نشاطات أثرية مركزية في البلدة القديمة عام 2011 ، وتأثيراتها الاجتماعية – السياسية

20 ינואר, 2014

مقدمة

 

بمقطع فيديو صادر عن سلطة الآثار الإسرائيلية من عام 2010 ، يصرّح مدير عام السلطة شوكا دورفمان فيه، أن نطاق الحفريات الأثرية في منطقة البلدة القديمة في الخمس- ست سنوات الأخيرة لم يسبق له مثيل: "نحن نقوم بحفريات (بالمدينة القديمة) كما لو أنها لم تحفر منذ 150 عاما". حيث ان التنقيب الأثري يشمل مناطق مفتوحة ، وحفر أنفاق وأعمال صيانة ، ترميم وإعادة بناء.

مع العلم أن الحفريات الأثرية في سنوات الستينات والسبعينات من القرن العشرين كانت هي الأكبر والأوسع نطاقا في منطقة المدينة القديمة كما هو معروف، ولها استمرارية حتى يومنا هذا، إن تصريح المدير العام لسلطة الآثار الإسرائيلية ، حتى لو لم يكن مبالغا فيه ، يتفق ويلائم خطة الحكومة الإسرائيلية بتطوير السياحة في منطقة الحوض التاريخي من عام 2005 ، إن الحكومة الإسرائيلية وبلدية القدس قد خصصوا للسنوات 2005-2013 ميزانية تقدر بأكثر من -620 مليون شيكل 480) مليون شيكل من الحكومة و 144 مليون شيكل من البلدية) لتطوير السياحة والتنقيب الأثري في منطقة الحوض التاريخي. في عام 2008 ، استثمر ما يقارب 50 مليون شيكل،  وقد تبين أن مبلغ مماثل قد استثمر في سنوات ما بعد ذلك.

في هذا التقرير سنحاول التطرق إلى أهم المواقع الأثرية التي أقيم بداخلها أعمال صيانة، ترميم وتطوير خلال السنة الأخيرة في منطقة البلدة القديمة، ومواقع رئيسية أخرى ذات أهمية سياسية- اجتماعية بارزة. بعد عرض هذه المواقع، سنحاول تقديم تحليل يتناول التأثيرات الاجتماعية- السياسية لهذه الحفريات الأثرية على البلدة القديمة . في الوقت ذاته الحفريات الأثرية العلمية ، منذ عام 1967 حتى اليوم ، فهنالك نشاط واسع النطاق لحفر أنفاق وتجاويف تحتية- تحت الأرض. معلومات عن الحفريات التحتية- تحت الأرض ممكن أن تجدوها بمنشورات عمق شبيه- القدس التحتية.

oldcity1   oldcity2

الفصلالأول : تاريخالحفريات

بدأت الحفريات الأثرية في منطقة الحوض التاريخي بشكل فعلي قبل حوالي ال150عاما ، بمبادرة باحثين وعلماء آثار أوروبيين، مثل كونراد شيك، ش. كاليرمون، جينو وغيرهم.

أقيمت هذه الحفريات بمساحات صغيرة في محيط المدينة القديمة ،في معظم الاحيان كانت تقام بأراضي تابعة لكنيسة، بجوار أسوار وبوابات البلدة القديمة، أو في مناطق مفتوحة مثل هعوفل (الأكمة- التل جنوب الحرم الشريف(، قلعة داود وغيرها.

 حفريات واسعة النطاق في منطقة البلدة القديمة قد نظمت في أواخر الستينات (بعد حرب الأيام الستة1967)- واستمرت إلى حد معين حتى يومنا هذا.  بالنسبة لإسرائيل ، علم الآثار في المدينة القديمة اعتبر بمثابة جزء من دراسة هوية الشعب الإسرائيلي وارتباطه بأرضه. على الرغم من أن الأبحاث الأثرية قد أجريت بمعايير علمية وحفرت طبقات من فترات مختلفة في المدينة، فقد عرّف العديد من الباحثين عملهم مع أهمية التعلم والمعرفة، وهذا للتعرف بل ولإثبات تاريخ الشعب الإسرائيلي وجذوره في القدس. ان العديد من المساحات التي حفرت وكشف عنها للجماهير العامة تتواجد بمسؤولية العديد من الهيئات العامة، معظمها هيئات دينية أو حكومية -بلدية والبعض منها خاصة. تتقسم المسؤولية بين الكنائس، الوقف الإسلامي وبين سلطات أو شركات حكومية إسرائيلية.

 المبادرة (مشروع) "حفريات هعوفل- الاكمة"، بإدارة عالم الاثار بنيامين مزار، بدآ في عام 1968 وانتهى عام 1978.  في المنطقة المحاذية للسور الجنوبي وجزء من الجدار الغربي لجبل الهيكل- الحرم الشريف.حفريات الحي اليهودي نظمت بإدارة عالم الاثار نحمان افيغاد بسنوات 1969- 1982 الموقعين أديروا برعاية الجامعة العبرية في القدس. حفريات هعوفل- الأكمة تركزت بمكان محدد، بينما أعمال التنقيب الأثري في الحي اليهودي، أجريت بعدد كبير من المواقع المتفرقة في جميع أنحاء الحي . هنالك منطقة اخرى للحفريات تعد الثالثة من حيث كبرها وهي "قلعة داوود"، المجاورة لباب الخليل. هذه المنطقة حفرت عدة مرات خلال القرن العشرين.

إن معظم المباني في منطقة المدينة القديمة خلال المئات السنين الأخيرة قد بنيت فوق طبقات قديمة من فترات سابقة. بعد حرب الأيام الستة مباشرة ، أعلن عن المدينة القديمة كموقع اثري قديم، وكل عمل بناء أو حتى توسيع فتحة صغيرة يتطلب موافقة وترخيص من سلطة الآثار الإسرائيلية. لذلك فمن الضروري إشراك سلطة الآثار الإسرائيلية بكل أعمال التطوير ومواقع البناء في المنطقة. عشرات الحفريات الأثرية في منطقة الحوض التاريخي تديرها سلطة الآثار الإسرائيلية، بداية من حفريات إنقاذ صغيرة تستغرق عدة أيام إلى حفريات متتالية تستغرق عدة سنوات في مساحات واسعة.

على مر السنين ، أدارت سلطة الآثار (وسبقها قسم دائرة الآثار من قبل) حفريات عديدة بهدف التنمية والبناء، سواء في الحوانيت أو في منازل خاصة أو مباني عامة. على سبيل المثال، التنقيب الأثري في قصر الفرسان في الحي المسيحي وفي منطقة الكنيسة البطريركية اللاتينية. حفريات عديدة أخرى نظمت بعد إلحاق الضرر بالآثار الموجودة من قبل السكان المحليين. غالبا ما تكون هذه المناطق مغلقة أمام الجماهير، وأحيانا معظم البقايا الأثرية تخلى من مكانها بهدف التنمية. حفريات كهذه تسمى "حفريات إنقاذ"، ضرورية لمواصلة الحياة في محيط المدينة القديمة، ولتلبية الاحتياجات المتغيرة للمدينة ، مثل توسيع البناء عقب التضخم السكاني ، وتنمية السياحة ، وما شابه ذلك.

لأهمية قانون سلطة الآثار، حفريات إنقاذ عديدة تجرى في جميع أنحاء البلاد وليس فقط في منطقة الحوض التاريخي في القدس.

الفصل الثاني : نشاطات أثرية بارزة  في البلدة القديمة عام 2011

أسوار المدينة القديمة

Old City excavations1 (Copy)

 

 

في عام  2004، تساقطت بعض الحجارة من سور المدينة القديمة إلى باحة مدرسة "كلية دي فرير"  في الحي

المسيحي.  سقوط الحجارة حث المسؤولين عن البلدة القديمة وآثارها للبدء بالترميم والحفاظ على سور المدينة. في عام 2007، وبعد عدة سنوات من الدراسة والتخطيط، بدأت سلطة الآثار الإسرائيلية، بأعمال ترميم ، صيانة واعادة بناء أجزاء من السور. استمرت أعمال الترميم حتى نهايتها في عام 2011. مكتب رئيس الوزراء  هو المسؤول والمموّل لأعمال الترميم والصيانة هذه ، وتديرها  شركة تطوير القدس، تكلفة المشروع نحو 20 مليون شيكل.

تم بناء سور المدينة القديمة الحالي في القرن السادس عشر، ببدايات فترة الحكم العثماني في البلاد. أجزاء معينة من الجدار تم تشييدها على امتداد الأسوار القديمة من الفترة الصليبية، من الفترة الرومانية- البيزنطية والفترة الإسلامية.

كنيسة نيا (كنيسة القديسة مريم)

 

 

تم الكشف عن بقايا كنيسة نيا (كنيسة القديسة مريم) في سنوات السبعينات، وخلال الحفريات في الحي اليهودي، وهي تعود إلى القرن السادس الميلادي. الكنيسة معروفة في الكتب والمصادر الأدبية كواحدة من أكبر الكنائس والمثيرة للغاية في القدس ، تحدت كنيسة القيامة بفخامتها. الآثار التي تم الكشف عنها شملت: قسم من الحنية) -Apse وهو شكل نصف دائري يتجه إلى الشرق)، نظام أقبية تحت الأرض، بالإضافة الى الزاوية الجنوبية- الشرقية للكنيسة. فوق بقايا الآثار المؤرخة للفترة البيزنطية اكتشفت آثار كنيسة تعود إلى الفترة الصليبية. هذه الكنيسة اصغر من كنيسة نيا (كنيسة القديسة مريم)، ولكنها تعد واحدة من أكبر الكنائس التي تم الكشف عنها في القدس تعود الى هذه الفترة .

oldcity5   oldcity6

 

 

 تتواجد الكنائس اليوم في منطقة الحديقة العامة المركزية في الحي اليهودي التي تدعى "حديقة القيامة"، ولكنها (الكنائس) مسيجة ومغلقة أمام جمهور الزائرين. الكنائس المتواجدة في المنطقة بمسؤولية شركة إعادة إعمار وتطوير الحي اليهودي.  للتنويه ممكن زيارة كنيسة نيا (كنيسة القديسة مريم)، بتنسيق مسبق مع مكتب الشركة، وغالبا ما يتطلب الامر قدرا كبيرا من الصبر والإصرار للحصول على مفاتيح موقع الحفريات. الموقع مهمل ومليء بالنفايات، وفي أرجاء الموقع تتبعثر بقايا حجارة وعناصر معمارية قد سقطت  ترى كأنها جزء من النفايات في المكان. وفقا لمخطط شركة إعادة إعمار وتنمية الحي اليهودي ، التي تملك معظم الأراضي (المساحة) في الحي اليهودي، فان المنطقة المجاورة لكنيسة نيا سيعد لموقف سيارات تحتي- تحت الأرض لخدمة سكان الحي من الإسرائيليين- اليهود.

الحفريات في هعوفل (الاكمة)- مركز دفيدسون

 

يقع الموقع في جنوب جبل الهيكل – الحرم الشريف،  وأسوار المدينة القديمة و قرية سلوان. يعد موقع الحفريات  الأكبر والمستمر على التوالي في البلدة القديمة. كشف في الموقع عن قبور تعود إلى العصر العباسي  (القرن 8-9 ميلادي)، وعن بقايا مباني كبيرة التي تم تعريفها كقصور أو مباني للسلطة تعود للعصر الأموي (القرن 7-8  ميلادي). تحتها وبجانبها كشف عن طبقة من العصر البيزنطي (القرن 4-7 ميلادي) احتوت مباني سكنية وبناء عرّف بأنه أحد الأديرة، ووجدت آثار من أواخر العصر الروماني (القرن 1-4 ميلادي) على ما يبدو بقايا مباني للجيش، مثل مخبز استخدم لأغراض الجيش الروماني (الفيلق العاشر) الذي كان في القدس. طبقة أخرى تعود إلى العصر الروماني القديم – فترة الهيكل الثاني (القرن الأول قبل الميلاد- الاول للميلاد). كما واكتشفت آثار، بنطاق ضيق نسبيا، من فترات سابقة .

 

 

أعلن عن المكان كحديقة وطنية في أواخر سنوات ال90،  وبعدها ببضع سنوات في أوائل سنوات ال2000، بني مركز دفيدسون وتحوّل جميع المكان إلى متحف ناشط. يدير المركز شركة تنمية وتطوير القدس الشرقية- شركة حكومية- بلدية. ولتحضير الموقع وتجهيزه  للزوار أجريت أعمال للحفاظ واسترجاع  (إعادة بناء) القصور الأموية ، الشارع الهيرودي ومباني من العصر البيزنطي وأخرى غيرها.

oldcity7   oldcity8

 

 

فيعام 2011 أجريتثلاثةمبادرات(مشاريع)مهمةفيالموقع :

ترميم حفظ الموقع المسمى "بطريق المكفائوت- مسار المطاهر"- احواض الطهارة- أعمال ترميم وصيانة لمستجمعات للمياه استخدمت كأحواض للطهارة تعود للقرن الأول الميلادي ، وتنسب للطقوس والتقاليد اليهودية في فترة الهيكل الثاني. تقع أحواض الطهارة في الجزء الشرقي من حفريات هعوفل- الاكمة خارج أسوار المدينة القديمة. الافتراض السائد أن  أحواض الطهارة استخدمت لغرض الاستحمام واغتسال اليهود المؤمنين بفترة الهيكل الثاني- العصر الروماني القديم. أحواض الطهارة دلالة على وجود يهودي بالمنطقة وأداء طقوس العبادة اليهودية وارتباطها في فترة الهيكل- المعبد (القرن الثاني قبل الميلاد- القرن الأول للميلاد) . الخيار بالحفاظ على أحواض الطهارة يُظهر ويبرز الهوية اليهودية للموقع في طبقات كثيرة تم الكشف عنها في الحفريات الأثرية.

أعمالترميموصيانةالمكانالمسمىمسارالمكفائوت – مسارالمطاهر

في يونيو-حزيران2011، افتتح للزوار موقع "اسوار هعوفل- الاكمة". وهو جزء صغير من منطقة حفريات هعوفل- الاكمة، يقع بالقرب من طريق المكفائوت-مسار المطاهر. اكتشف في المكان عدد من الجدران تنسب للقرن7- 8 قبل الميلاد- فترة مملكة يهودا. أعمال الترميم، التجديد والصيانة في المنطقة شملت أجزاء المباني القديمة ومبنى بيزنطي. هذا المقطع، الشحيح بالبقايا الأثرية بشكل عام وبطبقات هعوفل بشكل خاص، يعد بمثابة تحوّل مركزي في المسار السياحي. ان المخلفات الاثرية التابعة للقدس في فترة مملكة يهودا تعد موجودات ذات أهمية كبيرة في الحضارة الإسرائيلية ، أكثر بكثير من ماهيتها.

أعمال الترميم، التجديد والصيانة بمنطقة أسوار هعوفل وحفر الأنفاق تخلق تسلسل سياحي حتى موقع "مدينة داود"  في قرية سلوان. إن حفر نفق يربط بين المدينة القديمة والموقع ، ونسب سور هعوفل مع فترة الملك سليمان ، يشبه نسب مخلفات أثرية عديدة في منطقة مدينة داوود كجزء من قصر داوود.

 

طريقالواد

مع نهاية عام 2011 ، أعلنت "سلطة تطوير القدس" عن مناقصة لأعمال البنية التحتية في شارع هجاي- الواد ، مع العلم أن مخطط هذه الأعمال كان معروف منذ فترة طويلة. أعمال الصيانة بالبنية التحتية هذه شملت استبدال خط للصرف الصحي يمتد تحت الشارع ، من باب العامود حتى باحة الحائط الغربي- حائط المبكى.  في سنوات السبعينات والثمانينات حفر علماء آثار عدة في منطقة شارع الواد. بحيث انه يمكن الافتراض بان معظم المنطقة التي ستقام بها أعمال الصيانة في البنية التحتية، قد تم حفرها في الماضي. لا يمكننا تقييم ما إذا كان سيتم استخدام الحفريات كنفق لربط حفريات أنفاق الحائط الغربي، المنتهية بطريق الآلام – فياديلاروزا، مع باب العامود أو مع كهف صدقيا  (مقالع سليمان).

 كهف صدقيا المعروف باسم محاجر سليمان / مقالع سليمان

 

 

يقع الكهف اسفل ربع مساحة الحي الإسلامي ، والدخول إليه من خارج أسوار المدينة القديمة، بين باب العامود وباب الساهرة/ الزاهرة. اعدّ وهُيّء الموقع للحركة السياحية منذ عشرات السنين وهو بإدارة شركة تطوير القدس الشرقية (פמ"י). تجرى في هذه الأيام أعمال تطوير في الموقع تشمل توصيل خط للصرف الصحي إلى داخل كهف صدقيا وبناء مراحيض. بالإضافة إلى حفر مدخل للطوارئ يوصل إلى خارج الأسوار، مقابل شارع صلاح-الدين. أعمال التطوير في الموقع أعدت لتهيئته للمناسبات ولزيارة مجموعات.

 

استخدم كهف صدقيا كمحجر لتقطيع الصخور على مدار آلاف السنين. مخلفات أثرية تدل على استخدامه كمحجر نسبت لبداية القرن الثاني قبل الميلاد حتى القرن ال 15 للميلاد، يعتبر هذا الكهف احد الكهوف الكبيرة والمتفرعة التي صنعها الإنسان في القدس. قد تم استخدامه خلال فترات مختلفة باختلاف القواعد والحكام لغرض البناء. لا يتواجد في الموقع مركز إرشاد وجولات بشكل منتظم ، وإنما جولات متفرقة في الأعياد وخلال الأيام ما بين الأعياد تتطرق الى أن الكهف استخدم كمصدر لحجارة بناء المعبد (فرضية لا يمكن أثباتها).

 باب الزاهرة/ الساهرة- برج اللقلق

 

 

برج اللقلق وهو إحدى المناطق القليلة المحفورة الغير متواجدة في الحي الإسلامي . يقع شرق باب العامود يقطع السور ومنطقة منازل حي السعدية. في عام 1998 بدأت سلطة الآثار الإسرائيلية  بعمليات حفر في المنطقة وهذا لتهيئتها كمنازل سكنية معدّة خصيصا لاستخدام  مستوطنين إسرائيليين. وزارة السياحة هي المبادرة والممولة لأعمال التنقيب الأثري في المنطقة، مع العلم أن المنطقة قد خصصت لمنازل سكنية وليس لغرض تنمية السياحة. في الحفريات التي أقيمت تم العثور على بقايا مباني نسبت إلى القرن الأول ميلادي حتى الفترة العثمانية. في عام 2008 توقفت أعمال التنقيب الأثري بالمكان بعد كشف جزئي عن المخلفات القديمة، ولم تُتّخذ أي خطوة لحفظ وحماية الآثار.  لهذا السبب، فإن المنطقة لا تزال مهملة والمخلفات الأثرية التي تم الكشف عنها معرضة للضرر، والوصول إلى منطقة مسيجة ومغلقة. رغم أنه في السنوات الأخيرة لم يتم الحفر في الموقع، برأينا سوف تستمر الحفريات في المنطقة حين يقرر سياسيا تعزيز البناء الاستيطاني الإسرائيلي في المنطقة.

 

 حائط المبكى الصغير

 

 

"حائط المبكى الصغير" هو جزء من حائط يقع في الحي الإسلامي،  في زقاق ضيق بطرف شارع باب الحديد (شارع يؤدي إلى محيط الحرم الشريف – جبل الهيكل). الحديث عن جزء صغير من الجدار الغربي الداعم الذي يسند الحرم الشريف – جبل الهيكل ، وقسم منه ينسب تاريخه إلى فترة الهيكل الثاني. حائط المبكى الصغير معروف بأنه المكان الأقرب لقدس أقداس المعبد/ الهيكل ومسموح لمصلين يهود أن يصلّوا فيه. طول مقطع الحائط حوالي 10 أمتار، وفي السنوات الأخيرة، يستخدم المكان كمصلّى لليهود، وخصوصا في أيام الجمعة. افتتاح المكان لصلاة المصلين اليهود يخلق احتكاك بين السكان الفلسطينيين الذين يعيشون بمحاذاة حائط المبكى الصغير وبين اليهود الذين يأتون للصلاة، حيث يضطر السكان المحليين لملائمة حياتهم وفقا لمواعيد الصلاة والمناسبات اليهودية التي تقام في حائط المبكى الصغير.

 

 

oldcity9   oldcity10

 

  بركة حزقيا (ما تسمى ببركة البطرك او بركة حارة النصارى):

 

في الحي المسيحي- حارة النصارى يتواجد مجمع للمياه يدعى "بركة حزقيا"، محاط بالمنازل من جميع الجهات مبني على شكل مستطيل ، وإن لم يكن متماثل. من جهة الشمال يحيط المجمع خان الأقباط ومن باقي الجهات الأخرى محاط بالمنازل والمحلات التجارية. لم يُدرس تاريخ البركة ولم تُحفر حتى يؤرخ زمن بنائها ، ولكنه قد تم حفر قناة صرف المياه المتصلة بالمجمع ونسب تاريخها إلى أواخر العصر الروماني ( القرن الثاني للميلاد).

 

لذالك فعلى الأرجح أن مجمع المياه هو من نفس الفترة. من خلال صور التقطت ببداية القرن ال20 يلاحظ أن البركة كانت مليئة بالمياه. اليوم هو فارغ لانه لا يوجد ممر مياه منظم إلى المجمع. في السنوات الأخيرة كانت هناك مبادرات عديدة  لتنظيف الأوساخ المتراكمة من البركة عقب الظروف الصحية السيئة وخطر المرض والتلوث. في الآونة الأخيرة، قامت مجموعة عن طريق الإنترنت بنداء  لتنظيف البركة وحفرها وهذا لأهمية الموقع للشعب اليهودي. تنسب المجموعة تاريخ الموقع إلى الملك حزقيا من القرن الثامن قبل الميلاد، على الرغم من الوضوح  بأنه لا توجد أي صلة بين مجمع المياه وفترة حزقيا، ويبدو أنه قد بني في أواخر العصر الروماني- البيزنطي.

 

 

في نفس وقت نشاط المجموعة على الانترنت بدأت بلدية القدس بتنظيف المُجمّع نتيجة لاستياء الأقباط، واليونانيين -الأرثوذكس والوقف الإسلامي أصحاب مجمع المياه (ملك لهم). بدأت عمليات التنظيف في يونيو 2011، واستمرت عدة أشهر من العمل المكثف والمستمر. أعمال التنظيف أجريت من طرف واحد، والأطراف المعنية لم تنجح بالتنسيق فيما بينها، على الرغم من الدافع المشترك.

 

 

الفصلالثالث : النشاطالأثريوتأثيرهالسياسي –الاجتماعي

لأعمال ترميم وصيانة أسوار البلدة القديمة، أو صيانة شبكات الصرف الصحي تحت شارع الواد- هجاي اهمية كبيرة للحفاظ على آثار المدينة القديمة. بالطبع ليس كل نشاط أثري وأعمال ترميم وصيانة ستُلحق الضرر بالسكان المحليين. في مرات كثيرة نظمت ونفذت حفريات إنقاذ وهذا لإتاحة وتمكين مواصلة الحياة اليومية في المدينة، مع  ذلك ، حسب رأينا ، تأثير المواقع الأثرية في المدينة القديمة تلزم الفحص مع التطرق أيضا للصلة بنشاط سياسي واسع.

أعمال الترميم، الصيانة والحفريات في مركز دفيدسون – حفريات هعوفل (الأكمة) تعالج مخلفات أثرية غير بارزة  في الموقع- مثل: أحواض الطهارة التي تنسب إلى أيام المعبد/الهيكل ، مرافق بنيت في الأقبية  و منشآت محفورة في الصخر. المخلفات الأثرية التي تنسب إلى أيام مملكة يهودا شحيحة وصعبة جدا للفهم لأنها قد دمرت، وأهملت، وأنها مبنية تحت طبقات ومباني من فترات لاحقة.  أعمال الترميم والصيانة لا تُجرى على مخلفات أثرية بارزة ومهمة بالموقع ، مثل ما تبقى من مباني من العصر الأموي وغيرها ، من فترات متأخرة أكثر ، وانما يتم معالجة وصيانة مرافق على الرغم من قلة صمودها تعرّف كمخلفات ذات أهمية وطنية لشعب إسرائيل.

مقارنة مع الاستثمار والاهتمام بالمخلفات الأثرية في مركز دفيدسون ، مُلاحظ جدا الإهمال بكنيسة نيا (كنيسة القديسة مريم) المتواجدة في الحي  اليهودي. نسبيا ان زيارة الكنيسة غير متاحة للجمهور، والموقع مهمل ومليء بالأوساخ. هكذا نتج وضع، بان إحدى المواقع الأثرية المثيرة والمهمّة التي وجدت وكشف عنها بالحي اليهودي لم تحظى بأعمال الصيانة والترميم التي تستحقها وغير معروفة للجمهور. أعمال الترميم والصيانة في الحي اليهودي ، مقابل إهمال مواقع أخرى تدل على الرغبة في إبراز التاريخ اليهودي للمنطقة ، وربط مخلفات أثرية منذ حوالي ألفي سنة وأكثر مع سكان الحي اليهودي اليوم.  آلاف السنين من الطبقات تتبع لفترات أخرى لم تحظى بالدراسة والأبحاث والنشر التي تستحقها.

على ما يبدو فان حفظ سور المدينة القديمة الذي بني في القرن ال 16 غريب وملفت للنظر وانه ليس لأغراض سياسية، لكننا نلاحظ انه بالإضافة لأهمية الحفاظ على الأسوار وترميمها، فان إسرائيل تشد قبضتها على حدود المدينة القديمة. أعمال الترميم والصيانة تعرض وتعكس لنا حصر الفلسطينيين من جميع الجهات ، وتبين السيطرة الإسرائيلية على أسوار المدينة.  ربما هذه احد الأسباب لقرار رئيس الوزراء بتمويل الأعمال.

ويمكن رؤية مثال آخر على تدخل السلطات بترميم وحفظ مواقع، ممكن رؤية ذالك بتنظيف بركة حزقيا المتواجدة في حي النصارى. أصحاب الأرض (الوقف الإسلامي، الأقباط، واليونانيين –الأرثوذكس) قد أثاروا الحاجة بتنظيف منطقة البركة في بداية سنوات ال2000 ، لكنهم لاقوا معارضة من قبل سلطة الآثار الإسرائيلية. قرار البلدية بتنظيف الموقع كان بدون التنسيق مع أصحاب المكان، هذا يعزز فرضيتنا بأن المكان معدّ لاستخدام المستوطنين الإسرائيليين أو جماعات إسرائيلية أخرى. الجدار الجنوبي- الغربي للبركة يجاور فندق البتراء. هنالك خلاف قانوني حول ملكية ذلك الفندق، بين جمعية "عطيرت كوهانيم"  الاستيطانية و الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية. حتى الآن لم يتضح ما إذا كانت هناك صلة بين الصراع القانوني حول ملكية الفندق وبين المبادرة بتنظيف البركة.

تنظيف البركة وتعزيلها يضاف إلى الأنشطة الأثرية الأخرى في الأراضي التي يسكنها السكان الفلسطينيين. على سبيل المثال ، برج اللقلق- باب الزاهرة، ، جميع الحفريات مجمدة هذه الأيام ، ولكنها أعدت لتمكين بناء محيط للمستوطنين اليهود بالمنطقة المفتوحة ، كان آخرها تقريبا، في الحي الإسلامي. افتتاح كهف صدقيا (مقالع سليمان) للزوار، في المنطقة الواقعة بين باب العامود وباب الزاهرة ليست جزءا من اقتطان المستوطنين في المدينة القديمة، ولكن تجهيز المكان للحفلات والمناسبات، وجلب الآلاف من السياح الإسرائيليين إلى مركز تجاري فلسطيني في القدس الشرقية سوف يعزز السيطرة الإسرائيلية على المكان. في الوقت نفسه،  إن المخلفات الأثرية القديمة تُعرض بطريقة تبرز الماضي الإسرائيلي- يهودي للمكان، حتى ولو انه واضح لنا أن استخدام الكهف كان على مدار آلاف السنين ، وهو مثال واضح على امتداد استيطاني (سكن متتالي).

المواقع والأعمال المعروضة في هذا الجزء ، ليست جميع الأنشطة الأثرية المقامة في البلدة القديمة. تخطيط مبادرات (مشاريع) أسفل باب العامود- بمحيط متحف الباحة الرومانية، ومحيط باب الخليل وغيرها. المشاريع مستمرة بمثابة اتجاه لتعزيز الصلة الإسرائيلية للبلدة القديمة في نفس الوقت مع تجاهل صلة السكان الفلسطينيين للماضي ، وبالتالي تُعمّق السيطرة الإسرائيلية على المكان. تعميق السيطرة الإسرائيلية على المكان ليس من خلال تعزيز العلاقات مع الفلسطينيين المحليين، وإنما من خلال النشاط الأثري الذي يضر بالسكان المحليين وحتى انه في العديد من المرات يتنافى مع احتياجاتهم ومصالحهم.

 للتلخيص:

النشاط الأثري في عام 2011 لا يزال مستمرا، في العديد من الأماكن ، مكمل لنشاطات أثرية من سنوات سابقة. تصريح المدير العام لسلطة الآثار الإسرائيلية، بأنه منذ عام 2005  يقومون بعمليات حفر في منطقة البلدة القديمة كما لو أنهم لم يحفروها من قبل، يعزز ما نعرفه عن قرار الحكومة للاستثمار في تطوير مواقع السياحة والآثار وعرضها  كجزء من تراث الشعب الإسرائيلي. يمكننا ملاحظة استثمارات عديدة في هذه المجالات، مقابل القليل من الميزانيات وشحه الاستثمارات باحتياجات السكان الفلسطينيين. في الوقت نفسه يحاولون التشديد أكثر وأكثر على ارتباط التاريخ اليهودي بالمكتشفات الأثرية من الفترات الأخرى.

على الرغم من أن معظم النشاطات الأثرية في المدينة القديمة تُنفذ من  قبل هيئات حكومية وبلدية، حسب تقديراتنا ان هنالك تعاون و"تقاسم بالأعمال" بين السلطات والمستوطنين في البلدة القديمة ومحيطها. يُستخدم النشاط الأثري كوسيلة لتعزيز الحق في الاستيطان والاستيلاء على منازل في قلب حي كله سكان فلسطينيين (على سبيل المثال ، حفريات برج اللقلق، بركة حزقيا ، وغيرها).

في تقريرنا هذا تطرقنا إلى عدة أماكن لم تحفر بالسنة الأخيرة، لكننا نعتقد أن هذه المناطق هي مناطق حساسة على وجه الخصوص (على سبيل المثال كنيسة نيا، حائط المبكى الصغير وغيرها) التطرق اليها امر ضروري لا بد منه لنشر صورة اوسع ، ليس فقط على النشاط الاثري في العام الماضي، وإنما الغاية من هذا النشاط الأثري وانعكاساته. المواقع التي رممت وتمت صيانتها، نظفت وطورت في السنة الماضية لها اهمية تاريخية ، ثقافية وسياسية. في حين أن كل نشاط أثري على حدة يبدو بريئا ، جدير ومهم، كافة الأنشطة الإسرائيلية تدل على الهدف بان علم الآثار يتواجد بمقدمة النضال الوطني ، إلى جانب تعزيز الاستيطان بالبلدة القديمة وتقوية الصلة الإسرائيلية بها.

 

 


Back to top