بيان للرأي العام: تدشين موقع سياحي لتكريس حنين الشعب اليهودي للقدس بالمجمع المملوكي في الحيّ الإسلامي بالبلدة القديمة
4 אוגוסט, 2016نشرت وسائل الإعلام مؤخرا خبر تدشين موقع سياحي هو الأول من نوعه في القدس، أُطلق عليه اسم "رحلة إلى القدس" وهو مكرّس لقدوم اليهود للمدينة على مرّ التاريخ. يتواجد المشروع في البلدة القديمة تحت بيوت حارة المسلمين، في مجمع من العصر المملوكي (القرن ال14) الذي يحتوي على خان وحمام. بادر للمشروع "صندوق تراث الحائط الغربي" وقد بدأ المشروع على شكل تنقيب أثري واستمر كمشروع للحفاظ على الموقع نفّذتها سلطة الآثار على امتداد عقد كامل. المشروع من وجهة نظرنا هو مثال آخر على الأساليب التي تعتمدها السلطات الإسرائيلية لطمس التراث المتعدّد الحضارات للقدس من خلال إبراز رواية معينة خارج سياقها الحقيقي.
تأسّس المشروع السياحي بفعل موافقة سلطة الآثار على إجراء تنقيب أثري صُوّر على أنه جزء من بحث تاريخي للقدس. بدأت الحفريات في عام 2004 تحت كنيس "أوهيل يتسحاق" ثم امتدت إلى المنطقة الواقعة تحت بيوت السكان الفلسطينيين. من الوثائق التي بلغتنا يتبين أن الخطة لإقامة مشروع سياحي يُبرز علاقة شعب إسرائيل بأرضه في المجمع المملوكي، كانت معروفة لدى السلطات منذ عام 2007. بذلك نشأ وضع عبثي واصلت خلاله سلطة الآثار بأعمال التنقيب والحفاظ على الموقع بادعاء أنها أعمال ضرورية من ناحية أثرية لدراسة تاريخ الموقع المملوكي، هذا في حين أنها كانت على علم بأنّ مركزا سياحيا سيُقام في المكان، وسيبرز المضامين اليهودية المعزولة عن السياق الطبيعي والحضاري للمباني. بذلك منحت سلطة الآثار موافقتها على طمس الرواية التاريخية للموقع، وجهّزت المكان ليكون ردهة واسعة لصالح المبادرين، أي "صندوق تراث الحائط الغربي".
بما أن القانون يعتبر التنقيب الأثري عملا أكاديميا، فقد تمّت تسوية أعمال التنقيب ضمن "قانون الآثار" الذي يعفي مشاريع البناء في المواقع الأثرية من الحصول على مصادقة لجان التنظيم والبناء. عمليا يتيح القانون حفر ردهات تحت الأرض برعاية القانون، ومن ثم عرضها على أنها مشروع جديد. يُذكر أن كل هذا يحدث دون إثارة أي نقاش جماهيري. ما نشهده هو مثال على استغلال المبادرين (مثل صندوق تراث الحائط الغربي، إلعاد وغيرهما) لقانون الآثار بهدف إقامة مواقع سياحية دينية برعاية مكتب رئيس الحكومة.
لقراءة المزيد عن ممارسات سلطة الآثار وصندوق تراث الحائط الغربي: "أوهيل يتسحاق": متحف يهودي في حمام مملوكي
مشروع "رحلة إلى القدس"
يصف المشروع بصورة عامة، متحيّزة وسطحية تاريخ شعب إسرائيل من عام 70 للميلاد وحتى يومنا هذا. تركّز المعلومات بشكل مفرط وأحيانا بلا أساس من الصحة، على الوجود اليهودي في القدس وعلى كون اليهود من جهة واحدة طرف لعب دورا حاسما في السياسة العالمية في كل العصور، واعتبارهم في نفس الوقت مضطهَدين باستمرار. تعتمد هذه الرواية على وجهة نظر دينية متزمتة، وتركّز على الإيمان الثابت بالله وبحنين الشعب اليهودي لبناء الهيكل. موجز القول أن هناك قلة من المعلومات التاريخية الموثوقة والتي يمكنها أن توسّع الآفاق، وكثرة من الروايات المنحازة والدعائية.
أهمية الموقع
الحمام المسمّى حمام العين والخان المحاذي له مذكوران في الأدبيات والأبحاث باعتبارهما جزءا من مجمع عام استخدمه السكان وزوار المدينة في العصر المملوكي. ويبدو أن المجمع كان جزءا من المشاريع المعمارية التي بادر إليها أمير دمشق سيف الدين تنكز (1312-1340). ومعروف عن الأمير تنكز أنه أنشأ سوق القطانين في القدس، وخانات وحمامات أخرى. وقد أُنشئ حمام الشفا بمحاذاة حمام العين، وتم إغلاقه في الفترة العثمانية وبُنيت فوقه مساكن.
يؤكد المشروع الحالي على استنتاجات لجنة التوجيه التي بادرت إليها منظّمة "عمق شبيه"، والتي صدرت في وثيقة بعنوان أسس موجِّهة لمخطط عام بشأن آثار القدس – اقتراح لوثيقة سياسة
ملخّص القول
تشكّل حالة "رحلة إلى القدس" نموذجًا للأمراض التي يعاني منها علم الآثار الإسرائيلي في القدس في العقد الأخير: فقد تحول إلى "علم آثار يهودي" يُستخدم كركيزة لبناء مشاريع سياحية تمّت خصخصتها، وتُدار من قبل جهات يمينية ومتدينة تمسّ بأملاكنا الحضارية جميعا.
لمزيد من التفاصيل:
يونتان مزراحي، "عمق شبيه"، 054-5667299
غرفة "رحلة إلى القدس" الخان المملوكي يُستخدم لحفلات البلوغ "بارمتسفا" لشخصيات هامة جدا
Back to top