كيف تحافظون على حقوقكم لدى اكتشاف آثار في أرضكم؟ دليل حقوق أصحاب الأراضي

5 דצמבר, 2016

 

تكشف الحفريات الأثرية في الضفة الغربية، كلها تقريبا، عن آثار قديمة. ويعتبر هذا الأمر بالنسبة لأصحاب الأراضي في الضفة الغربية، سواء المزارعين منهم أو الراغبين في البناء على أرضهم، عقبةً يجب تجاوزها لضمان الاستمرار في استعمال أرضهم. وأشدّ ما يخشاه هؤلاء هو احتمال أن يؤدي اكتشاف آثار في أرضهم إلى حملهم على وقف البناء فيها أو منعهم من فلاحتها أو حتى إلى مصادرتها من قبل السلطات.

لذا من الضروري أن يعرف أصحاب الأراضي القوانين ذات الصلة بالموضوع لتمكينهم من استغلال الآثار لمنفعتهم والحدّ من الضرر الذي قد يلحق بأراضيهم. الهدف من دليل الحقوق الموضوع بين أيديكم هو المساهمة في توضيح القوانين المتعلّقة بالأثريّات، وسنخصّ بالذكر قانونين أساسيين هما: قانون الآثار الأردني (الساري مفعوله في المنطقة C بالضفة الغربية) وقانون استملاك الأراضي للمشاريع العامة رقم 2 لسنة 1953.

يقع هذا الدليل في ثلاثة أجزاء: يشتمل الجزء الأول منه على عدد من القواعد والأسئلة والأجوبة التي تستعرض أساليب العمل والإمكانيات المتاحة لصاحب الأرض التي يُكشف عن آثار قديمة فيها؛ ويتناول الجزء الثاني نضالَين قادهما أصحاب أراض ضد نيّة السلطات منعهم من استغلال الآثار في أراضيهم لمنفعتهم حسب القانون؛ ويتضمن الجزء الثالث والأخير مصطلحات أساسية في مجال علم الآثار.

 

كيف تحافظون على حقوقكم لدى اكتشاف آثار في أرضكم؟ دليل حقوق أصحاب الأراضي pdf

 

قواعد عامة

  • في حال العثور على آثار في المنطقة C، يجب تبليغ الإدارة المدنية بذلك خلال ثلاثة أيام. يجدر التنويه إلى أن الآثار تابعة لصاحب السيادة على الأرض (بشكل مؤقت، يشغل قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي مهام صاحب السيادة بالنيابة)، ولكن تبقى الأرض ملكًا لصاحبها.
  • يحظر على صاحب الأرض التنقيب عن الآثار بنفسه والمتاجرة بها بلا ترخيص. من يخالف الحظر يعرّض نفسه لغرامة مالية وحتى للاعتقال.
  • يحظر القانون القيام بأي عمل قد يلحق الضرر بالآثار، مثل تفكيك الحجارة، القيام بأعمال بناء على الآثار أو فلاحة الأرض. كما يحظر القانون على الإدارة المدنية إجراء أية حفريات أو فحص أثري دون إذن من صاحب الأرض، إلا بأمر من المحكمة.
  • قانون الآثار هو قانون مركّب، لذا نوصيك بدراسته في حال اكتشاف آثار في أرضك، والاستعانة بخبراء مختصّين في المجال.

 

أسئلة شائعة وأجوبة

 

الإعلان عن موقع أثري

الإعلان هو إجراء قانوني يحدّد بأنّ موقعًا معيّنًا هو موقع أثريّ. ويمنح مجرّد الإعلان للسلطات صلاحيات واسعة تجيز لها التدخل بكل ما يحدث في الموقع. من جهة أخرى، عدم الإعلان عن موقع ما موقعًا أثريًّا، لا يمنح السلطات الحق بالتدخل في ما يحدث فيه، إلا إذا تمّ الكشف عن آثار في مكان معين خلال أعمال تطوير تشتمل على كافة أعمال البناء بما فيها شق شوارع وإرساء بنى تحتية.

سبق أن تمّ الإعلان عن معظم المواقع الأثرية في عهد الانتداب البريطاني، وأُعلن عن عدد قليل منها في زمن الحكم الأردني، كما أُعلن عن مواقع معدودة خلال الحكم العسكري الإسرائيلي. بمقدور كل صاحب أرض أن يستفسر عمّا إذا تمّ الإعلان عن أرضه موقعًا أثريًّا في موقع الانترنت التابع لسلطة الآثار الإسرائيلية أو في الجريدة الرسمية وإعلانات الانتداب التي يمكن الحصول عليها من الإدارة المدنية.

 

  1. كيف يتمّ الإعلان عن موقع أثريّ؟

ينصّ قانون الآثار (الأردني والإسرائيلي) على أن كل موقع أو جزء منه بُني قبل عام 1700 هو موقع أثريّ. كما تعتبر كل إضافة للمبنى تمّت بعد عام 1700 وكجزء لا يتجزأ منه، جزءا من الموقع الأثري. وعليه، وبموجب قانون الآثار الأردني، تعتبر كل الأجزاء المضافة محميةً من الهدم.

 

  1. ما هو الإجراء القانوني للإعلان عن موقع أثريّ؟

يتوجّب قبل الإعلان عن موقع أثري، نشر بلاغ بذلك في مركز اللواء أو القضاء أو القرية حيث يتواجد الموقع الأثري المزمَع إعلانه. عدم نشر بلاغ كهذا يعتبر انتهاكًا للإجراء القانوني وأساسًا قانونيًّا للاعتراض على الإعلان (المادة 9 (أ) من قانون الآثار الأردني).

 

  1. لمن تعود ملكية الأثريات التي يتم اكتشافها في أرض خاصة؟

يعتبر كل أثر، حتى لو تمّ الكشف عنه في أرض خاصة، ملكًا لصاحب السيادة، وفي الضفة الغربية، في المنطقة C، تعود ملكية الآثار للإدارة المدنية المندوبة عن صاحب السيادة بالنيابة. تمّ تعيين الإدارة المدنية من قبل قائد المنطقة الوسطى بموجب منصبه كنائب عن صاحب السيادة في الضفة الغربية، وتعتبر الجهة العسكرية المسؤولة عن تنفيذ سياسته في الضفة الغربية. لذا، يعتبر أي تنقيب عن الآثار دون ترخيص مخالفة قانونية ونهبًا للآثار، وقد يتعرّض مرتكب المخالفة إلى غرامة مالية وحتى للاعتقال. وفقًا للمادة 15 من القانون، كل من اكتشف أثرًا قديما، وكل من علم باكتشافه، عليه أن يبلغ ضابط الآثار بذلك خلال ثلاثة أيام. ضابط الآثار هو الضابط المخوّل بصيانة وحفظ المواقع الأثرية في الإدارة المدنية (المادة 7 من قانون الآثار الأردني، إضافة إلى التشريعات الأمنية العسكرية الصادرة عن قائد قوات الجيش الإسرائيلي خلال ال49 عامًا الأخيرة).

 

  1. هل هناك خطوات معينة يتعيّن على المبادر المستقل أو الإدارة المدنية القيام بها إذا اعتزما إجراء حفريات أثرية في أرض خاصة؟

من حقّ صاحب الأرض الاعتراض على إجراء حفريات أثرية في أرضه؛ في هذه الحالة يحظر على الجهة المبادرة أو الإدارة المدنية إجراء أية حفريات، إلا بإذن من المحكمة. إذا أرادت جهة ما إجراء حفريات في أرض خاصة، يتعين على من يملك ترخيصًا بتنفيذ الحفريات أن يجري مفاوضات مع صاحب الأرض بهدف استئجارها أو استملاكها لغرض إجراء الحفريات. في حال عدم التوصل لاتفاق بين الطرفين، يحقّ لمن يملك ترخيصًا بإجراء الحفريات التوجّه للمحكمة طلبًا لمصادرة الأرض من أصحابها. يجدر التنويه إلى أنّه حتى الآن لا يُعرف عن حالات وصلت فيها إجراءات التنقيب في أرض خاصة إلى الهيئات القضائية (المادة 11 من قانون الآثار الأردني).

 

  1. هل يحق للإدارة المدنية التنقيب في أرض خاصة دون إذن من صاحبها؟ هل يعتبر إتلاف أرض زراعية لغرض إجراء تنقيبات أثرية أمرًا قانونيًّا؟

مع أن قانون الآثار الأردني يحدّد بأن الآثار الموجودة في أرض خاصة هي ملك للدولة وخاضعة لمسؤولية ضابط الآثار، يجدر التنويه إلى أن الأرض تبقى ملك لصاحبها. وعليه، يحظر على ضابط الآثار إجراء أية حفريات، أو إتلاف أرض زراعية أو اتّخاذ أية خطوة أخرى دون إذن من صاحب الأرض أو من المحكمة يجيز إجراء الحفريات رغم معارضة صاحب الأرض. وكانت هناك عدة حالات، أدّى فيها إجراء حفريات في أرض خاصة إلى هدم منازل ومنع السكان من الوصول إلى أراضيهم.

 

 

  1. كيف يمكن لصاحب الأرض الحصول على معلومات بشأن حجم الحفريات المتوقّعة في أرضه؟

على المعني بإجراء حفريات في أرض معينة، تقديم مخطّط لضابط الآثار في الإدارة المدنية يحتوي على تفاصيل المنطقة المعنية. وتمهيدا لإعداد المخطط يجدر إجراء مسح أثري مسبق. يحقّ لكل شخص يُتوقّع إجراء حفريات أثرية في أرضه، المطالبة بمعلومات عن الفحوص التي ستحدّد حجم الحفريات. علاوة على ذلك، إذا تبين أن الآثار في الأرض ستمنع صاحب الأرض من استعمالها (لغرض البناء أو الفلاحة مثلا أو لأغراض أخرى)، فمن حقّه المطالبة بأن يُجري بنفسه هذه الفحوصات ليتمكّن من تحديد حجم الحفريات المتوقعة في أرضه، واستيضاح الطرق المتاحة أمامه لإجراء أعمال تطوير خاصة به في الأرض، دون إلحاق الضرر بالآثار الموجودة هناك (المادة 22 من قانون الآثار الأردني).

 

 

استعمالات الأرض التي تحتوي على آثار

 

  1. هل بإمكان صاحب الأرض البناء في أرضه بعد إعلانها موقعًا أثريًّا؟

ليس هناك حظر شامل على البناء في أرض أُعلنت موقعًا أثريًّا. مع هذا، فلأجل البناء في موقع أثري معلن هناك حاجة للحصول على مصادقة خاصّة من السلطات المسؤولة عن حماية الآثار وإدارتها، أي ضابط الآثار في الإدارة المدنية، حاليًّا. في حال قرّر ضابط الآثار رفض طلب البناء، فمن المهم الامتناع عن البناء غير القانوني وإيجاد سبل أخرى قانونية للنضال ضد القرار. القرار بالتقدم في أعمال البناء دون ترخيص يمكن أن يؤدي لاستصدار أوامر بهدم المبنى (المواد 41-45 من قانون الآثار الأردني)، بل وإلى إجراءات قانونية وإدارية أخرى تتولّى تنفيذها سلطات الجيش والإدارة المدنية.

 

  1. في حال اكتشف صاحب الأرض آثار في أرضه خلال أعمال البناء، ماذا عليه أن يفعل؟

إذا تمّ الكشف عن آثار في أرض ما أثناء عملية البناء فيها، فعلى صاحب الأرض تبليغ ضابط الآثار خلال ثلاثة أيام والحصول منه على إذن خاص بمواصلة البناء. كما أسلفنا، ليس هناك حظر شامل على البناء في أرض تحتوي على آثار.

 

  1. إذا تمّ التنقيب في موقع أثري وتُرك مكشوفًا، هل يحق لصاحب الأرض صيانة الموقع بنفسه وفتحه لزيارة السياح؟

مبدئيًّا، يمكن لكل شخص التصرّف في الأرض التي يمتلكها بالشكل الذي يراه مناسبًا ووفق تعليمات القانون ذات الصلة. ولكن بما أن القانون ينصّ على أن المسؤولية عن الآثار هي لضابط الآثار في الإدارة المدنية، فإن صاحب الأرض ملزم بتطوير الموقع الأثري بالتعاون مع ضابط الآثار أو، على الأقل، بإذن منه. في بعض الحالات، أدى نضال السكان الفلسطينيين إلى تغيير وإلغاء الإذن الذي مُنح لمستوطنين بتطوير مواقع أثرية متواجدة في أراض فلسطينية خاصة، وسنأتي لاحقًا على تفصيل حالتين منهما، في تل الرميدة وقناة البيار.

 

  1. هل يحقّ لصاحب الأرض إجراء حفريات في أرضه؟

الحفريات الأثرية مسموحة لعلماء الآثار المرخّص لهم فقط. وبالتالي فكل من يرغب في إجراء حفريات في أرضه، عليه أن يثبت مؤهلاته كعالم آثار مرخص له من قبل مؤسسة علمية معترف بها. كما عليه أن يثبت وجود مؤسسة علمية معترف بها مستعدة أن تكفل مؤهلاته العلمية وقدرته على تمويل الحفريات الأثرية (المادة 20 من قانون الآثار الأردني).

 

  1. هل يمكن المتاجرة بالآثار الصغيرة (مثل الأباريق، النقود، الكتابات، الحليّ، التماثيل الصغيرة وما شابه ذلك) والتي يتمّ الكشف عنها في أرض خاصة؟

بما أن الآثار معرّفة كملك لصاحب السيادة (في الضفة الغربية يعتبر قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي صاحب السيادة بالنيابة)، فإن المتاجرة بالآثار دون تصريح من السلطات تعتبر أمرًا محظورًا. وعلى من يرغب في المتاجرة بالآثار استصدار رخصة خاصة للتجارة بالآثار من ضابط الآثار في الإدارة المدنية، وعليه استيفاء عدة شروط منها: دفع رسوم سنوية، التصريح بحيازته لآثار قديمة والتعهّد بالامتناع عن شراء أو بيع آثار مسروقة أو مزيّفة (المواد 37-40 من قانون الآثار الأردني).

 

المصادرة[1]

حتى كتابة هذه السطور، لم يُعرف عن حالات في الضفة الغربية أو داخل إسرائيل تمّت خلالها مصادرة أراض بهدف إجراء حفريات أثرية أو حماية الآثار فيها.

سوسيا الواقعة في جنوب جبل الخليل هي الحالة المعروفة الوحيدة التي تمّ فيها استعمال أمر عسكري لتهجير السكان الذين يعيشون في الموقع الأثري، وزنوتا هي الحالة المعروفة الوحيدة التي ادّعت فيها الدولة وجود حاجة لإخلاء السكان من أرضهم بحجّة أنّهم يعيشون في موقع أثري. حتى كتابة هذه الوثيقة، لم يتمّ اتّخاذ قرار في شأن أهالي زنوتا، ومن غير الواضح إذا كانت المحكمة ستقبل ادّعاء الدولة ضدهم. وتثير هاتان الحالتان عدة أسئلة بالنسبة لاستغلال الآثار لانتهاك حقوق الفلسطينيين في أرضهم.

 

  1. كيف تتمكّن السلطات العسكرية من مصادرة أرض لصالح إجراء حفريات أثرية؟

بموجب الأمر بشأن قانون استملاك الأراضي للمشاريع العامة (يهودا والسامرة) (رقم 949) 1981، والذي يعتبر تعديلا لقانون المصادرة الأردني من عام 1953، يحق للمندوب عن صاحب السيادة مصادرة أرض للمصلحة العامة. المصلحة العامة هي كل مصلحة يحدّد صاحب السيادة أنها مصلحة عامة (المادة 2 من الأمر بشأن قانون استملاك الأراضي للمشاريع العامة). وفق قرار المحكمة العليا، على السلطات المصادِرة الاهتمام بأن تخدم المصلحة العامة السكانَ الفلسطينيين.[2]

 

  1. كيف يتعين على السلطات العسكرية التبليغ عن نيّتها مصادرة أرض لإجراء حفريات أثرية؟

بعد اتّخاذ قرار بمصادرة أرض لإجراء حفريات أثرية، على صاحب السيادة (ضابط الآثار في الإدارة المدنية) التبليغ عن قراره بعدة طرق:

  • أ‌. قبل اتّخاذ القرار، يجب على المبادِر التبليغ عن نيته مصادرة أرض معينة من خلال النشر في الجريدة الرسمية، وذلك بشكل يوميّ وعلى مدار 15 يومًا. وعليه في البلاغ إعلان نيته تقديم طلب لمصادرة الأرض للمصلحة العامة (كما هي معرّفة في المادة 2 من الأمر بشأن قانون استملاك الأراضي للمشاريع العامة) (المادة 3 من الأمر بشأن قانون استملاك الأراضي للمشاريع العامة). مع هذا، ينص التعديل الذي أُدخل على هذا الأمر، ويَرِدُ في أمر رقم 949 (1981)، على أنه إذا كان المبادر المطالب بالمصادرة هو نفسه صاحب السيادة، فهو غير ملزم بهذا الإجراء.
  • ب‌. بعد اتّخاذ قرار بمصادرة الأرض المعيّنة، على مندوب صاحب السيادة بالنيابة (أي الإدارة المدنية) أن ينشر قراره في الجريدة الرسمية (المادة 5 من الأمر بشأن قانون استملاك الأراضي للمشاريع العامة). وينص التعديل الذي أُدخل على هذا الأمر، ويَرِد في أمر رقم 949 (1981)، على أن الجريدة الرسمية هي مجلد المناشير كما ورد معناها في الأمر بشأن مجلد المناشير (يهودا والسامرة) (رقم 111) لعام 1967.
  • بعد اتّخاذ القرار، يتوجّب على الإدارة المدنية تسليم أصحاب الأراضي الحاليين نسخًا عن القرار بمصادرة أراضيهم. كما يتوجّب على صاحب الأرض الحالي تسليم الإدارة المدنية قائمة بأسماء كل من له مصلحة في هذه الأراضي والذين قد يتضرّرون من قرار مصادرتها. يجب تسليم القائمة خلال 15 يومًا من لحظة استلام بلاغ المصادرة (المادة 6 من الأمر بشأن قانون استملاك الأراضي للمشاريع العامة).
  • على الإدارة المدنية تسليم نسخة عن القرار لكل أصحاب المهن الذين يستعملون الأرض المرشحة للمصادرة والمسجّلين في السجل العقاري أو في سجل الأراضي والمباني. أما بالنسبة للأراضي غير المسجلة، فيجب تقديم قائمة بأسماء أصحاب الحق بحيازتها.

 

  1. هل صادرت الإدارة المدنية في السابق أرضًا لغرض إجراء حفريات أثرية؟

رغم أن القانون يتيح مصادرة أراضٍ بهدف إجراء حفريات أثرية، إلا أن هذا يعتبر إجراءً معقّدًا ومركّبًا، وهناك طرق مختلفة للاعتراض عليه. لذلك، لا يُعرَف عن حالات تمّت فيها مصادرة أراض ملك خاص بهدف إجراء حفريات أثريّة. وبالتالي، من المهم معرفة القانون للنضال ضد مصادرة الأراضي.

 

  1. هل يحق لصاحب أرض الحصول على تعويض في حال اكتشاف آثار فيها؟

بما أن الأرض تبقى ملكًا لصاحبها، فلا يحقّ له الحصول على تعويضات. فقط إذا كانت هناك نية لمصادرة الموقع الأثري من أيدي صاحبه، يكون على الدولة تعويضه. كما أن هناك إمكانية للاستئناف على قيمة التعويضات المقدَّرة لدى لجنة الاستئنافات العسكرية التي تعمل في إطار المحاكم العسكرية في مخيم عوفر.

 

حالتان اختباريتان

تل الرميدة في الخليل

تل الرميدة هو تل قديم يقع في الخليل، ويسكن في قسم منه بعض العائلات الفلسطينية ويتم استعمال قسم آخر للزراعة. منذ إنشاء المستوطنة اليهودية في الخليل، يحتدم صراع شديد على السيطرة على التل بين مستوطني الخليل وبين السكان الفلسطينيين. في أعقاب ذلك، بادر يتسحاق رابين، وزير الأمن الإسرائيلي حينها، إلى مشروع للحفريات الأثرية في الخليل في عام 1984. واليوم نرى كيف يستغل مستوطنوا الخليل علم الآثار كوسيلة لإثبات روابط تاريخية لهم بالمكان (كشهادة على وجود مستوطنة يهودية في الخليل في عهد التوراة) ولمحو حقوق الفلسطينيين فيه. منذ عام 2014 يجري ضابط الآثار وجامعة أرئيل حفريات أثرية في الأراضي المحاذية لبيوت الفلسطينيين، وذلك بهدف التقدم في مشروع بناء حديقة أثرية يديرها مستوطنوا الخليل. ومن المتوقّع أن يؤدي تنفيذ هذا المشروع إلى عزل بيوت الفلسطينيين عن سائر أجزاء القرية وإحكام قبضة المستوطنين على تل الرميدة.

منذ بدء الحفريات في التل، التمس السكان الفلسطينيون وبلدية الخليل إلى محكمة العدل العليا طلبًا لوقف الحفريات لأنها تتمّ في أراضيهم. وحاججت مجموعة من السكان بالتعاون مع منظّمتي عمق شبيه و"شوفريم شتيكا – كسر الصمت" بأنه لا يمكن منح المستوطنين أولوية في إدارة الحديقة الأثرية لأن الآثار ملك تراثي تملكه العامة، ويجب أن يبقى ضمن مسؤولية سكان المنطقة والمندوبين عنهم، أي الفلسطينيين والمندوبين عن السلطات الحاكمة لهم.

على أثر هذا النضال اتّخذت الدولة في كانون أول (ديسمبر) 2015 قرارا اعتبر سابقة قانونية، ينصّ على إلغاء اتّفاق الإيجار الموقَّع بين مستوطني الخليل والإدارة المدنية بشأن إدارة الحديقة الأثرية المزمع إنشاؤها في تل الرميدة. ولا تقتصر أهمية هذا النضال على الحدّ من التوسّع الفعلي للمستوطنين باتجاه المناطق التي يسكنها فلسطينيون فحسب، بل تتعدّاه إلى كونه مرتبطا بالنضال الرمزي من أجل تحويل الآثار إلى ملك لكل الفئات السكانية والقوميات المختلفة التي تعيش في نفس الحيّز، ووسيلة للتواصل والحوار فيما بينها.

 

قناة البيار

قناة البيار هي جزء من منظومة لإيصال المياه من منطقة بيت لحم إلى القدس. يصل طول القناة إلى نحو ثلاثة كيلومترات وتقع تحت سطح الأرض، لذا لا يمكن السير على الأقدام على امتدادها. مع هذا، فمنذ عام 2000 يحاول المجلس الإقليمي جوش عتصيون تأهيل جزء من القناة وتحويله إلى موقع سياحي، هذا رغم وجود هذا الجزء من القناة على أرض خاصة لمواطن قرية الخضر الفلسطينية.

رغم الصعوبة في تحديد التاريخ المحدّد لإنشاء القناة، فهذا لا يمنع مدرسة ساديه جوش عتصيون والمجلس الإقليمي جوش عتصيون من الادعاء بأن القناة أُنشئت في فترة الهيكل الثاني، كشاهد على عظمة القدس تحت الحكم اليهودي. ويشير هذا الأمر إلى إن مشروع تطوير قناة البيار هو وسيلة للاستيلاء على الأراضي وتطوير السياحة الداعمة للمستوطنات. وفي خطوة بنفس الاتجاه، قرّرت السلطات الإسرائيلية في عام 2011 دمج هذا الموقع بمسار "المسار التاريخي لأرض إسرائيل"، الذي يعتبر جزءا من مشروع يهدف إلى تعزيز مكانة مواقع التراث القومية اليهودية في إسرائيل.

وكانت بلدية الخضر والمواطن الذي نفّذ المستوطنون أعمال التطوير على أرضه، قد توجّها إلى الإدارة المدنية غير أن هذه الأخيرة لم تستجب لتوجهاتهما. وقام سكان القرية لاحقًا، في تموز 2016، بتقديم التماس بالتعاون مع منظمتي عمق شبيه وييش دين إلى محكمة العدل العليا ضد قيام المستوطنين بتطوير الموقع المتواجد على أرض فلسطينية خاصة. وعلى ضوء معرفتنا بالاهتمام الكبير الذي يوليه المستوطنون للمواقع الأثرية، تعتبر معارضة صاحب الأرض الفلسطيني لتطوير موقع الآثار في قناة البيار، حالة اختبارية غاية في الأهمية وأسلوب من أساليب النضال ضد استغلال الآثار للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.

 

قاموس المصطلحات

مصطلحات عامة

  1. قانون الآثار الأردني (1966) – هو قانون ينظّم أسلوب معالجة الحفريات الأثرية في الضفة الغربية، وأصله في الأوامر الانتدابية بشأن الآثار القديمة. بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967، تمّ وفقًا للقانون الدولي، تكريس قانون الآثار الأردني بوصفه القانون الذي يعرّف أساليب حماية المواقع الأثرية في الضفة الغربية. وقد أُدخلت عدة تعديلات على القانون عام 1986.
  2. القانون العسكري (المسمّى التشريعات الأمنية العسكرية، 1967) – بعد فرض الحكم العسكري الإسرائيلي على الضفة الغربية عام 1967، تقرّر، وفقًا للقانون الدولي، عدم تطبيق القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية (ما عدا القدس الشرقية التي جرى ضمّها لإسرائيل دون موافقة دولية)، ومواصلة العمل بالقانون الأردني الذي كان ساري المفعول حتّى ذلك الحين. حتى اليوم، يعتبر كتاب القوانين المؤرخ في 5.6.67 المرجعية القانونية النهائية، وقد أُضيفت له على مدار السنين آلاف الأوامر التي أصدرها القائد العسكري (قائد المنطقة الوسطى). جزء ضئيل من هذه الأوامر متاح على موقع النيابة العسكرية.
  3. ضابط الآثار (1967) – بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967، تحدّد بأن يكون القائد العسكري في المنطقة (قائد المنطقة الوسطى) صاحب السيادة بالنيابة في المنطقة إلى حين انتهاء المدة المؤقتة للاحتلال. وتم تأسيس الإدارة المدنية عام 1981 لتكون الجهة المكلّفة من قبل القائد العسكري بتطبيق سياسة حكومة إسرائيل في الضفة الغربية، ومعالجة القضايا المدنية اليومية في مجال التنظيم والبناء والبُنى التحتيّة. ضابط الآثار هو أحد أذرع الإدارة المدنية، وهو مخوّل بصيانة وحفظ المواقع الأثرية في الضفة الغربية. ضمن صلاحيات ضابط الآثار، الإشراف على أعمال التطوير التي قد تعرّض الآثار للخطر، ومنح رخص للحفريات الأثرية وإدارتها والإعلان عن نتائجها.

مصطلحات أثريّة

  1. أثر قديم – هو كل أثر تاريخي ثابت أو منقول، وكل مبنى أو جزء من مبنى أو كل حيّز مبني، يتم تعريفه وفق قانون الآثار الأردني كجزء من الحضارة المادية للحضارات القديمة. المعيار لتحديد الأثر القديم هو تاريخ نشوئه: كل أثر، مبنى أو حيّز مبني تم إنشاؤه قبل عام 1700 ميلادية، يعرّف كأثر قديم ويستحق الحماية من أعمال البناء والتطوير التي قد تُلحق به أي ضرر.
  2. المسح الأثري – هو الوسيلة الأكثر شيوعًا لاكتشاف الآثار القديمة. خلال المسح يتم البحث عن الآثار التي يمكن أن تدلّ على وجود موقع أثري في حدود منطقة معيّنة. غالبًا، تكون المكتشفات أوانٍ خزفية، نتوء جدران بارزة فوق سطح الأرض أو أجزاء معمارية أخرى. لإجراء مسح أثري لا بدّ من الحصول على تصريح من ضابط الآثار (يُطلب التصريح في داخل إسرائيل من سلطة الآثار). من الجدير بالذكر أن التصريح بإجراء المسح لا يجيز إجراء حفريات أثرية، بل فقط إجراء مسح لمنطقة معيّنة.
  3. فحوص أثريّة مسبقة – يتوجّب قبل وضع مخططات لتطوير منطقة معينة تشتمل على موقع أثري، إجراء معاينة أوليّة لحجم الآثار فيها. تقع مسؤولية تمويل هذه الإجراءات على المبادر لأعمال التطوير والبناء. وفي الضفة الغربية يكون المبادر عادة الإدارة المدنية، لذا فعليها تمويل الإجراءات الأثرية المسبقة.
  4. الحفريات الأثرية – الهدف من الحفريات هو الكشف عن مواقع أثرية وتوثيقها. يكون معظم الحفريات الأثرية عبارة عن حفريات إنقاذية، يتم إجراؤها في حال وجود نية لتنفيذ أعمال تطوير قد تُلحق أضرارًا بالموقع الأثري. يدير ضابط الآثار الحفريات الإنقاذية (في الضفة الغربية) أو سلطة الآثار (داخل إسرائيل). تعتبر الضفة الغربية غنية جدًّا بالآثار، وحسب تقديرات ضابط الآثار، يتم في 70% من أعمال التطوير الكشف عن آثار تاريخية مما يستوجب القيام بحفريات إنقاذية. أما سائر الحفريات الأثرية فتديرها مؤسسات علمية. ما يميز الحفريات الإنقاذية هو أن هدفها توثيق الموقع الذي يتمّ حفره وإنقاذ الآثار التي يتم الكشف عنها فيه، ويجري عادة هدم الموقع ومنشآته في ختام أعمال الحفر.

[1] تعني المصادرة قيام الدولة باستملاك أرض دون موافقة أصحابها. تُتاح المصادرة في حال قيام الدولة بمشروع للمصلحة العامة. وفق القانون الساري في الضفة الغربية، تعتبر المصلحة العامة هي المصلحة التي يقرّر صاحب السيادة أنها ضرورية للجمهور (المادة 2 من القانون الأردني بشأن استملاك الأراضي للمشاريع العامة، رقم 2 لعام 1953). وينص قرار محكمة العدل العليا على أنه في حالة المصادرة من أجل المصلحة العامة، فعلى المصلحة العامة أن تخدم السكان الفلسطينيين (راجع الملاحظة 2).

[2] ملف محكمة العدل العليا 393/82 – جمعية إسكان المعلمين ضد قائد قوات الجيش الإسرائيلي في منطقة يهودا والسامرة (قرار صادر بتاريخ 28.12.1983).