرض الزيارة على أنها جولة تعليمية-غير سياسية في ظل ماضي المدينة، سيحول شوارعها الفارغة الى منطقة تعج بالتواجد الاسرائيلي. من ناحية مستوطني الخليل فإن هذا يعتبر انجازا مُضاعفا: المزيد من التواجد الاسرائيلي وكذلك تقوية الحق بالسكن في الخليل. كما أن الدخل المالي المحتمل من السياحة يعتبر بمثابة قيمة اضافية.
بعد مرور عشرات السنوات من محاولات المستوطنين البناء والسكن في تل رميدة، يبدو أنه تم تبني الادراك بأنه يمكن من خلال السياحة والآثار احتلال التل دون عرض هذا الاحتلال على أنه مستوطنة بكل معنى الكلمة. إن الصراع في الخليل على التراث هو جزء لا يتجزأ من الصراع على الأرض. في هذا السياق، من الواضح أهمية الدور الذي يعزوه المستوطنون لمجال الآثار من خلال استغلاله لتقوية موقفهم.
[1] حول تاريخ اليهود في الخليل راجعوا كتاب الخليل: مدينة الآباء وتوطينها بمرآة الأجيال، عوديد أفيسار (محرر)، القدس: 1970.
[2] موقع الاستيطان اليهودي في الخليل، الأثريات في الخليل.
[3] أ. عوفر، جبل يهودا في الفترة المكرائية، بحث دكتوراة، المجلد الأول (تل رميدة)، 1955، ص 52-60.
[4] "نتنياهو يصادق على اقامة مبان ثابتة في تل رميدة؛ تقوية الوسائل الأمنية"، جلوبس، 24 ىب 1998.
[5] م. راينفلد، "محكمة العدل العليا ترد الالتماس ضد بناء المستوطنين في تل رميدة بالخليل"، موقع والا! أخبار، 14 آب 2001.
[6] ن. حسون، "الدولة تمول مبادرة لمستوطني الخليل لاقامة بارك أثري في تل رميدة"، هآرتس، 9 كانون الثاني 2014.
[7] ع. ايزنبرج، "تجدد الحفريات في تلة الخليل"، مؤتمر الخليل 2014.
[8] ع. ايزنبرج، "تحصينات الخليل في الفترة البرونزية"، كتاب أمنون بن تور، شركة بحث أرض إسرائيل وآثارها، القدس: 2011، ص 14-32.
[9] أ. عوفر، جبل يهودا في الفترة المكرائية، بحث دكتوراة، المجلد الأول (تل رميدة)، 1955، ص 52-60.
[10] أريه كشير، أدوم، عراف واسرائيل: اليهود واهل الكتاب في الفترة الهلنستية والرومانية (332 قبل الميلاد- 70 م)، ياد بن تسفي، 1998.
[11] "قبر روت ويشاي"، موقع ويكيبيديا (بالعبرية)
[12] "تلة الخليل (تل رميدة)"، موقع مركز السياحة والمناسبات، الخليل.
[13] في الصحراء، الفصل ي. ج
[14] في الصحراء، ي. ج، ل، ي. د، و- ي، ك. د.
[15] جولة الى تلة الخليل في سبيل الخليل المكرائية، موقع مركز السياحة والمناسبات، الخليل.
[16] "ملف مشاريع للبناء والتطوير"، موقع الاستيطان اليهودي في الخليل.
[17] ب. طوكر، "تلة الخليل: توقع الوصول الى مكتشفات أثرية هامة"، قناة 7، 23 كانون الثاني 2014.
[18] ب. رفيد، "نتنياهو في حديت لأعضاء كنيست من الليكود: لن نقوم باخلاء الخليل وبيت ايل"، هآرتس، 6 كانون الثاني 2014.
[19] موقع الانترنت الخاص بمعرات همخبيلاة، ارشيف حوادث:"لفنات في الخليل: سنعود للبناء في ختام فترة التجميد".
[20] أخبار القناة 2، "وزير المعارف جدعون ساعر:"سنستمر في الجولات التراثية في الخليل"، ماكو، 27 آب 2012.
[21] لاحقا تم سحب هاتين المنطقتين من المشروع وتم بدلا منها ادخال مواقع أخرى في الضفة الغربية.
[22] القرار 184EX/37 الصادر عن اللجنة الادارية في اليونسكو. جميع المستندات متوفرة في موقع اليونسكو: http://www.unesco.org/new/en/unesco/resources/online-materials/publications/unesdoc-database/
[23] ايكوموس اسرائيل هو الفرع الاسرائيلي لمنظمة ايكوموس العالمية التي تعنى بالمحافظة على المواقع التراثية والثقافية.
[24] WHC-10/34.COM/20, item 11.
[25] القرار 191 EX/10.
Back to top