الحفاظ على الآثار في اسرائيل ،الممارسة والجوهر
3 מרץ, 2019الحفاظ على الآثار في اسرائيل ،الممارسة والجوهر – PDF
مقدمة :
حتى يومنا هذا اعتمدت سياسات المحافظة على الآثار في اسرائيل على مصادر عثمانية وبريطانية – التي وضعت المصادر الأولى للتشريعات في موضوع حفظ التراث المحسوس المحلي. منذئذ طرأت على السياسة الإسرائيلية للمحافظة على الآثار تحولات كثيرة. التوجه التشريعي للمحافظة على الآثار يتأرجح ما بين قانون الآثار وقانون التخطيط والبناء، هذا إضافة الى االمواثيق الدولية التي تعنى بالآثار وتُلزم اسرائيل من خلال معايير إضافية. حتى يومنا هذا، لم تضع اسرائيل سياسة رسمية شاملة للحفاظ على الآثار، وعلى المستوى المؤسساتي يجري العمل في الآثار على مستويات مختلفة، محلية وقطرية. لذلك نجد عدداً من الأجسام مسئولٌ عن الآثار في اسرائيل منها المكاتب الحكومية والمؤسسات المهنية المختصة والأجسام التطوعية. هذه الحال تضع عدداً من العقبات في وجه المسؤولين عن الحفاظ على الآثار المحسوسة منها انعدام التنسيق بين الأجسام المختلفة، وقضايا الملكية وتطبيق القانون، والأهم هو انعدام الالتزام والدعم المهني.
لكن يبدو أن العقبة الجوهرية الأكبر هي انعدام المعايير الموحّدة لتقييم المواقع الأثرية الجديرة بالحماية. فيما تضع مواثيق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – اليونسكو – قيماً عامة تتلاءم والاعتبارات العالمية للحفاظ على الآثار، نجد أن الجذور الأساسية للحفاظ على الآثار في البلاد متأصلة في مفهوم يعتبر البلاد أراضٍ مقدسة وتتبنى مفاهيماً لا تخلو من الإشكاليات لتعريف الآثار. إن قائمة المباني المعدّة للحماية في اسرائيل تميل مبدئياً لصالح التراث القومي. إن حوار الحفاظ على الآثار في اسرائيل يميل هو أيضاً الى التحري عن المواقع الأثرية اليهودية العتيقة من جهة، ومواقع الاستيطان والنصب التذكارية الاسرائيلية من جهة أخرى.
إن مبادئ الحفاظ على الآثار في استراليا وكندا، وهي من البلدان التي يتكون سكانها من شعوب أصلانية اندمجت في الحياة القومية الراهنة، معرّفة بموجب المجتمعات المختلفة التي تسكن المناطق المختلفة. في الواقع، نجد أن التوجه السائد في العالم اليوم يتجه نحو الحفاظ على الموروث المعماري (الآثري وغيره) الذي يكرّم غالبية المجتمعات والمجموعات السكانية التي تعيش معا.
يتناول القسم الأول من التقرير مسحاً للتخطيط في البلاد من منظور قانوني، يشمل الوضع التشريعي والأجسام المسئولة عنه، ابتداءً من تعريف ماهية الآثار وانتهاء بالتعديلات والإصلاحات في قانون التخطيط والبناء. أما الجزء الثاني من التقرير فيبحث في التحديات الماثلة أمام العاملين في مجال المحافظة على الآثار في البلاد في يومنا هذا، ويتطرق الى المشاكل التي أشار إليها تقرير مراقب الدولة منذ العام 2005. القسم الأخير من التقرير يطرح المعضلة الآنيّة المتمثلة بالحفاظ على الآثار من أجل المجموعات المختلفة، ويطرح أمثلة عن طبيعة المحافظة على الآثار في استراليا، والتي تعلمنا درسا هاما حول أهمية الحفاظ على الموروث المحلي.
في تاريخ 21 شباط – فيراير 1884، نشر الأتراك "قانون الحفريات الأثرية" الذي هدف الى ترتيب موضوع الحفريات ابتداء من منتصف القرن التاسع عشر في أرجاء الامبراطورية العثمانية.[1] الفصل الأول من ذلك القانون تطرق بشكل عام الى ماهية الآثار وملكيتها الحكومية وحظر المساس بها، الحظر المفروض على الحفر بدون إذن أو رخصة، واقتناء مساحات للحفريات، وتسجيل اللقىالتي تكشف عنها الحفريات. يصف هذا القسم من القانون الآثار على أنها "بقايا خلّفتها مجموعات سكانية قطنت في السابق في البلدان الخاضعة اليوم لسيطرة الامبراطورية العثمانية" ومنها العملات والتماثيل والأسلحة وأدوات العمل والجثث والمعابد والقصور والحصون وقنوات المياه.[2] أبرز مساهمات القانون التركي، كما يراها الجغرافي يهوشوع بن أريه، تكمن في الاعتراف بأهمية المحافظة على الآثار والمخلّفات الأثرية التي تكشف عنها الحفريات، وبأن الآثار هي كنز وإرث لأية دولة تتواجد فيها. لذلك لزامٌ على الدولة المحافظة عليها.[3] مع ذلك، يكمل بن أريه ويقول، فإن القانون منقوص لأن تعريف اللحظة التي تتكون فيها الآثار عام للغاية. هذا النقص برز كثيرا في القدس، حيث أن بعضاً من مبانيها التاريخية والذي يشكل جزءاً من السور قد بدأ بالتضرر ولم تهتم السلطات بترميمه والحفاظ عليه. إن احتلال المدينة على يد البريطانيين في العام 1917 وتطبيق قوانين المحافظة على الآثار وحمايتها في بداية الحكم العسكري البريطاني كان له الفضل في إنقاذ تلك الآثار في البلدة القديمة ومحيطها.[4]
من المهم أن نذكر أنه وقبل ذلك، في شهر كانون ثاني- يناير 1900، انتقلت نسخة رسمية من القانون العثماني ليد "صندوق استكشاف فلسطين" البريطاني ((Palestine Exploration Fund، والذي كان ينادي بمكانة البلاد كبلاد مقدسة – أرض التوراة وأرض العهد الجديد. في عام 1890 عمل هذا الصندوق للحصول على فرمان (أمر ملكي) بإجراء الحفريات الأثرية الطبقية الأولى في البلاد.[5] بعد دخول الجنرال أللنبي الى البلاد بفترة قصيرة اجتمع أعضاء الصندوق في لندن وقرروا التوجه الى الحكومة البريطانية مطالبين إياها بتأسيس خدمات الآثار في أرض اسرائيل، بحيث تضمن الحفاظ على الآثار في البلاد وتمنع الأذى عن مواقعها الأثرية العتيقة. تشتمل الخدمات على ثلاثة فعاليات أساسية: إنشاء مدرسة آثار بريطانية في القدس، تشكل قاعدة مركزية لدراسة البلاد المقدسة وإجراء الأبحاث عنها، تأسيس قسم الآثار الذي يعتني رسميا في الآثار في أرض اسرائيل ونص قانون الآثار – قانونا حكوميا للحفاظ على الآثار في البلاد.[6] أُنجزت هذه الخطوات سريعا.
في أيام الحكم البريطاني العسكري على البلاد، والذي استمر لثلاثة أعوام تقريباً، لم تنفذ أية فعالية أثرية منظمة تقريباً، ولكن في شهر كانون أول- ديسمبر 1918، أصدر الحاكم العسكري أمر الآثار للحفاظ على الآثار والتعامل بشكل لائق مع اللقىالأثرية المكتشفة.[7] كانت "جمعية نصرة القدس – Pro Jerusalem Society" تشكل المرجعية للحفاظ على الأثار في القدس ومحيطها، يرأسها الحاكم العسكري الأول للمدينة رونالد ستورس (Storrs). بعد ذلك بفترة وجيزة وفي شهر شباط- فبراير 1919، دعا ستورس عالم الآثار جون جارستانغ (Garstang) وعينه أول مدير للمدرسة البريطانية لعلم الآثار في القدس.
في شهر حزيران- يونيو من العام ذاته انعقد في لندن المؤتمر السنوي لصندوق استكشاف أرض اسرائيل، واستضاف المندوب السامي هربرت صمويل (Samuel) إبان تعيينه. صمويل تحدث حول أهمية القدس والأرض المقدسة في نظر العالم كله، ووعد بإقامة قسم الآثار الحكومي في القدس للحفاظ على آثار البلاد المقدسة ودراستها.[8] تأسس هذا القسم في تاريخ 1 من تموز- يوليو 1920، تماما في بداية الحكم المدني في البلاد. طلب صمويل من جارستانغ، مدير المدرسة البريطانية لعلم الآثار، أن يأخذ على عاتقه أمر إنشاء قسم الآثار الحكومي وإدارته. في الوقت ذاته انتخب صمويل نائباً لرئيس المدرسة.[9] كان اهتمام جارستانغ منصبّا على فترة العهد القديم، وركز نشاط القسم في هذا المجال حتى تقاعده في العام 1926. استلم مكانه أرنست ريتشموند (Richmond) وويليام هاملتون (Hamilton) اللذان اهتما بأبحاث الفترات المتأخرة أكثر ومنها الهيلينية والرومانية، والفترات المسيحية والإسلامية كذلك.[10]
في 31 من تشرين أول- أكتوبر 1921، بادر جارستانغ الى تجديد متحف الآثار في القدس (كان المتحف القديم يحتوي على موجودات من الحفريات التي أجريت في البلاد في نهاية العهد العثماني) في بناية المدرسة البريطانية لعلم الآثار وقسم الأثار الحكومي. في العام 1938 افتتح "متحف الآثار في فلسطين- أرض اسرائيل" في بناية جديدة شيّدت بدعم من جون روكفلر، خارج الزاوية الشمالية – الشرقية لأسوار البلدة القديمة.[11]
الصورة رقم 1: حفريات الصندوق البريطاني لدراسات فلسطين تحت قنطرة ويلسون
القسم الأول
القانون
في الانتداب الذي حصلت عليه بريطانيا من عصبة الأمم لإدارة أرض اسرائيل، يلزم البند 21 الجهة المنتدبة بسنّ قانون الآثار خلال عام من تولّيها الانتداب. في 15 تشرين أول- أكتوبر 1920، نشر قانون الآثار الحكومي، الذي أقرّ مكانة قسم الآثار الحكومي ومجلس الآثار الاستشاري. أناط القانون بقسم الآثار صلاحية منح التصاريح للاتّجار بالآثار وإجراء حفريات التنقيب عن الآثار، بل وفرض على قسم الآثار إعداد قائمة بالمواقع التاريخية (ما عدا المباني الدينية منها) في أرض اسرائيل.
حدّد الأمر البريطاني من فترة الحكم العسكري بالتفصيل أن سنة 1600 هي الموعد الأخير الذي يمكن فيه تكوّن الآثار. قانون الآثار البريطاني من العام 1920 يبحث بماهية الآثار ويعرّفها على أنها ممتلكات صنعها الانسان قبل سنة 1700، وأيضاً بقايا بيولوجية أو زولوجية قبل سنة 600 ميلادية. القانون خوّل مدير قسم الآثار بالإعلان عن أي غرض متأخر أكثر "لُقى أثرية". أعيد إصدار القانون من جديد في العام 1929 (أمر الآثار للعام 1929) [12] ومجددا مع بعض التعديلات في العام 1934 (أمرالآثار – "حتسريم"- 1935).
في إطار الانتداب، سُلّم التعامل مع المباني والمواقع من القرن ال- 19 وال-20 لهيئات التخطيط عملياً – المحلية منها غالباً – بدون التطرق بشكل منفصل الى قضية الحفاظ على الآثار، والتي حُيّدت لصالح اعتبارات التخطيط.[13] هكذا خلقت التناقضات داخل السياسة البريطانية الواحدة: ففيما كانت القدس العتيقة، بمجمل طبقاتها التاريخية – محمية في مخططات ويليام مكلين (McLean), وتشارلز روبرت آشبي (Ashbee) وباتريك غيديس (Geddes) بموجب المفهوم البريطاني الذي يرى البلدة القديمة بلدة توراتية أو فلنقل تقليدية[14]، وحوفظ على البلدة القديمة في عكا كاملة وإن يكن لاعتبارات مختلفة بعض الشيء[15]، نجد أن الحظ لم يكن حليف المواقع التاريخية خارج الأسوار والتي هدمت بالكامل، شأنها كذلك في مدن عتيقة أخرى كطبريا ويافا.[16] فكانت المحافظة على النسيج الحضري المتأخر خاضعة لاعتبارات مختلفة.
القانون الإسرائيلي: الآثار
أن قسم الآثار الانتدابي، والذي اتخذ من متحف روكفلر مركزا له، استًبدل بقسم الآثار الإسرائيلي والذي عمل في بداياته من خلال دائرة الأعمال العامة والخدمات التقنية التابعة لوزارة العمل والبناء ("ماعتس"). في شهر آب– أوغسطس من عام 1955، انتقل القسم الى وزارة التربية والتعليم وعُرف بقسم الآثار والمتاحف. بعد حرب الأيام الستة في العام 1967، دُمجت المستندات التي كانت في قسم الآثار والمتاحف التابع لدولة اسرائيل مع المستندات التي كانت في قسم الآثار الانتدابي في متحف روكفلر، بعد ان كانت في حوزة الأردن على مدى 19 عاماُ. حوفظ على مفهوم الآثار في القانون الإسرائيلي بموجب المفهوم الانتدابي له. في عام 1967 اقترحت حكومة اسرائيل على الكنيست نص قانون عصري يعرّف موضوع العناية بالآثار. في بداية عام 1978 أقرّت الكنيست قانون الآثار للعام 1978، والذي وضع الإطار القانوني لأعمال الكشف ومعالجة اللقى الأثرية التي يتم العثور عليها في اسرائيل، ويلزم سلطات الدولة بتطبيق بنوده. وضع هذا القانون تعريفاً للآثار على أنها " ممتلكات، منقولة أو ثابتة، من صنع الإنسان قبل عام 1700 ميلادي، بما في ذلك كل ما أضيف عليها لاحقاً ويشكل جزءاً لا يتجزأ منها", وأيضاً " بقايا زولوجية ونباتية ما قبل عام 1300 ميلادي". كما جاء في القانون الانتدابي، فيمكن للآثار أن تكون ممتلكات من صنع الإنسان ابتداءاً من العام 1700 ميلادي، فيما لو أنها تعتبر "ذات قيمة تاريخية" وأعلن عنها الوزير على أنها آثار. [17]
في الأول من أيلول- سبتمبر 1989، سنّ قانون سلطة الآثار للعام 1989،[18] الذي يعرّف مجالات عمل سلطة الآثار ومسؤولياتها. في الأول من نيسان- أبريل 1990 تأسست سلطة الآثار رسمياً وكانت تخضع لوزارة التربية والتعليم. حدّد القانون تركيبة مجلس سلطة الآثار المؤلف من 16 عضو، منهم ممثلين عن الحكومة والآكاديميين المختصين بهذا المجال ورئيس مجلس اقليمي ومدير متحف مهني. يفرض القانون على السلطة الاهتمام بجميع مواضيع الآثار في اسرائيل، بما يشمل الآثار تحت الماء، ويعترف بصلاحية السلطة على انتهاج أية فعالية ضرورية لتنفيذ واجباتها في أمور الآثار والمواقع الآثرية، بما قد يشمل التنقيب عن الآثار وإجراء الحفريات في المواقع والحفاظ عليها وإعادة تشكيلها وتطويرها وإدارتها وصيانتها وتشغيلها. السلطة قيّمة على الرقابة على الحفريات الأثرية وعلى عقد الأبحاث الآثرية وتشجيع النشاطات التعليمية والترويجية. في "الجريدة الرسمية" هناك نحو 17500 موقع مركزي من أصل 23،500 موقع معروفة. يستثني القانون من جملة ما يستثنيه: إدارة وصيانة وتشغيل الموقع الأثري الموجود في نطاق حديقة الوطنية أو محمية طبيعية أو الحفاظ عليها، ويودع هذه في عهدة سلطة حماية الطبيعة والحدائق الوطنية ، ويحتم "التنسيق مع السلطة"، ما لم يرد خلاف ذلك.
الصورة 2: حفريات تنقيب عن الآثار
حماية الممتلكات التي لا تعتبر آثاراً
كما في فترة الانتداب، تهتم مؤسسات التخطيط في قضية حماية الممتلكات التي أنشئت ما بعد عام 1700. ينصّ قانون التخطيط والبناء للعام 1965[19]، أن الإعلان عن المواقع المحمية يتم بمبادرة رئيس السلطة المحلية.
البند 61 من القانون وتحت عنوان "أهداف الخطة الهيكلية المحلية"، ينص على أنه من ضمن أهداف التخطيط "الحفاظ على كل عمارة وشيء له أهمية معمارية، تاريخية، آثرية وما إليها". أيضاً، فإن البند 69 للقانون وتحت عنوان "تعليمات مفصلة للمخططات الهيكلية"، ينص على "الحفاظ على الأماكن والمباني وغيرها من الأمور ذات الأهمية القومية أو الدينية أو التاريخية أو الآثرية أو العلمية أو الجمالية".
عملياً، لم تمنح الحماية الدستورية لهذه الممتلكات. في عام 1984 توجهت لجنة التعليم في الكنيست الى شركة حماية الطبيعة مطالبة إياها بالتحول الى هيئة عامة تعمل على الحفاظ على المباني والمواقع التاريخية في البلاد. هكذا نشأ مجلس الآثار، والذي انفصل مع الوقت عن شركة حماية الطبيعة وبدأ يعمل بشكل مستقل تحت اسم "مجلس المحافظة على الآثار".[20] منذئذ دأب هذا المجلس على البحث عن مواقع أثرية ملائمة وتشجيع الحفاظ عليها وحمايتها فعلياً، ولكن بدون إطار دستوري، كما ذكرنا.
من خلال تعديل رقم 31 لقانون التخطيط والبناء – 1991، سُنّت الإضافة الرابعة للقانون: "برنامج الحفاظ على الآثار" (البند 76 أ).[21] هذه الإضافة تطرقت بشكل واضح لموضوع المواقع المكونة من "مبنى أو مجموعة مباني أو جزء منها، وبما في ذلك بيئتها المحيطة، التي تعتبرها أية مؤسسة تخطيط ذات أهمية تاريخية أو قومية أو معمارية أو أثرية". وعليه، يمكن للسلطة المحلية (أو أي جسم يعيّنه وزير الداخلية بشكل عام أو بشكل خاص) أن يحدد القيود أو الموانع تجاه هذا الموقع المشمول في مخطط ما أو من المفروض أن يشمله مخطط ما في المستقبل، وأن يحدّد النشاطات التي من شأنها أن تهدّد أهداف الحفاظ على الموقع وبضمن ذلك وضع التعليمات بشأن الاستعمالات المتاحة في الموقع بما فيها إضافات البناء وتحديد قواعد العلاقة ما بين هذه التعليمات وتعليمات المخططات السارية في الموقع.
أيضاً ، فرض القانون على كل سلطة محلية تعيين لجنة للحفاظ على المواقع مكونة من رئيس السلطة المحلية أو رئيس اللجنة الفرعية للتخطيط والبناء، ثلاثة أعضاء من السلطة المحلية تحدد هويتهم السلطة ذاتها، وعاملا من السلطة المحلية يكون ضليعاً في أمور التخطيط والبناء يعينه رئيس السلطة، ومن هو خبير في موضوع الحفاظ على المواقع الأثرية وأماكن الاستيطان يحدد هويته مجلس السلطة المحلية، بصفته مستشاراً فقط. يجب أن يستدعى الى كل جلسة تعقدها لجنة المحافظة على الآثار مهندس السلطة المحلية ومخطط اللواء، الذي تعمل اللجنة في منطقة نفوذه، أو ممثل عنهما. خلال عامين من إقامتها من المفروض باللجنة أن تعدّ قائمة بالمواقع الموصى بالحفاظ عليها في منطقة نفوذها. بموجب القانون، يجب أن تعدّد القائمة الأسباب التي تبّرر الحفاظ على الآثار وكيفية تطويرها وتفاصيل مالكيها وأصحاب الحقوق الأخرى فيها وغيرها من التفاصيل التي ترتأيها اللجنة. هذه القائمة تخدم لجنة المحافظة على الآثار ومؤسسات التخطيط، لكنها قابلة للتعديل على يدها في كل حين.
بإمكان لجنة المحافظة على الآثار أن تحدد أن خطراً حقيقياً يتهدد موقعا معلنا كموقع محمي أو أن طريقة حمايته تتعارض عملياً والهدف من حمايته، وبذلك تطلب من أصحابه القيام بعمليات صيانة في الموقع في فترة محددة، وإلا تكون السلطة المحلية مخوّلة بالقيام بأعمال حيوية لمنع هدم الموقع، وتلزم أصحابه بدفع بدل التكاليف، أو إلغاء رخص البناء أو مصادرة الموقع وما إلى ذلك. أيضاً تقوم لجنة حماية الآثار بتقديم مشورتها للجنة اللوائية، إذا طلبت منها الأخيرة ذلك.
من خلال الإضافة الرابعة لقانون التخطيط والبناء، كما يشرح المحامي جيدي كورين، اندمج موضوع الحفاظ على الآثار بمواضيع أخرى لها مكانة خاصة في قانون التخطيط والبناء (مثل الأراضي الزراعية والبيئة الساحلية). برأيه فقد تركت الإضافة الرابعة تغييراً جوهرياً على مستوى الوعي وعلى المستوى العملي – المقصود الترتيباًت المنفصلة والمفصّلة لموضوع الحفاظ على المواقع والمباني في إجراءات التخطيط – بحيث أن اعتبارات الحماية تطرح على طاولة البحث فوراً وفي المراحل الأولية من التخطيط والبناء. تعيّن في السلطة المحلية لجان حماية تكون لها صلاحيات تخطيطية وتنفيذية في موضوع الحفاظ على الآثار. [22]
التعريفات الدستورية الإضافية للمواقع الأثرية المعدة للحماية يضمها الفصل المعني ب "المواقع الوطنية" وقد أضيفت في العام 1974 الى قانون الحدائق والمواقع الوطنية للعام 1963 (تم تعديل القانون لاحقاً ليصبح قانون الحدائق والمواقع الوطنية والمحميات الطبيعية ومواقع النصب التذكارية للعام 1998).[23] يسمح هذا الفصل بالإعلان عن "مبنى أو مجموعة مبانٍ أو جزء منهت بما يشمل محيطها القريب على أنها ذات أهمية قومية تاريخية في تطور استيطان البلاد" كموقع وطني، وكذلك الإعلان عن مواقع تذكارية أي "نصب لتخليد مقاتلي جيش الدفاع الإسرائيلي وقوات الأمن الذين ماتوا في سبيل ضمان قيام دولة اسرائيل وتخليد ذكرى مقاتلي معارك اسرائيل الذين استشهدوا في سبيل نهضة اسرائيل وتخليد ذكرى ضحايا العمليات العدائية". على إثر هذا القانون وعملاً بصلاحياتهم أعلن وزراء الدفاع ما بين عام 1979 وعام 2000، عن 18 موقعا وطنياً، لكي يضمنوا الحفاظ عليها وعدم المساس بها. كًرّس تقرير مراقب الدولة للعام 2005 لدراسة المحافظة على الآثار والمباني. من ضمن ما خلُص إليه التقرير أن الإعلان عن المواقع لم يتم بموجب معايير واضحة،[24] وعليه عيّنت وزارة حماية البيئة في عام 2001 لجنة للمواقع الوطنية تهدف الى "بلورة الشروط الأساسية والمعايير المهنية والشفافة للإعلان" وأن تقترح قائمة مواقع لدراسة إمكانية الإعلان عنها كمواقع وطنية ووضع توصيات عامة لآليات الإعلان عن مثل هذه المواقع.[25] اعتمدت اللجنة على التعريفات التي وضعها قانون الحدائق الوطنية 1998 وعلى المداولات التي تدور حول التراث في العالم. اعتمدت اللجنة في عملها أيضاً بالأساس على ميثاق التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة – اليونسكو (التي وقعت إسرائيل عليه سنة 1999 – انظروا لاحقاً) وغيرها من المواثيق الدولية.
زيادة على ذلك، فقد طرحت خلال الأعوام التالية عدة مبادرات للإعلان الشامل عن مواقع جديرة بالحماية والمحافظة من خلال مخططات هيكلية. لم يُصادق على مبادرة المخطط الهيكلي القطري للمواقع الاستيطانية (تاما 9) والتي هدفت الى فرض قيود على البناء واستعمال المواقع والمباني منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى قيام الدولة. بالمقابل، صودق على المخطط الهيكلي القطري 21 – مخطط المواقع في حرب الاستقلال للعام 1980[26]– والذي اشتمل على 119 موقعاً ذات أهمية قومية تم الاعتراف بها وتقع تحت الحماية. لكن تقرير مراقب الدولة للعام 2005 وجد أن وزير الداخلية لم يعلن عن أي موقع منها كموقع وطني.[27]
في عام 2005 تمت المصادقة على مخطط هيكلي قطري 35 (تاما35) – وهو مخطط مدمج للبناء والتطوير والحفاظ على المواقع الأثرية وفيه قائمة من التجمعات الحضرية والتجمعات القروية الموصى بحمايتها. هذا المخطط أيضاً يُلقي بالمسئولية على هذه المواقع على اللجان المحلية.[28]
الصورة رقم 3: أعمال ترميم وحماية في باب العامود
الإصلاحات في قانون التخطيط والبناء
في عام 2009 شرعت حكومة اسرائيل بخطوات موسّعة لتغيير آليات التخطيط والبناء في الدولة، من أجل زيادة نجاعتها وتحسينها. أحد أهم مركبات هذه الإصلاحات هو توسيع صلاحيات لجان التخطيط والبناء المحلية بواسطة منظومة جديدة وناجعة أكثر من المخططات الشاملة والتفصيلية. في هذا الإطار اقترحت الإصلاحات إلغاء لجان الحفاظ على الآثار ونقل صلاحياتها الى لجان التخطيط المحلية ومهندسيها.
يقول المحامي غادي كورين بأن نقل موضوع التخطيط التفصيلي الى صلاحيات اللجان المحلية، وتشجيع تطورها المهني والتخصصي ونجاعتها، قد ينعكس سلباً على الحفاظ على الآثار.[29] فهو يدّعي بأن هذه الخطوة تهدد المكانة المستقلة للتخطيط وتقلل من أهمية موضوع الحفاظ على الآثار كموضوع مستقل وقد يلغي صلاحية لجان الحفاظ على الآثار المنفصلة للنظر في مواضيع التخطيط مقابل صلاحيات لجان التخطيط المحلية. في الوقت ذاته نجد أن اإصلاحات لا تشجع دمج المهنيين كأعضاء في اللجان. وفي طلبات الترخيص أيضاً والتي ستنتقل الى صلاحيات "معاهد الرقابة" بموجب الإصلاحات، لا توجد معايير لدمج الخبراء.
الى جانب الإصلاحات الشاملة هذه نلحظ معالجة موضعية في جميع المواقع المتماهية مع تراث اسرائيل. في نطاق مشروع "تمار" – مخطط عمل لإعادة تأهيل وتعزيز البنى التحتية للتراث القومي والنهوض بها-[30] تم تطوير برنامج يهدف الى ترميم وتطوير وتعزيز "كنوز التراث" وضمان الحفاظ عليها للأجيال القادمة. ثمة أهداف أخرى لهذا المشروع في مجالات الثقافة والتربية ومنها توسيع النشاط الاقتصادي في السياحة والتشغيل في مواقع الآثار المحمية. المشروع، والذي هو ضمن مسئولية ديوان رئيس الوزراء، يتم تطويره من خلال لجنة وزارية مشتركة مركبة من ممثلين عن الحكم المحلي ووزارة حماية البيئة وذلك بموجب قانون التخطيط والبناء وقانون السلطات المحلية. برنامج المشروع الأولي اقترح التركيز على نحو 150 موقع تراث.[31]
صورة رقم 4: شعار منظمة اليونيسكو وأعلام الدول الأعضاء
التأثير العالمي
أحد مصادر التأثير الأخرى على مصطلحات الحفاظ على الآثار في البلاد يكمن في المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تعبّر عن المفاهيم المعمول بها عالمياً وقد نصها جسمان مركزيان هما: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعمل والثقافة (اليونسكو UNESCO)، و ICOMOS المجلس الدولي للمعالم والمواقع – وهو مؤسسة غير حكومية دولية تشير على اليونسكو في مواضيع الحفاظ على المعالم والمواقع التاريخية.
الدكتورة نيلي شحوري والدكتورة ليئا شمير – شنان،[32] تعتقدان أن المواثيق المختلفة تشكل أساساً للاتفاق الدولي فيما يتعلق بالخطوط العريضة في حماية المباني والمواقع التاريخية وإعادة بنائها وترميمها وتحسينها، وتضيف كل دولة عليها أساليب الحماية التي تتميّز بها.
في عام 1999 وقّعت حكومة اسرائيل على الميثاق الدولي لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي ((The Convention Concerning the Protection of the World Cultural and Natural Heritage 1972).[33] هدف هذا الميثاق حماية التراث الثقافي والموروث الطبيعي والمتواجد دوما تحت خطر وتحديد القواعد العامة العالمية لطرق حمايتها. المواقع أو الأعمال تقيّم حسب "قيمتها العالمية التي تفوق المألوف" (Outstanding Universal Value)، من الناحية التاريخية والجمالية والإثنولوجية والعالمية حسب معايير محددة وواضحة.
ما يميز الميثاق هو أنه يفرض على كل دولة إقامة هيئة مركزية للحفاظ على التراث المبني الطبيعي والثقافي. تقول الدكتورة شحوري وشمير-شنان أنه من خلال هذه التطورات زاد أيضاً وعي السكان لمحيطهم الملموس، وزادت أهمية دور المجتمع المحلي في تعريف "هوية المكان" واستمراريتها للأجيال القادمة.[34] بموجب الميثاق ذاته، سجّل في اسرائيل، منذ عام 2001، 16 موقعاً عالمياً من ضمنهم "المدينة البيضاء" في تل أبيب، والحدائق البهائية في حيفا والجليل وتلة مجيدو من فترة العهد القديم وغيرها (البلدة القديمة في القدس أُدرجت على قائمة المواقع الأثرية بتوصية من الأردن).
التوجه الدارج اليوم هو توجه المشهد الطبيعي التاريخي الحضري- الذي نما من خلال الاعتراف بالقيم التي ينطوي عليها الحيّز التاريخي وسياقه الثقافي المتنوع. بموجب هذا التوجه يعتبر التراث الحضري مورداً مهماً للنهوض بالحياة في المناطق الحضرية وتطويرها الاقتصادي، كما يعتبر أداة لخلق التكاتف الاجتماعي في بيئة العولمة المتغيرة.[35]
نشاطات أخرى
إضافة على ذلك سجلت في السنوات الأخيرة ردود فعل مختلفة على سياسات الحماية الجزئية في اسرائيل. لم تأت جميعها بالفائدة لكنها تركت أثرا ما.
كتب في عام 1990 ميثاق لحماية المباني والمواقع الاستيطانية وضعه نشطاء في مجلس حماية المواقع التراثية في اسرائيل بروح مواثيق اليونسكو المختلفة (التي لم تتبناها حتى ذلك الحين دولة اسرائيل)، ضم هذا الميثاق مقترحات أولية للتعرف على المواقع الواجب الحفاظ عليها في البلاد: أي موقع يحمل سمة الأولية، وأي موقع يشكل شاهداً على حدث ذي أهمية تاريخية وموقع مرتبط بحياة أو نشاط شخصية أو مجموعة شخصيات أثّرت على السيرورة الثقافية والتاريخية أو مبنى أو مجموعة مبانٍ ذات طابع معماري يميّز ثقافة حياة وواقع فترة معينة، أو موقع ذو أهمية مشهدية تاريخية، أو موقع مميز في طريقة بنائه أو المواد المستخدمة في بنائه والذي يشكل حجر زاوية تاريخي في ثقافة العمارة.
في عام 2005 بادر مجلس حماية المواقع التراثية الى سن مسودة قانون التخطيط والبناء (تعديل) للعام 2005 ولها عدة أهداف: تعزيز مكانة لجان الحفاظ على الآثار ومهنيتها بواسطة إدخال عناصر مهنية وموضوعية أكثر للجان وزيادة وزن لجان الحفاظ على الآثار في عملية التخطيط، وضمان اكمال إعداد قوائم الحفاظ على الآثار بمساعدة عناصر من خارج اللجنة وتحديد آلية توجب التشاور مع العناصر المهنية في موضوع الحفاظ على المواقع، في الحالات التي تتطرق فيها المخططات الى مبنى و/أو موقع للحماية: تشجيع أصحاب الأملاك المعدة للحماية باتخاذ خطوات نحو حمايتها وتقويتها وإعادة تشكيلها مقابل تخفيضات أو تسهيلات ضريبية، تقليص الأحقية بالتعويضات، وفي الأخير، زيادة تطبيق القانون والمعاقبة على المساس بالمباني المحميّة. قوبلت هذه المسودّة بالرفض.[36]
في العام 1988 قرر مجلس أراضي اسرائيل تشكيل لجنة حماية في دائرة أراضي اسرائيل، يكون أعضاؤها ممثلي مجلس الحماية وممثلي صندوق أراضي اسرائيل. ألقيت على عاتق اللجنة مسؤولية بلورة موقف الدائرة في موضوع الحفاظ على المباني ومواقع الاستيطان والتوصية على طرق العمل في الموضوع. [37] لم تقم اللجنة بالمهام التي أُنيطت بها.
كان النجاح الأكبر من نصيب مجلس حماية المواقع في رده على مقترح الإصلاحات في قانون التخطيط والبناء. نجح المجلس بشمل موضوع الحفاظ على الآثار وحمايتها تحت تعريف "احتياجات الجمهور"، بحيث تحظى بمكانة مشابهة لاحتياجات جمهور أخرى يعترف بها القانون، كما طالب بتعزيز الإضافة الرابعة، وانتزع قراراً بأن يشمل المخطط الهيكلي القطري مواقع للحماية ذات أهمية قطرية، وأن تشمل المخططات الهيكلية التفصيلية المحلية تعليمات بشأن الحفاظ على الآثار. في النهاية، نجح المجلس بتقليص أحقية المتضررين من مخططات الحفاظ على الآثار في الحصول على التعويضات واشتراط الحصول على التعويضات بإنهاء أعمال الحفاظ على الآثار في الممتلكات المعلن عنها كمواقع محمية.[38]
القسم الثاني
مواضيع وإشكاليات عملية
تظهر بضعة قضايا أساسية من خلال مراجعة المقالات النقدية التي نشرت على مدار السنوات والمقابلات مع المهنيين وتحليل تقرير مراقب الدولة – الذي كرّس للنظر في وضع الحفاظ على الآثار في البلاد في العام 2005.
- حماية "آثار" يكرسها القانون
منذ قيام دولة اسرائيل يتمتع علم الآثار الإسرائيلي بالحماية من خلال قانون الآثار، الذي يسري على مواقع أنشئت قبل 1700 عام. هناك قوانين عينية تُعنى بحماية مواقع من فترات لاحقة ومنها النصوب التذكارية ومواقع الاستيدان (انظروا أعلاه). لكن غالبية المواقع في اسرائيل التي أنشئت بعد عام 1700، ليست محمية تحت أي تعريف قانوني. من ضمن هذه المواقع نجد المباني العثمانية في عكا والقدس، المباني العامة العثمانية (كالخانات والسُبُل)، مشاريع ضاهر العمر العمرانية في الجليل والشواهد على حملات نابليون في أرض اسرائيل، وأسوار طبريا التي تعود الى الفترة العثمانية وغيرها.[39] عملياً، يسري قانون الآثار على هذه المواقع فقط إذا كانت مبنية على موقع أقيم قبل عام 1700. عملياً، كما يدعي عالم الآثار جدعون أفني، فإن هذا الوضع القانوني لا يترك مجالاً للحماية اللائقة على المواقع التي تشكل بلا شك جزءاً لا يتجزّأ من التراث الثقافي لدولة اسرائيل ويمنع معالجة النصب التذكارية القديمة ذات القيمة الحضارية من خلال القانون.[40]
لذلك فإن الحفاظ على هذه المواقع لا يكرّسه القانون وهو عرضة للسلطة التقديرية للوزراء وواضعي السياسات والجهات التنفيذية. هكذا مثلا وجد تقرير مراقب الدولة 2005 أنه في العام 1998 وبين السنوات 2001- 2005 كذلك قررت دولة اسرائيل ترميم 50 موقع استيطان بتكلفة 75 مليون ش.ج. لكن القرارات لم تنفّذ بكاملها، فحتى نهاية شهر حزيران – يونيو 2005 حوّلت للجهات المؤتمنة على الحفاظ على الآثار وترميمها 40% من الميزانيات الموعودة.[41] كما أنه لا توجد لدى دائرة الممتلكات السكنية الحكومية التابعة لوزارة المالية، ولا في يد السلطات المحلية، معلومات حول المباني المعدّة للحماية من الدولة.
- انعدام الرؤيا الرسمية و نقل الصلاحيات الى المستوى المحلي
المشكلة التي تميّز نقل الصلاحيات للمستوى المحلي هي تضارب المصالح، كما تقول الدكتورة شحوري والدكتورة شمير – شنان. خلق إخضاع لجان الحفاظ على الآثار للسلطات المحلية تضارباً داخلياً وواقعاً عبثياً يكاد يكون فيه "حاميها حراميها". أحد أوجه التضارب يكمن في أن السلطة المحلية معنية بالبناء والتطوير في مناطق نفوذها، ولها مصلحة في البعد الاقتصادي والاجتماعي للموضوع. هكذا لا يعقل أن تقوم السلطة المحلية بتعيين لجنة للحفاظ على الآثار تقف بالمرصاد لسياسات السلطة ذاتها.[42]
هناك أيضاً قضية واجب دفع التعويضات لأصحاب الحقوق المتضررين من برامج الحفاظ على الآثار (البند 179 للقانون)، هذه المبالغ تدفع من ميزانية اللجنة المحلية التي من المفروض أن تقرر في شئون الحفاظ على الآثار، فيتضارب هذا الواجب وقرارات اللجنة.[43] يمنح قانون التخطيط والبناء المتضررين حقاً واسعاً في التعويض يقع على كاهل اللجنة المحلية. هكذا يُضاف الى تكاليف عملية الحفاظ على الآثار تكاليف إضافية لايستهان بها لتعويض المتضررين. هذه التكاليف، تدّعي الباحثتان، تدفع السلطة في الكثير من الأحيان الى التخلي عن قضية الحفاظ على الآثار.[44] التعديل الرابع منح اللجان حماية أكثر من القانون حيث أنه أعطى اللجنة امكانية إعفاء نفسها من العبء المالي في الحالات التي ترفع ضدها دعوى التعويضات بموجب البند 197 للقانون، وذلك حين توضع خطة للحفاظ على الآثار ويتم المصادقة عليها. في مثل هذه الحالات يمكن للّجنة نفسها أن تبادر الى تغيير مخطط الآثار أوإلغائه كلياً.
أضف الى ما ذُكر أنه وبخلاف ما قررته اٌلإضافة الرابعة، لا يوجد مهنيون في لجنة الحفاظ على الآثار. بل أن اللجنة عينت شخصاً واحداً فقط عملاً بواجبها بتعيين مهنيين، وقد عيّن في منصب استشاري. كان من شأن تعيين مهنيين في لجنة الآثار أن يخفف من تضارب المصالح وليصبح وزن اعتبارات الحفاظ على الآثار أكبر.
بشكل عام، تقول الباحثتان د.شحوري ود. شمير- شنان، فإن إحدى نقاط الضعف الرئيسية في قضايا الحفاظ على الآثار هو الاعتبار الاقتصادي. بما أن الموقع المحمي هو مختلط، ليس من الواضح من الذي يتحمل نفقاته ومن الذي يتمتع به أومتى، ومن الصعب أكثر تحديد قيمته المستقبلية. زد على ذلك، أن الحفاظ على الآثار ما زال يُعتبر من الكماليات التي لا قيمة لها سوى القيمة الجمالية، حيث لا يرى الجميع في الحفاظ على التراث المعماري هدفاً هاما في عملية التخطيط ، لتكون النتيجة الضغط نحو الإسراع في التطوير وهو ما نلمسه على المستوى المحلي في الأساس.[45]
المحامي غيدي كورين يدعّي أن التشديد على مكانة السلطة المحلية ودورها في الحفاظ على الآثار يتجاهل كلياً الحاجة الى سياسة حفاظ على الآثار شاملة كما ويتجاهل التطرق المبدئي الى قضايا كثيرة هامة (مثل البناء المرتفع في المناطق التاريخية). وعليه، فإن طابع الحفاظ على المواقع والمباني في اسرائيل سيبقى رهناً لمنظومة الاعتبارات المحلية.[46] شحوري وشمير-شنان أيضاً تعتقدان أن حذف النقاش من المستوى المحلي ونقله الى المستوى الإقليمي أو القطري، أو إعطاء صلاحيات لجسم مهني وموضوعي في مجال الحفاظ على الآثار، يكون متجرّدا من المصالح المحلية، يمكنه أن يُسهم في جودة الإجراءات في مؤسسات التخطيط.[47] تحسين آخر يمكن الحصول عليه من خلال وضع سياسة واضحة وقاعدة دستورية.
- الإضافة الرابعة لقانون البناء والتخطيط وشحة تطبيقها
هذه المصاعب وغيرها تؤدي تقريباً الى عدم تطبيق الإضافة الرابعة بتاتاً، مع أنها الآلية الدستورية المركزية في الحفاظ على المواقع (التي لا تعتبر "آثاراً"). في عام 2005 فحص مراقب الدولة ووجد أنه، وبخلاف القانون، لم تعيّن لجان حماية في جميع السلطات المحلية، وأن جزءاً من اللجان التي عيّنت لم تكن نشطة وأن تركيبتها لم تكن بموجب تعليمات القانون. أما وزراة الداخلية فلم تقم بواجبها الرقابي. 58 سلطة محلية فقط جهّزت قائمة بالمواقع المعدّة للحماية، وفي 18 منها فقط اشتملت القائمة على جميع التفاصيل التي يطلبها القانون. أيضاً، وجد التقرير أنه لدى 50 سلطة محلية فقط حدّدت المعايير لوضع القائمة، وأن لجنة الحفاظ على الآثار قد صادقت على القائمة في 35 سلطة محلية فقط. أما اللجنة المحلية للتخطيط والبناء فقد أقّرت القوائم في عشر سلطات محلية فقط. وبشكل عام، فإن القليل من السلطات المحلية تعمل لاستغلال الموارد المالية المرصودة للحفاظ على المباني والمواقع.[48]
كما ينوّه المحامي كورين، مع أن الإضافة الرابعة حدّدت بأن على كل لجنة إعداد قائمة مواقع للحماية خلال عامين، لكنها لم تحدد موعد تشكيل اللجنة ذاتها. كان بإمكان أية مؤسسة تخطيط محلية أرادت حماية الآثار أن تفعل ذلك قبل القانون أيضاً. من جهة أخرى، فإن أية مؤسسة تخطيط محلية لا ترغب في الحفاظ على الآثار، ما زالت معفية من ذلك حتى بعد الإضافة الرابعة. رغم التعليمات بشأن تشكيل لجان حماية لم يكن هناك واجب للتشاور معها، ولم تُمنح صلاحيات مخصصة لتطبيق القانون بما يتعلق والمواقع الموجودة على قائمة الحماية. القانون المعدّل أيضاً لم يمنحها ما يكفي من الصلاحيات لمنع التسبب بالأذى للمواقع الموصى بحمايتها، ما يمس بطبيعة الحال بإمكانية تطبيق القانون.[49]
فحص تقرير مراقب الدولة عن كثب ما يجري في تسعة سلطات محلية، وجد فيها كلها أن المنشود من حيث الحفاظ على الآثار يفوق الموجود بأضعاف. رغم التغييرات التي طرأت في هذه السلطات المحلية منذئذٍ فمن المفيد اقتباس بعض المعطيات. في القدس ما يزيد عن 300 موقع ذي أهمية وطنية وعالمية تستوجب الحماية (بالإضافة الى المواقع في البلدة القديمة). لكن بانعدام إدراجها وتكريسها في مخططات بناء المدينة تبقى غالبية هذه المواقع الموصى بحمايتها بدون حماية في القانون. توجد في بئر السبع 110 موقعاً محمياً معلناً ونحو 300 موقع تجدر حمايتها، غالبيتها في منطقة البلدة القديمة. إلا أن اهمالها المتواصل عاد على هذه المواقع بالضرر مما يجعل تكاليف الترميم باهظة في بعض المواقع القومية مثل محطة القطار العثمانية و"بيت أيشل" ، أدى هذا الى تسريع هدمها. في حيفا أنجزت بعض أعمال الترميم في مشاريع مختلفة إلا أن إهمال بعض المواقع مثل منزل إميل توما وبيت النجادة، المحمية، تسببت بأضرار كبيرة. في بعض المباني المعدة للحماية أُدخلت بعض التغييرات وتم بناء إضافات أضرّت بنسيج المباني وطابعها الخاص.
المعطيات الأخرى في البلاد لا تدع مجالا للشك في وجود فجوة كبيرة بين عدد المواقع الجديرة بالحماية وبين عدد المواقع المحمية فعلاً. بحسب تقديرات لجنة الحماية ولجنة التخطيط المحلية في بلدية بيتاح تكفاه، هناك 60 موقع يستحق الحماية في المدينة، لكن اثنان منها فقط موجودين تحت الحماية فعلاً. نحو 86 مبنى وموقعاً في طبريا موصى بحمايتها لكن البلدية لم تهتم بها رغم أنها كانت شريكة في عام 1988 في وضع مخطط رئيسي لحمايتها. بالتعاون مع مجلس الحماية بدأ المجلس المحلي في كفر كما بإعادة ترميم وحماية أحد المواقع كمركز عالمي لتراث الطائفة الشركسية، والحفاظ على جذر القرية، أما بقية المواقع فما زالت متروكة ومهدمة. في المجلس الإقليمي الجليل الأسفل ثمة 110 موقعاً مُعدّاً للحماية لكن القليل منها محافظ عليه فعلاً. في صفد نحو 350 موقعاً ومبانٍ تاريخية لكن البلدية لم تعتن بالمواقع والمباني ولم تحفظها مما تسبب لبعضها بأضرار أبدية. في مدينة شفاعمرو مواقع تاريخية أهمها قلعة شفاعمرو التي أجريت فيها تصليحات جزئية، لكنها ما زالت متروكة ومهجورة ومهملة، جدرانها آيلة للسقوط وتشكل خطراً على الجمهور.[50]
الصورة رقم 5: أعمال ترميم في واجهة شارع الكنائس في اللّد
- مسؤولية الحماية موزّعة بين أجسام كثيرة تتسبب في تضارب في المصالح
سجّل تقرير مراقب الدولة جميع الوزارات والسلطات المؤتمنة على حماية الآثار في اسرائيل.[51] الكمّ الهائل من المؤسسات لا يضمن جودة مشاريع الحماية أو كميتها. بل على العكس: فإن تعدد القوانين والأجسام المتدخّلة في الحفاظ على المباني والمواقع يجعل من مهمة التنسيق بينها وتنفيذ الحماية مهمة صعبة، وعلى الرغم من كثرة المؤسسات إلا أنها لا تغطي جميع أوجه الحفاظ على الآثار.
يقول المحامي كورين أن الوضع الميداني هو نتيجة للتعامل العشوائي مع المواثيق الدولية، والقوانين وأنظمة الوزارات الحكومية والسلطات الرسمية، وتعدد المنظمات الأهلية والأجسام العامة العاملة في الحفاظ على الآثار. عملياً، ومن نواحٍ عديدة غرس قرار تشكيل مجلس حماية المواقع جذور المصاعب التي يتعامل معها المجلس حتى يومنا هذا، إذ أن تحويل معالجة الموضوع الى جسم خاص بجوهره، شكّل أيضاً نوعاً من التملص المطلق من الحاجة الى أيجاد حل رسمي للإشكالية. هكذا، نجد مثلاَ أن اللجنة الإسرائيلية للتراث العالمي، ومن بين أعضائها ممثلين عن الوزارات الحكومية والأجسام والسلطات الرسمية والمعاهد الأكاديمية وهي المسؤولة عن تطبيق الميثاق الدولي، تعمل على النهوض بالحماية بموجب تعهداتها في الميثاق، لكن عملها يتم بدون أن تضع الحكومة والوزراء المسؤولون عن حماية الآثار أية أسس لهذا العمل أو يعرّفوا تلك الأسس، وبدون أن يتم تحديد الواجبات والصلاحيات لكلٍ من الأجسام المذكورة أعلاه.[52] مبدئياً يجب ملاءمة المبادئ العالمية في المعاهدات الدولية للسياق المحليّ، من ناحية عملية يعني هذا تكريس هذه الشروط في قانون.
يقول المهندس غيورا سولر أن سلطة الآثار تعمل بتضارب مصالح داخلي، فهي بتعريفها مسؤولة عن التعرف الى المواقع المعدّة للحماية وتوثيقها، وعن الحفاظ عليها عملياً وأيضاً عن التخطيط المستقبلي (المدرّ للدّخل). إن العديد من المواقع الوطنية في المحميات الطبيعية، والتي تقع مسؤولية الحفاظ عليها بموجب القانون على سلطة الطبيعة والحدائق، هي مواقع أثرية والتي كانت سلطة الآثار لتكون مسؤولة عنها لولا وجودها داخل حديقة وطنية، أما سلطة المحميات الطبيعية والحدائق فتفتقر الى وجود مجلس مهني داخلها متخصص بالحفاظ على الآثار. بما أن اكتشاف الآثار يتم بأساليب علم الآثار وما يعتبر آثاراُ هو ما يخصص للحماية فقط، ستضيع بقية العناصر المتأخرة أكثرالتي ستكشف عنها عملية التنقيب.[53]
إن ما يدّعيه المحامي كورين هو أن جزءاً لا يستهان به من المشاكل يتعلق بأنه لا يتم التعامل مع حماية التراث، في السنوات الأخيرة، من منظور رسمي،ودمجه في مجال التخطيط والبناء يحوّله الى موضوع محلي. لذلك يفتقد موضوع الحفاظ على الآثار الى الأساس التشريعي. في القانون الأصلي يتوجب على مؤسسات التخطيط أن تدلي برأيها ليس فقط حول التطور البنيوي للدولة بل حول موضع الحفاظ على الآثار وحماية المباني المستحقة.
ان موضوع الحماية إذاً ليس قائماً بحد ذاته دائماً ويتحول أحياناً الى موضوع هامشي. فمثلاً، الإصلاحات المخططة في التخطيط والبناء والتي تتناول عملية ترشيد التخطيط، تضرّ مباشرة باعتبارات الحماية. يمكن أن نرى أنه بموجب قوانين التخطيط التي سنّت على مدار الأعوام تكون قضية الحماية عرضة للأجندة الموضوعة أمام الحكومات المختلفة وتحدّدها اعتبارات آنيّة.
- غياب المعايير المهنية للحفاظ على الآثار
العقبات الماثلة أمام الحفاظ على الآثار في دولة اسرائيل كثيرة. لكن غياب المعايير الواضحة للحماية هو العقبة الأكبر التي يتم تغاضيها، بالأساس عندما يدور الحديث عن مواقع بُنيَت بعد عام 1700، وهو التاريخ العشوائي الذي اختير لتعريف الآثار. هذا النقص يولّد فشلا مستمرا في التعامل مع التراث المعماري لأرض اسرائيل على مر الأجيال وللتعامل العشوائي ومنعدم السياق مع المواقع. النتيجة الأولى هي غياب سياسة حماية واضحة وفقدان مواقع أثرية كثيرة بشكل نهائي. لكن ما لا يقل إشكالاً عن ذلك هو الاختيار المغرّض لمواقع للحماية على يد أصحاب الصلاحية والنفوذ، والذي يتم من منظور ضيق للغاية يخدم فئة صغيرة جداً من أصحاب الشأن في المواقع خاصة وفي البلاد عامة.
إن الحفاظ على الآثار في القدس يعتمد على سجلّات حماية بدأوا في ترتيبها في سياق المخطط الرئيسي عام 1968.[54] وقد شملت هذه السجلّات التي هي على شكل بطاقات، وصف الموقع و"قيمته الثقافية".[55] في عام 2014 تم تحديث البطاقات. في وصف عملية تقييم المواقع ذُكر أن الهدف هو "خلق معادلة موحّدة وديناميكية لتقييم مواقع الحماية في المدينة" وتمكين "فرز المواقع حسب مبادئ متفق عليها ودولية"، وهذه هي المبادئ: قيمة تخص نسيج الحيّ الذي يقع فيه الموقع، قيمة مجتمعية جماهيرية، قيمة تاريخية، قيمة مشهدية طبيعية، الطبيعة والأحياء، الأصالة والكمال، قيمة ثقافية وروحانية، قيمة جمالية وعلمية. لكن تفسير معنى القيم العالمية فيما يتعلق بالسياق المحلي لم يخلُ من الإشكال. فإن المواقع والمساحات التي شملتها القائمة التي تم التعرف إليها بالمدينة التاريخية وأرجاء القدس، موجودة في أحياء متنوعة منها: "مكور باروخ"، "أرنونا"، "مكور حاييم" وبيت حنينا وشعفاط بل وحتى نواة القرى العربية في شرقي المدينة وغربها. تجدر الإشارة رغم ذلك الى أن مكاتب الهندسة المعمارية التي تم اختيارها للعمل على المسح كانت من غربي القدس، وأن الإعلان الذي نشر في الجرائد داعياً السكان الى "أخذ دور في مشروع إعداد قائمة الحماية للمواقع التاريخية في القدس" نشر، حسب ما ورد في تقرير العمل، في اللغة العبرية فقط. بموجب الطريقة الجديدة سجّل في القدس 400 موقع معد للحماية (حسب تقرير مراقب الدولة، لا توجد حماية قانونية على المواقع الموجودة في بطاقات السجلّ، الحديثة أو القديمة).[56]
يتم اختيار المباني المعدة للحماية عند اعداد خططات رئيسية للأحياء. غيورا سولر يقول أن القرار بشأن المباني ذاتها لا يتم حسب معايير واضحة ولذلك تكون النتيجة عشوائية. أحياناً يتم يعدّ أهل الحي قوائم المباني للحماية، وأحياناً يُشار الى مباني معيّنة بارزة في الخرائط التاريخية من سنوات معينة.[57] من هنا ينبع أن كمية المياني للحماية وجودتها تختلف من حي الى آخر، إذ أن العلم بوجود مبانٍ للحماية في أحياء معينة قد يكون قليلاً، ومستوى وعي السكان المحليين وطريقة استخدامهم للمباني التاريخية يؤثر مباشرة على المسح بحدّ ذاته.
في تل أبيب يعدّ في هذه الأيام مخطط حماية بلدي (ب 2650). اختيرت المواقع حسب خمسة معايير حدّدتها السلطات:موقع المبنى وجودته المعمارية وهوية المهندس المعماري أو المصمّم وحالة المبنى وقيمته التاريخية. كل بند من هذه البنود يحصل على درجة معنوية.[58] لكن حسب شرح مهندس الحماية البلدي يرمي هوفمان، هناك محاولة لملاءمة معايير ذات صلة للسياق المحلي والثقافي لكل حيّز في المدينة. مثلاً، نجد أن هناك أهمية كبيرة للقيمة التاريخية الوطنية لحي نافيه- تصيدق، لكن أسماء المهندسين المعماريين للبيوت الأصلية في الحي مجهولة فلا أهمية إذاً لهذا المعيار. يشرح هوفمان أنه لتفادي الإملاءات في الرواية القومية وغيرها هناك محاولة للتعامل مع كل مبنى بموجب السياق الذي تجّذر فيه هذا المبنى. أحياناً تحذف هوية المهندس المعماري من الاعتبارات (مثلاً مهندس معماري تماهى مع قيم الحركة النازية وكانت أعماله في حي التمبلري Templar) وذلك لتقييم مساهمة المبنى لتاريخ المدينة بشكل موضوعي.
شاهد على السياق البلدي المتغير نجده في تفسير هوفمان لاختيار مباني المدينة البيضاء، التي أعلنت في سنة 2003 موقع تراث عالمي. فهو يدّعي أن اليونسكو طالبت باختيار موقع تراثي متماسك ومركّز ولذلك انحصر الإعلان في تل أبيب، وفي قصة بناء المدينة الجديدة. اليوم، يقول هوفمان، يمكن الادّعاء بأنه لا يمكن فهم تطور المدينة الجديدة بدون فهم خلفية المدينة القديمة الواقعة الى جنوبها، وأن حدود الإعلان كانت لتتوسع بما يتناسب وذلك.[59] بكل الأحوال، لا شك بأن مرونة المعايير الكبيرة وعدم ملاءمة بعض المعايير الدولية لمعايير الحماية المحلية هي موضوعات تستحق البحث.
الصورة رقم 6: "بيت السفينة" في المدينة البيضاء، المهندس المعماري شمعون حمودي- ليفي
القسم الثالث
"استبداد الرواية"[60]
إشكالية الرواية الإسرائيلية للحفاظ على الآثار
منذ البداية، تمت صياغة قوانين التخطيط في الحيّز الأرض-إسرائيلي من وجهة نظر تحتسب الآثار امتداداً للبلاد المقدسة، أرض العهد القديم. إن الاختيار العشوائي للسنة المقرّرة كما اختارتها السلطات العثمانية تبناه البريطانيون، الذين اهتموا أولا وقبل كل شيء في علم الآثار المحلية. إن التعريفات الأصلية لقانون الآثار الانتدابي انشغلت في الكشف عن الأراضي المقدسة والحفاظ على أثرياتها ذات العلاقة. إن مصلحة صندوق استكشاف فلسطين Palestine Exploration Fund (PEF) تركت أثرها على ثلاثة مركبات أساسية للحفاظ على الآثار في البلاد في ذلك الوقت – القانون وسلطة الآثار والمتحف.
تبنت دولة اسرائيل قانون الانتداب البريطاني الذي مكّنها من توطيد العلاقة ما بين اليهودي السابق للدولة من جهة، ومحو الصلات التي تربط مواقع أثرية أخرى بفترات متأخرة أكثر من جهة أخرى. ان قوانين الحفاظ على الآثار القليلة التي أضيفت لحماية المواقع المتأخرة أكثر، تنصبّ هي الآخرى وبشكل واضح على تاريخ الاستيطان اليهودي في البلاد (مواقع الاستيطان والنصب التذكارية). استطلاع بقايا المباني المعدة للحماية في البلاد يوضَح أن المعايير الرئيسية في الحماية هي محلية للغاية، وتتطرق الى الهوية ذاتها والرواية الواحدة التي تروي قصة التوطّن والانبعاث في أرض اسرائيل. كما أن الخطاب الذي يبكي فقدان المواقع غير المحمية في القانون ينتهج، بغالبيته العظمى، نفس المعايير، حيث يقول كورين أن يقظة خطاب الحماية في سنة 1984 لا تتعدى البكاء على "هدم وهجر لمواقع التراث من فترة الاستيطان اليهودي".[61] هذا الخطاب مهيمن أيضاً على تقرير مراقب الدولة، ونتيجة لهذه الممارسة الحمائية، لا مجال للتقييم الموضوعي والمعياري للمواقع الجديرة بالحماية بسبب ارتباطها بالتراث المحلي المتعدد الأوجه ومجتمعاته.
دعوات للتغيير في العالم
مع ذلك، يبدو أن هذه المشكلة لا تقتصر على اسرائيل فقط. في السنوات الأخيرة تصدر في العالم أبحاث كثيرة تدعي أن خطاب الحماية هو خطاب تحييدي يعتمد على رواية انتقائية متماهية مع جزء مختصر من المجتمع يعيش في منطقة ما. الأبحاث الجديدة تنشغل في التراث الثقافي لمجتمعات أصلانية وفي الفروقات ما بين تخليد التراث المبني لغالبية السكان وبين تجاهل التراث الآخر، التابع ببعضه لمجموعات سكانية مضطهدة.[62]
مواقع التراث في كندا متماهية بشكل واضح مع التراث القومي. أنها تشمل مواقع وطنية اختارها وزير البيئة كمواقع ذات أهمية تاريخية قومية: مواقع تراث متعلقة بالقطار، منارات تاريخية ومبانٍ تابعة للحكومة الفدرالية بسبب كونها ذات قيمة تاريخية أو معمارية. ثمة برامج موازية تساعد على التعرف على المواقع المرتبطة بالشخصيات ("التاريخية القومية") والأحداث ("التاريخية القومية").[63] ان التطرق الخاص للثقافة الأصلانية يظهر من خلال الحديث حول الأغراض والمواد:
Among other materials, ivory, bone, horn, and antler have been used by indigenous peoples to craft objects from functional household items to intricate jewellery, carvings, and statues. With proper care these objects can be enjoyed for many years[64]
الانشغال في الموروث المبني في المحافظات المختلفة يتبع هذه الخطوط العريضة. بشكل استثنائي في مقاطعة بريتيش كولومبيا تقرر أن "المواقع التاريخية" ضرورية لفهم الهوية وطبيعة المجتمعات المحلية وتسهم في مستقبلها، وأن حماية التراث تُعنى بماضي المجتمعات لصالح حاضرها وأجيالها القادمة. يذكر "توطيد العلاقة مع المجتمع الأصلاني ("الأمة الأولى") كأحد العوامل الإيجابية التي تحتم الكشف عن مواقع ثقافية وتاريخية. [65]
منظمة المجلس الثقافي للأمة الأولى هي أيضاً منظمة حكومية في مقاطعة بريتيش كولومبيا، تهتم بدعم نهضة اللغات والفنون والثقافات والتراث الأصلاني. بضمن فعالياتها أنشأت المنظمة "صندوق آليات" أعدّ للمساعدة في التعرف على المواقع التاريخية للتراث الأصلاني وحمايتها، من منطلق الوعي الى أن هناك مواقع خارجة عن القاعدة، رغم أن غالبية هذه المواقع تكون عادة مواقع أثرية.[66] يتعامل "صندوق الآليات" في فشل قانون الحماية في بريتيش كولومبيا (HCA) فيما يتعلق بالموروث الحضاري الأصلاني. أولا، بموجب هذا القانون، يكون الموقع التراثي ذا موجودات أثرية، ولذلك فإن المواقع ذات الطابع الروحاني أو الديني فقط لا تعتبر مواقع تراثية. يطالب القانون بأن تكون جميع المواقع الأثرية سابقة للعام 1846 – وهي السنة التي حدّدتها المحاكم الكندية كسنة بداية السيادة الكندية في المقاطعة – لكن من وجهة نظر أصلانية فإن أهمية العديد من المواقع واستعمالاتها مستمرة ولا يوجد لها موعد أضحت فيه أثرية وعليه فإن التاريخ المحدد لا يسري عليها.[67]
يبدو أنه وبما يحتمه التوجه المبهم في القوانين الكندية تهتم الكثير من المنظمات غير الرسمية في التراث المبني غير الرسمي، وتتطلع الى توسيع مفهوم "التراث" و"التراث القومي"، من خلال خلق حوار أوسع بين المجتمعات المكوّنة للهوية المحلية. هكذا نجد أن منظمة Heritage BC تتطرق بشكل واضح لتراث "الشعوب الأولى" في توجهها الى المهنيين داعية إيّاهم إلى "إعادة صياغة الروابط المعروفة والمريحة في عملها. المنظمة ملتزمة نحو التراث بكل أشكاله. إننا نعترف أن لدينا الكثير لنتعلمه الواحد من الآخر لنبدأ بتقدير التجارب المتعددة ووجهات النظر الكثيرة التي تشكل التراث الكندي".[68]
في العام 2017 نشر تقرير رسمي حول الحفاظ على التراث الكندي،[69] يدعي أنه، وبالمقارنة مع دول أخرى، تعاني كندا من صيت سيء فيما يتعلق بالحفاظ على تراثها المعماري وحمايته. يشير التقرير الى أن كندا هي الدولة الوحيدة بين الدول السبع الصناعية الكبرى (مجموعة الدول السبع) التي لا توجد لديها قوانين شاملة تتطرق الى التراث المعماري أو الى حماية الأصول الأثرية. بشكل خاص تم التطرق الى عدم وجود تمثيل للتاريخ الأصلاني في كندا كما يجب وأن على الدولة أن تدعو المجموعات الأصلانية المختلفة لكي ترشَح مواقعاً على قائمة الحماية لخلق التوازن المرجو.[70] من خلال المداولات طرح اقتراح إتاحة المجال لتلك المجتمعات بالعمل على حماية مواقعها بنفسها[71] وخلق واقع "تنعكس فيه المجتمعات الأصلانية بما يسمى التراث الكندي".[72]
أوصى التقرير، من ضمن توصياته، بأن يدعم الحكم الفدرالي مبادرات المجتمعات الأصلانية لتحديد طريقة الحفاظ على المواقع التي تهمها وحمايتها، وذلك لتعزيز قدراتها في المحافظة على المواقع ذات الأهمية وعلى تمثيل منظورها لهذه المواقع أمام مجلس المواقع الأثرية والتذكارية الكندي (Historic Sites and Monuments Board of Canada ).[73] كما أوصى التقرير بتعديل قانون المواقع التاريخية بحيث يضاف ممثلون من أبناء الشعوب الأولى الى مجلس الممثلين. وأن على المجلس إجراء مراجعة شاملة لسياساته ومعاييره وممارساته في "البرنامج الوطني للتخليد الوطني" لكي يتمكن من دمج تاريخ الشعوب الأولى وقِيمها التراثية وممارساتها الرامية لتخليد الذاكرة في التراث الوطني الكندي.[74]
في ملخص التقرير ذُكر أن المواقع التاريخية الكندية هي مفخرة لسكانها وتُسهم في سرد قصة كندا وأهلها مما يوجب دعمها في قوانين مناسبة.
من استراليا
الصورة رقم 7 : موقع مقدس أبوريجيني
تعتبر استراليا إحدى البلدان الريادية في إدخال تغييرات على سياسة الحفاظ على الآثار. يوفّر القانون المركزي للحفاظ على الآثار في استراليا، قانون حماية البيئة والحفاظ على التنوع الحيوي 1999 – The Environment Protection and Biodiversity Conservation Act 1999، حماية للمواقع العالمية وللمواقع القومية والتي تشمل مواقع التراث الوطني لرابطة الشعوب البريطانية (الكومنويلث).[75] وضعت عملاً بالقانون قائمة التراث الوطني، والتي تشمل "أماكن طبيعية وأصلانية وتاريخية ذات قيمة تراثية غير عادية للأُمّة (nation)، كما وضعت قائمة بتراث الشعوب البريطانية تشمل مواقع ذات أهمية تراثية أصلانية.
الى جانب ذلك وضع تصنيف "التراث الأصلاني" "كجزء هام من التراث الأسترالي". تعتبر من ضمن مواقع التراث الأصلاني الآسترالي مواقع مقدسة و/او روحانية ومواقع الإلتقاء مع ثقافات أخرى ومواقع ذات قيمة معاصرة. هذه المواقع معرّفة في قانون منفصل هو قانون حماية التراث الأبوريجيني وتراث جزر مضيق توريس 1984 – The Aboriginal and Torres Strait Islander Heritage Protection Act 1984 والذي يمكّن حكومة استراليا من العمل من أجل المطالبة بحماية المواقع والأغراض الأصلانية الهامة فيما لو لم توفّر قوانين الدولة الحماية اللائقة لها.[76]
في استراليا أيضاً تسري قوانين حماية منفصلة على مستوى الدول والمقاطعات المختلفة. في غرب استراليا، القوانين الأساسية التي تتناول المواقع الأصلانية هي قانون التراث الأبوريجيني من العام 1972 (Aboriginal Heritage Act 1972)، حيث يتطرق هذا القانون للبقايا والمواقع الأثرية وللأمكنة والأغراض التي تستعمل تراثياً في الحاضر،[77] هدف القانون في مقاطعة نيو ساوث ويلز New South Wales هو المحافظة على الموروث الثقافي والنهوض بالوعي العام للمواقع والأغراض والصفات المميزة الهامة للشعوب الأصلانية في المقاطعة، من خلال قانون الحدائق الوطنية والحياة البرية للعام 1974 – The National Parks and Wildlife Act 1974. [78] في كوينسلاند سُنَ في العام 2003 قانون التراث الأبوريجيني من العام 1972 ( Aboriginal Heritage Act 1972) بهدف حماية التراث الأصلاني والحفاظ عليه كما وضع بموجب القانون سجلّ التراث الأصلاني الذي يوفّر الحماية الشاملة لكل التراث الأصلاني حتى وإن لم يكن مشمولا في السجلّ، وأُنشئت بموجبه كذلك لجنة التراث الأصلاني.[79] في فكتوريا يقع التراث الأصلاني تحت حماية قانون فكتوريا للتراث الأصلاني للعام 2006 – Victoria Aboriginal Heritage Act 2006، كما أنشئ مجلس التراث الأصلاني الذي يقدم الاستشارة لحكومة المقاطعة.[80]
في المناطق الشمالية تعرّف المواقع المقدسة بموجب قانون المناطق الشمالية للمواقع المقدسة الأبوريجينية للعام 1989 – Northern Territory Aboriginal Sacred Sites Act 1989 وذلك بموجب أهمية الموقع للسكان الأصليين ذاتهم، حيث يشكل هذا الاعتبار الاعتبار الأساسي.[81] في مناطق العاصمة الأسترالية (Australian Capital Territory) تتم حماية التراث الأصلاني الثقافي بواسطة القوانين العامة مع تعديلات خاصة أدخلت عليها. من هذه القوانين، قانون الأراضي (التخطيط والبيئة) للعام 1991 – [82]Land (Planning and Environment) Act 1991 أيضاً قانون الأغراض التراثية – The Heritage Objects Act 1991.[83] في تسمانيا ينهض قانون الموروث التاريخي الثقافي للعام 1995 – The Historic Cultural Heritage Act 1995[84] بحماية المواقع ذات الأهمية التراثية التاريخية. يركز القانون على البعدالأثري ولكنه يفتقد كليا تقريباً للاعتراف بدور الشعب الأبوريجيني في حماية موروثه الثقافي.[85] في المدة الأخيرة أدخلت بعض التعديلات بهدف مشاركة السكان واستشارتهم فيما يتعلق بشؤون التراث.
رغم الفروقات العينية في التعامل مع التراث الأصلاني (أو الأبوريجيني) في المناطق والمقاطعات المختلفة إلا أنه من الواضح أن استراليا تولي أهمية كبيرة لتعدد هويتها والحفاظ عليها. على المستوى الوطني، تشمل السجلات العامة الموروث الأصلاني. التمييز بين أنواع التراث يتم بهدف الحفاظ على المواقع التي قد تسقط من قائمة المواقع العامة. كما يتم التشديد على مجالس ممثليات المجموعات الأصلانية لأجل التعرف على مواقعها والحفاظ عليها. قِيم المواقع نفسها متنوعة ومنها المواقع الملموسة وغير الملموسة والتاريخية والدينية والروحانية. على كل حال ورغم أنه يمكن الإشارة بوضوح الى الفترة التي تتقاطع فيها الثقافات المختلفة لا توجد أية محاولة لتدوين موعد تكوّن الموقع أو بداية استعماله ونهايته. في الواقع لا توجد أية قيود زمنية على اللحظة التي تبدأ فيها اعتبارات وقيمة المواقع المحتلفة او فترة استعمالها.
ملخص
هناك أطراف كثيرة مهتمة بمجال الحفاظ على الموروث المعماري في منذ الفترة العثمانية وحتى اليوم في اسرائيل، كما يشير وصف تطور قوانين الحماية المحلية. إن إرث التخطيط الإسرائيلي القصير مشبع بالتأثيرات الزمنية وبالتوجهات الإسرائيلية ومفاهيم الحفاظ على الآثار ومبادئها العالمية. مع ذلك، يبدو اليوم أنه وبالرغم من استيعاب معايير دولية والتطور العام في المجال تستعمل دولة اسرائيل قوانين التخطيط والحفاظ على الآثار (أو انعدامها احياناً) كاستمرارية لأهدافها القومية.
كما تدلّ الأبحاث وأعمال المهنيين والمشرّعين، فإن مجال الحفاظ على الآثار في البلاد هو موضوع هام ويحتاج الى تعديلات في العديد من أوجُهِه. استعرض هذا المقال الحاجة الى تحسين ثلاثة مجالات أساسية: مجال التشريعات، مجال التطبيق والأهم – مجال التعريف الشامل ليشمل جميع سكان البلاد، في الماضي والحاضر. مجال الحفاظ على الآثار في العالم يغيّر وجهه ويحتوي مجمل المجموعات السكانية من خلال ملاءمة المعايير لمواصفات المجموعات المختلفة وللأساليب المختلفة التي استعملوا فيها المشهد الطبيعي وبقايا المباني، وقد آن الأوان بأن تتبنى اسرائيل هذا التغيير أيضاً.
أكتوبر – تشرين أول- 2018
نوعا هايزلر روبين
[1] . يهوشوع بن أريه، "החוק התורכי לחפירות ארכיאולוגיות בארץ ישראל – 1884", في: أ. شيلر وج. بركاي (محرران)، נופי ארץ ישראל: ספר עזריה אלון، القدس 1999، ص 277.
[2] . القانون التركي لحفريات التنقيب عن الآثار، الفصل أ، البند 1،لدى بن أريه، ص 280.
[3] . هناك، ص 277-282.
[4] . هناك، ص 278-279.
[5] . هناك، ص 277.
[6] . يهوشوع بن أريه، "המוסדות הזרים לארכאולוגיה ולחקירת ארץ-ישראל בתקופת המנדט, חלק א'", كاتدراه 92 ،1999، ص 139-141.
[7] . أنظروا لدى: Jerusalem, 1918-1920, Being the Records of the Pro-Jerusalem Council During the Period of the British Military Administration, by Pro-Jerusalem Society Council, John Murray, London, 1921 (Forgotten Books’ App, 2015), Appendix VI: Antiquities Proclamation, pp.78-79.
[8] . بن أريه، המוסדות הזרים، ص 146,
[10] . هناك، ص 156.
[11] . هناك، ص 152.
[12] . 29.8.2018. ي. بن آريه, המוסדות הזרים, ص 149 ملاحظة 67. وأيضا ر. درايتون, قوانين فلسطين , مجلد أ, 1933
[13] . المحامي جدعون كورن، "חקיקת השימור והרפורמה בחוק התכנון והבניה – פנינו לאן?" אתרים – המגזין، العدد 2، سبتمبر – أيلول 2012.
[14] . انظروا مثلا, Helen Meller, “Conservation and Evolution: The Pioneering Work of Sir Patrick Geddes in Jerusalem, 1919–1925,” Planning History Bulletin 9, 1987, 42–9
[15] . Stanley Waterman, “Pre-Israeli Planning in Palestine: The Example of Acre”, The Town Planning Review, Vol. 42, No. 1 (Jan., 1971), pp. 85-99
[16] . التفريق بين حماية الآثار في القدس وعدم حمايتها في مدن أخرى في البلاد ذكرها أيضا بن آريه (ملاحظة 1 أعلاه), هناك أيضاً, من خلال منح الأولوية للوعي للحماية لدى البريطانيين. يدعي بن أريه أن السلطات العثمانية لم تهتم بحماية المباني التاريخية ومنها أجزاء من السور وأن آخر حاكم تركي في أرض اسرائيل، جمال باشا، "لم يتردد في التفكير بهدم جزء من البلدة القديمة عندما فكر بفكرة توسيع الجادة … على طول السوق القديم في شارع داهود والسلسلة، تؤدي الى جبل الهيكل… الاحتلال البريطاني للمدينة كان السبب الوحيد… الذي أدى الى حمايتها والحفاظ عليها كبلدة قديمة ومحيطها " (هناك، ص 279). كما ذكر، ما لم يسمح به البريطانيون في القدس، سمحوا به في مدن قديمة أخرى.
[17] . قانون الآثار 1978، الجريدة الرسمية 885.
[18] . قانون سلطة الآثار 1989، الجريدة الرسمية 2331.
[19] . قانون التخطيط والبناء 1965، الجريدة الرسمية 307.
[20] . كورن، ص 52.
[21] . قانون التخطيط والبناء – 1965، الإضافة الرابعة – مخطط حماية المواقع الأثرية
[22] . كورن، ص 53.
[23] . قانون الحدائق الوطنية والمحمياتالطبيعية والمواقع الوطنية والنصب التذكارية 1998، الجريدة الرسمية 1666.
[24] . تقرير مراقب الدولة ، تقارير حول الرقابة في السلطات المحلية للعام 2005 ، حماية المواقع والمباني، ص 2.
[25] . مواقع وطنية في اسرائيل، شروط أولية ومعايير الإعلان وزارة حماية البيئة 2013، زيارة أخيرة 15.10.2018.
[26] . وزارة المالية ، مديرية التخطيط، مخطط هيكلي قطري 21 – مواقع حرب الاستقلال 1980، ص 7-8.
[27] . تقرير مراقب الدولة، ص 58.
[28] . مخطط هيكلي قطري لمحطات الوقود 1965- ص 40، 21.
[29] . كورن، ص 55-56.
[30] . ديوان رئيس الحكومة، مشروع تمار – مخطط العمل لإعادة تأهيل البنى التحتية للتراث الوطني وتعزيزها 2010 – (27.8.2018)
[31] . تسفي هاوزر، 17.2.2010، هناك.
[32] . إدارة مؤسساتية لحماية الآثار: حماية التراث المبني في السلطة المحلية، مكتبة يهودا ديكل، مجلس حماية مواقع التراث في اسرائيل، 2016، ص 16.
ניהול מערכתי של השימור: שימור המורשת הבנויה ברשות המקומית, ספרית יהודה דקל, מועצה לשימור אתרי מורשת בישראל, תשע"ו-2016, עמ' 16.
[33] . ميثاق التراث العالمي وتعليماته האמנה למורשת עולמית והנחיותיה, اليونسكو،, 2005 (27.8.2017)ׁׁׁ
[34] . شحوري وشمير – شنان، هناك.
[35] . Recommendation on the Historic Urban Landscape, UNESCO 2011 (27.8.2017
[36] . كورن، ص 54.
[37] . هناك.
[38] . كورن، ص 56.
[39] . جدعون أفني، "היש להחיל את חוק העתיקות על נכסי תרבות שנעשו למן 1700?" أكاديميا عدد نوفمير 2001، ص 18.
[40] . هناك.
[41] . تقرير مراقب الدولة، 2005.
[42] . شحوري وشمير – شنان، ص 39-42.
[43] . كورن، ص 53، شحوري وشمير شنان، هناك.
[44] . هناك.
[45] . شحوري وشمير-شنان، ص 39- 42.
[46] . كورن، ص 56.
[47] . شحوري وشمير –شنان، هناك.
[48] . تقرير مراقب الدولة، ص 3
[49] . كورن، ص 53.
[50] . على إثر التقرير قامت وزارة الداخلية بعمل جوهري بهدف تشجيع تشكيل لجان جماية في العديد من السلطات المحلية, وقد سجلت نجاحاً باهرا. حوار مع المهندسة المعمارية لينور لينكين، حزيران – يونيو 2018.
[51] . تقرير مراقب الدولة، ص 4.
[52] . تقرير مراقب الدولة، 2005 ص 58-57.
[53] . مقابلة مع المهندس جيورا سولر، القدس 21.5.2018.
[54] . سجل الحماية, مخطط هيكلي رئيسي القدس 1968. https://www.jerusalem.muni.il/Residents/PlanningandBuilding/conservation/Pages/ShimurOld.aspx 27.8.2018
[55] . أفياه هشمشوني, نسيون هشمشوني ويوسف شفيد, مخطط هيكلي رئيسي القدس 1968 المجلد أ, بلدية القدس, 1972, ص 141-140.
[56] . قسم حماية الآثار، بلدية القدس،, רשימת אתרים לשימור ירושלים: מתודולוגיה לבחינה והערכת האתר (27.08.2018).
[57] . سولر، هناك.
[58] . في حديث مع يرمي هوفمان، 28.5.2018
[59] . هوفمان، هناك
[60] . المصطلح مأخوذ من مقالة نيل سيلبرمان (Silberman) “The Tyranny of Narrative: History, Heritage, and Hatred in the Modern Middle East”, University of Massachusetts Amherst, January 27, 2010 حيث يخشى سيلبرمان أن الرواية القومية المفضّلة تؤدّي الى اختيار عشوائي للوقائع وبالتالي للمواقع التي تدعم الرواية.
[61] . كورن، ص 51.
[62] . Sylberman; Hyojung Cho, “Conservation of Indigenous Heritage in the United States: Issues and Policy Development”, The Journal of Arts Management, Law, and Society Volume 38, 2008 – Issue 3, Pages 187-204; Marcus Colchester, “Conservation Policy and Indigenous Peoples”, Cultural Survival Quarterly Magazine, March 2004.
[63] . Government of Canada, Care of Objects and Collections, https://www.canada.ca/en/conservation-institute/services/care-objects.html.
[64] . هناك
[65] . HeritageBC, https://heritagebc.ca
[66] . First People Cultural Council, Heritage Toolkit, http://www.fpcc.ca/culture/heritage-toolkit
[67] . Alexa Walker, “New First Nations Heritage Planning Toolkit Released in British Columbia”, Intellectual Property Issues in Cultural Heritage: Theory, Practice, Policy, Ethics, Jun 19, 2013 https://www.sfu.ca/ipinch/news/ip-and-cultural-heritage-news/new-first-nations-heritage-planning-toolkit-released-british-colu/
[68] . Heritage BC, First Peoples’ Heritage, https://heritagebc.ca/resources/first-peoples-heritage/
[69] . PRESERVING CANADA’S HERITAGE: THE FOUNDATION FOR TOMORROW Report of the Standing Committee on Environment and Sustainable Development Deborah Schulte, Chair, DECEMBER 2017 42nd PARLIAMENT, 1st SESSION
[70] . هناك، ص 156.
[71] . هناك، ص 160.
[72] . هناك، ص 162.
[73] . هناك، توصية 15.
[74] . هناك، توصية 17
[75] . The Ausrealian Government, Department of the Energy, EPBC Act, http://www.environment.gov.au/epbc/about
[76] . Aboriginal and Torres Strait Islander Heritage Protection Act, 1984(Australia
[77] . Aboriginal Heritage Act, 1972 (Australia)
[78] . National Parks and Wildlife Act, SECT 2A Objects of Act, 1974 (Australia)
[79] . Aboriginal Cultural Heritage Act, 2003 (Australia)
[80] . Aboriginal Heritage Act, 1988 (Australia)
[81] . Aboriginal Heritage Act, 2006 (Australia)
[82] . Northern Territory Aboriginal Sacred Sites Act, 2003 (Australia)
[83] . Land (Planning and Environment) Act, 1991 (Australia)
[84] . The Heritage Objects Act, 1991 (Australia)
[85] . Historic Cultural Heritage Act, 1995 (Tasmania)