جبل الهيكل/الحرم الشريف ومحيطه – خلفية أثرية وسياقات سياسية
15 מרץ, 2017المقدمة
في عام 1967، مباشرةً بعد انتهاء حرب حزيران، صرّح موشيه ديان، وزير الأمن حينذاك، بأن جبل الهيكل/الحرم الشريف سيبقى تحت مسؤولية الأوقاف الإسلامية. واعتُبر هذا التصريح والاستمرار في إدارة الحرم القدسي الشريف بأيدي الأوقاف الإسلامية، كموافقة من إسرائيل على الحفاظ على مكانة الحرم الشريف كموقع إسلامي. غير أن إسرائيل فرضت وقائع على الأرض، حتى قبل إعلان ديان، غيّرت المكانة المستقلة للحرم ومكّنت إسرائيل من التأثير على ما يحدث فيه، وخاصة من خلال السيطرة على أبواب الحرم وعلى ما يحدث بالقرب من أسواره.
منذ حزيران 1967 وحتى يومنا هذا تجري على قدم وساق عملية تطوير داخل جبل الهيكل/الحرم الشريف وفي محيطه، ويسعى كلا الطرفين – إسرائيل والأوقاف الإسلامية – إلى تغيير تفاهمات عام 1967. حفر الأنفاق المؤدية للحائط الغربي (تسميته الإسلامية حائط البراق)، وتأهيل المصلّى المرواني (المسمّى أيضًا "اسطبلات سليمان") وبناء جسر المغاربة هي من النماذج البارزة على هذه المساعي لتغيير الوضع القائم. إلى جانب هذه المشاريع هناك نشاطات عينية، تخلق واقعًا جديدًا في جبل الهيكل/الحرم الشريف ومحيطه. كما أن الحفريات المتواصلة في البلدة القديمة وقرية سلوان لها كبير الأثر على مكانة الحرم وعلى التوتّر السائد فيه.
نستعرض في هذه الوثيقة كيف يتم استعمال الحفريات الأثرية، وما تُصوَّر على أنها أثرية، في البلدة القديمة وسلوان، والتي تؤثر على الصراع المحتدم على جبل الهيكل/الحرم الشريف وعلى طابعه ومكانته. وبما أن كل بناء في البلدة القديمة وضواحيها مرهون بمصادقة سلطة الآثار عليه، كونها المخوّلة حسب القانون بأعمال الحفظ والرقابة واتّخاذ القرارات بشأن البناء أو التطوير، فمن الطبيعي أن يتصدّر علم الآثار صدارة هذا الصراع السياسي.
جبل الهيكل/الحرم الشريف ومحيطه – خلفية أثرية وسياقات سياسية
القسم الأول – تاريخ الموقع: كيف تحوّل جبل الهيكل إلى الحرم الشريف
خصائص الموقع وموروثاته الدينية
يمتدّ جبل الهيكل/الحرم الشريف على مساحة 140 دونمًا في الجهة الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة. يُستعمل الموقع اليوم للعبادة ولتعليم الشريعة الدينية الإسلامية، وتقع فيه عدة مبانٍ دينية تعتبر من أقدم المباني في البلاد. وترى الرواية اليهودية في الموقع جبل موريا الذي صعد إليه النبي إبراهيم لذبح ابنه اسحق، ومحل تواجد الهيكل الذي دُمّر نهائيًّا عام 70 للميلاد. لذا يعتبر جبل الهيكل الموقع الأكثر قدسيّةً للشعب اليهودي.
أما الرواية الإسلامية فترى في الموقع مسجد الأقصى المذكور في القرآن الكريم في مستهلّ سورة الإسراء: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير". تصف السورة قصة إسراء النبي محمد على ظهر حصانه البراق من مكة للمسجد الأقصى، حيث عرج من هناك إلى السماء. وترى كلتا الديانتين في قبة الصخرة مكان الفداء (اسحق حسب اليهودية، وإسماعيل حسب الإسلام) وموقع بدء الخليقة (قبة الصخرة في الإسلام و"ايفين هشتيا" في اليهودية).
الموقع المقدّس في أيامنا
يشتمل جبل الهيكل/الحرم الشريف على مبانٍ فاخرة تشهد على أرقى فنون الهندسة المعمارية الإسلامية المحلية في الألفية الأخيرة. ابتداءً من القرن الثامن وحتى القرن العشرين، أدّت قدسية المكان وفق التراث الإسلامي إلى إنشاء نحو مئة مبنى في الموقع. عدا الأهمية الدينية للحرم الشريف، فهو يعتبر موقعًا تراثيًّا عالميًّا، غير أن هذه الحقيقة مهمّشة ولا تُعطى الأهمية اللائقة نظرًا للصراع السياسي والديني المحتدم على الموقع.
يختلف الباحثون حول تاريخ وضع حجر الأساس للموقع، وترى أغلبية الباحثين أن المنطقة الجنوبية الغربية من الموقع هي المنطقة الأقدم عهدًا (القرن الأول قبل الميلاد وحتى القرن الأول للميلاد)، ويرى آخرون أن الأسس وُضعت في مرحلة متأخرة أكثر، في الفترة الإسلامية وما تلاها.
للموقع تسعة أبواب أحدها مغلق، وهو المسمى باب الرحمة. في الجدران الداخلية للموقع هناك تبويبان صغيران غير مستعملين، وفي الجدار الجنوبي هناك ثلاثة أبواب مسدودة: في المقطع الغربي من الجدار هناك باب فردي، بجانبه باب مزدوج وفي الجانب الشرقي منهما باب ثلاثي الأقواس. وتتجّه الأبواب المسدودة باتجاه حفريات الحائط الجنوبي.
أشهر مباني الموقع هو المسجد الأقصى الذي يقع في الطرف الجنوبي الغربي منه، وقبة الصخرة الواقعة في مركزه. إلى جانب كلا المبنيين هناك مدارس دينية ومباني للتخليد والذاكرة (أحدها قبة الصخرة)، مآذن، مباني للاغتسال والوضوء (الكاس) ومبان أخرى. يعود بعض هذه المباني للقرن الثامن للميلاد، أي العصر الإسلامي القديم، وأخرى للعصر المملوكي (القرنين الرابع عشر والخامس عشر) والعثماني (القرون 16-20). تمّ في بعض المباني إعادة استعمال أعمدة أو تيجان لأعمدة تعود حسب طرازها المعماري للعصر الصليبي أو الروماني-البيزنطي.
قبة الصخرة هي عبارة عن مبنى للتخليد والذاكرة، وتستعمل اليوم كمسجد. قبة الصخرة هي أقدم مبنى إسلامي تم حفظه دون تغييرات جوهرية، وتعتبر إعجازًا فنّيًّا معماريًّا وحجر أساس في تاريخ الفن والهندسة المعمارية الإسلامية. حسب الكتابة في القسم الداخلي من القبة، يعود بناؤها إلى عام 691 للميلاد، وهي فترة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (785-705). ويعزو المؤرّخون بناء مسجد الأقصى في جنوب الحرم إلى مطلع القرن الثامن، وهو عصر عبد الملك باني قبة الصخرة، أو ابنه الوليد الأول (705-715). أُعيد إنشاء المبنى عدة مرات، كانت آخرها عام 1035 للميلاد، في عصر الفاطميين، بعد الهزة الأرضية التي اجتاحت البلاد عام 1033.
من بين مجموعة القباب المبنية في الموقع نذكر قبة المعراج التي تقع شمال غربي قبة الصخرة وتشير إلى الموقع الذي عرج منه النبي محمد إلى السماء. يعود تاريخ المبنى إلى القرن الثاني عشر، ولكن هناك من ينسبه للقرن الثامن الميلادي. مبنى تخليدي آخر هو قبة النبي، والتي تقع هي الأخرى شمالي قبة الصخرة، والتي بناها محمد بك في القرن السادس عشر. وكما هو الحال مع قبة المعراج، هناك من ينسب بناء هذه القبة للقرن الثامن. القبة الثالثة هي قبة السلسلة الواقعة شرقي قبة الصخرة، وكما يبدو بناها الخليفة الأموي عبد الملك هي أيضًا في القرن الثامن[1].
في الموقع مباني دينية أخرى بدءًا من العصر الأيوبي (القرنين 12-13)، مثل المئذنة عند باب الغوانمة، ومآذن متفرقة من العصر المملوكي (القرن ال14). من المباني المميزة الأخرى من العصر المملوكي هناك منبر الصيف ومبنى الوضوء (الكاس). ولا شك أن أحد المباني المثيرة في الموقع هي مدرسة الأشرفية التي تعود للقرن ال15، والتي تعتبر إعجازًا فنيًّا معماريًّا مملوكيًّا[2].
تاريخ جبل الهيكل/الحرم الشريف
لم يتمّ أبدًا التنقيب الأثريّ بشكل منظّم في الحرم، لذا فإن جلّ المعلومات التي نعرفها عن تاريخه يأتينا من الكتب التاريخية ومن تحليل الأنماط الهندسية للمباني.[3] وتربط الديانات التوحيدية الثلاث هذا الموقع مع هيكل سليمان من القرن العاشر قبل الميلاد، وهناك من الباحثين من يربط الموقع مع موقع العبادة في القدس في الفترة الكنعانية، في القرون 18-10 قبل الميلاد.
الشهادة الأكثر وضوحًا بالنسبة لربط الموقع بالهيكل الثاني هي الحائط الغربي، والذي يعود تاريخ إلىنهاية القرن الأول قبل الميلاد. ويعتبر هذا الحائط أحد الجدران الداعمة لباحة الهيكل.[4] وقد كشفت التنقيبات الأثرية التي أجريت في الجهة الجنوبية والغربية للحرم، عن آثار تيجان لأعمدة وزخرفات ومخطوطات تدلّ على أهمية المكان في العصر الروماني القديم، فترة الهيكل الثاني. وتؤكد الآثار المكتشفة في هذه الحفريات، ومن ضمنها الحجر الذي نقش عليه بالعبرية "بيت هتكيعا"، الرواية التي تعتبر جبل الهيكل/الحرم الشريف هو نفسه موقع الهيكل الثاني[5]. في الحائط الجنوبي هناك ثلاثة أبواب مسدودة: باب منفرد، باب مزدوج وباب ثلاثي. ويبدو أن قسما من الموقع قد بُني فعلاً في زمن الهيكل الثاني، غير أن الباحثين مختلفون بالنسبة لتاريخ بناء الأبواب. هناك من يعزو تاريخ بناء الحائط الجنوبي وأبوابه التي يطلق عليها اسم بوابة خلدة، إلى عصر الهيكل الثاني، فيما يعزو آخرون تاريخ بناء بعض أبواب الحائط الجنوبي للقرن الثامن للميلاد، أي لعصر بني أمية.[6]
كما يختلف الباحثون حول السؤال ماذا بُني في الموقع بعد خراب الهيكل الثاني في عام 70 للميلاد. والفرضية هي أنه في القرن الثاني للميلاد، أُنشئ في الموقع معبد روماني وثني بأمر من القيصر ادريانوس. ويبدو أن هذا المعبد قد هُدم في مستهلّ العصر البيزنطي (القرن الرابع للميلاد)، ومنذ ذلك الحين بقي الموقع خاليًا حتى مطلع العصر الإسلامي القديم في القرن السابع للميلاد.[7]
ابتداءً من نهاية القرن السابع، ومع استقرار خلافة الأمويين في البلاد، بدأ تطوير الموقع كمكان عبادة للمسلمين. وعلاوة على بناء المباني التخليدية ومسجد الأقصى، شجّعت الخلافة الأموية الحج إلى القدس – كما يبدو بهدف منع أو تقليص الحج إلى مكة – وعزّز بذلك من أهمية الحرم الشريف في الإسلام[8]. في ختام عصر الأمويين، الذي وافق أواسط القرن الثامن، تراجعت أهمية القدس في نظر الإسلام، ولكن في عصر الخلافة العباسية والفاطمية سطع نجم القدس مجدّدًا، وتمّ ترميم المساجد ولم يتوقّف الحج إلى الحرم الشريف حتى عصر الصليبيين (أواخر القرن ال11).
وخلافًا للبيزنطيين الذين حوّلوا الحرم إلى مجمّع للنفايات، فقد واصل الصليبيون تقديس الموقع وحفظه. في العصر الصليبي تمّ تحويل المسجد الأقصى إلى كنيسة، وكذلك فعلوا بقبة الصخرة. وكان الصليبيون هم من أطلقوا اسم "اسطبلات سليمان" على القسم الجنوبي الشرقي من الحرم. بعد هزيمتهم في عام 1187 عاد المسلمون إلى الحرم، ومن العصر الأيوبي عادوا للتركيز على قدسيته في الإسلام وذلك كردّ فعل على الصلة التي أظهرها سابقوهم، الصليبيون، بالموقع والمدينة. في عصر المماليك (القرون 13-16) لم تكن القدس مركزًا اقتصاديًّا أو إداريًّا، ولكن مكانتها الدينية تعاظمت. معظم المباني القائمة في الحرم الشريف اليوم تأسّست في تلك الفترة، كما تُنسَب الأبنية المحيطة به للحكام المماليك. في العصر العثماني (القرون 16-20) استمرّت نهضة بناء المقدسات في الحرم ومحيطه، وقام العديد من الأوقاف برصد مدخولاتهم للحرم الشريف[9].
القسم الثاني – التغييرات في مكانة جبل الهيكل/الحرم الشريف من القرن ال19 وحتى اليوم
تاريخ إتاحة الوصول للحرم: لمن سُمح بزيارة الحرم ومن حُظر عليه ذلك
منذ مطلع القرن الأول للميلاد وحتى أواخر القرن ال19 كان جبل الهيكل/الحرم الشريف مغلقًا أمام فئات مختلفة. في العصرين الروماني والبيزنطي لم يُسمح لليهود بالتواجد على الجبل. وابتداءً من القرن السابع، فيما عدا العصر الصليبي (القرن ال12)، كان الحرم مغلقًا أمام غير المسلمين. وقد تغيّرت هذه السياسة فقط في عام 1885، وسُمح للمسيحيين من الطبقات الاجتماعية الراقية، بزيارة الموقع. كما طرأ تغيير آخر على إمكانية الوصول للمنطقة في مطلع القرن العشرين، عندما سُمح لغير المسلمين بدخول الحرم. في فترة الانتداب تجدّد حظر زيارة غير المسلمين للحرم. بعد حرب حزيران 1967 تقرّر الإبقاء على سياسة الانتداب البريطاني والسماح بحكم ذاتي للأوقاف الإسلامية في المكان، ولكن في نفس الوقت إتاحة زيارة الحرم لغير المسلمين. اليوم، يزور غير المسلمين الحرم من باب المغاربة فقط. يذكر أن الديانة اليهودية الأرثوذكسية تعارض دخول الموقع لأسباب مختلفة، أهمها خشية أن تدوس أقدام اليهود في موقع تواجد فيه قدس الأقداس، والذي لا يُعرف مكانه على وجه الدقة، (في عصر بيت المقدس سُمح فقط للكاهن الأكبر بالتواجد في المكان وذلك فقط في يوم الغفران). منذ الانتفاضة الثانية (2000-2005) تقرّر منع دخول غير المسلمين لجبل الهيكل/الحرم الشريف برمّته في البداية، ولاحقًا حُظر دخول المساجد فقط (الأقصى وقبة الصخرة).
تغييرات في الموقع: منذ عام 1967 وحتى فتح النفق عام 1996
بعد حرب حزيران عام 1967 مباشرةً بدأت إسرائيل بإدخال تغييرات في المنطقة الواقعة غربي الحائط الغربي وجنوبي الحرم. وكانت المرحلة الأولى هدم حي المغاربة، عشية الثامن من حزيران 1967، بعد يومين من انتهاء الحرب. الحيّ الذي يعود إنشاؤه للقرن ال13، دُمّر تمامًا باستثناء بضعة بيوت بقيت في الطرف الغربي منه، وتمّ إعداد المنطقة وتحويلها لباحة للصلاة عند الحائط الغربي[10]. وقد وجّهت منظّمة اليونسكو انتقادات شديدة جراء هدم الحي الذي طال عدة مبانٍ تعتبر من أقدم وأهمّ المباني الدينية الإسلامية في القدس، ومنها المدرسة الأفضلية وكما يبدو أيضا مسجد البراق. لحي المغاربة أهمية كبيرة في تاريخ البلدة القديمة وفي علاقة أهل المغرب بالقدس. حسب الرواية الإسلامية، سكن الحي مغاربة كانوا جنودًا في جيش صلاح الدين الأيوبي.
وافقت إسرائيل على بقاء موقعين يشكّلان جزءًا لا يتجزأ من باحة الحرم تحت مسؤولية الأوقاف الإسلامية، وفيما عدا ذلك انتقلت السيادة على بقية الحرم إلى إسرائيل. وانتقلت المدرسة التنكزية (المحكمة) المحاذية لباب السلسلة وتشرف على الحرم الشريف، لشرطة إسرائيل وسُلّمت مفاتيح باب المغاربة للسلطات الإسرائيلية[11]. في البداية جوبهت مطالبة إسرائيل بتسلّم المسؤولية عن باب المغاربة بمعارضة الأوقاف الإسلامية التي ادّعت أن المسؤولية عن الأبواب هي جزء من المسؤولية عن الحرم. ولكن بعد مفاوضات وضغوطات من قبل السلطات الإسرائيلية، انتقلت المسؤولية عن باب المغاربة لشرطة إسرائيل. وتشكّل هذه القرارات، إضافة لقرار السماح لغير المسلمين بالدخول المجاني من باب المغاربة، الأساس للتغييرات المادية والإدارية في مكانة الحرم ومحيطه[12]. ويتيح تواجد الشرطة في مدرسة التنكزية السيطرة والرقابة على ما يدور داخل الحرم، ويمكّن الباب اليهود من زيارة المكان، وهو الأمر الذي تطوّر على مدار السنين ليتحول إلى مطالبة بحقوق أخرى لليهود في الموقع، مثل الصلاة فيه وغيرها.
في عام 1968 بدأت الجامعة العبرية بحفريات أثرية جنوبي جبل الهيكل/الحرم الشريف، بالإضافة لحفريات أخرى تمّ إجراؤها تمهيدًا للتطوير والبناء الإسرائيليين في حارة اليهود وعلى أنقاض حارة المغاربة. وقد كشفت الحفريات حول الزاوية الجنوبية الغربية للحرم عن آثار من فترات زمنية مختلفة في تاريخ القدس، ومنها قبور من العصر العباسي ومبانٍ من العصر الأموي وآثار من العصرين البيزنطي والروماني. كما تم الكشف عن آثار يعود تاريخها لعصر الهيكل الثاني، أي العصر الروماني القديم[13]. وقد تمّ حفظ المنطقة التي تمّت فيها الحفريات وحُوّلت إلى حديقة أثرية لا تزال قائمة حتى يومنا هذا وأُطلق عليها اسم حديقة دافيدسون.
في عام 1969 بدأ حفر الأنفاق التي تُدعى اليوم "أنفاق الحائط الغربي"، والتي تمتدّ من باحة الحائط الغربي شمالاً، بمحاذاة الحائط المتاخم لجبل الهيكل/الحرم الشريف. وقد أُجريت هذه الحفريات من قبل وزارة الأديان دون مراقبة أثرية مهنية وحتى دون بحث أثري كما هو مطلوب[14]. وقد خلقت هذه الأنفاق مسطحات جديدة تحت الأرض وتعتبر في نظر الفلسطينيين تهديدًا على حقوق المسلمين في الحرم.
في عام 1981 عاد التوتر من جديد إلى المكان، عندما قام مسؤولو الحائط الغربي بشق نفق في المنطقة المدعوة "باب وورن" يقود إلى الحرم الشريف ذاته[15]. وقاد حفر النفق إلى مواجهات بين جماعة الأوقاف الإسلامية وجماعة الحائط الغربي. وأمرت السلطات الإسرائيلية بإغلاق الفتحة وسدّها بالإسمنت. وأدت هذه الأحداث وغيرها باليونسكو لاتخاذ قرار عام 1982 بإعلان القدس موقعًا تراثيًّا عالميًّا عرضة للخطر[16].
وجاء التوقيع على اتفاق السلام مع الأردن عام 1994 ليثمر عن تغيير ملحوظ آخر في مكانة جبل الهيكل/الحرم الشريف. فقد نصّ الاتفاق على اعتراف إسرائيل بدور ومكانة الأردن التاريخي والمميّز في الأماكن المقدسة. كما تقرّر أنه في الاتفاق النهائي بين إسرائيل والفلسطينيين ستُؤخذ بالحسبان المصالح والمسؤولية التاريخية الأردنية عن الأماكن المقدسة. عمليًّا، واصلت الأردن تمويل رواتب موظّفي الأوقاف الإسلامية، وتعدّ اليوم الجهة الرئيسية التي تتفاوض معها إسرائيل بكل ما يتعلّق بجبل الهيكل/الحرم الشريف.
لقد أدّى تدمير حارة المغاربة والحفريات الإسرائيلية حول الحرم بعد عام 1967 إلى تغيير وجه البلدة القديمة تمامًا. فمن منطقة مكتظة بالحارات الفلسطينية التي وصلت حتى أسوار الحرم، تحوّلت المنطقة المحيطة بالحرم إلى منطقة غير مأهولة بالسكان، ويستعمَل جزء منها، باحة الحائط الغربي، للصلاة، فيما يستعمَل جزء آخر كحديقة أثرية (مركز دافيدسون). كما تم في أجزاء أخرى من الموقع حفر أنفاق تحت الأرض، خلقت مواقع تاريخية ودينية تعزّز صلة شعب إسرائيل بالهيكل. وقد جذب النشاط الإسرائيلي حول الحرم تواجدًا إسرائيليًّا مكثّفًا، الأمر الذي أدى إلى تفاقم التوتّر.
أحداث 1996: تأهيل المصلّى المرواني/"اسطبلات سليمان" وهدم آثار جبل الهيكل
أسفر قيام إسرائيل بفتح النفق باتجاه "طريق الآلام" في عام 1996، عن اندلاع مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية أودت بعشرات القتلى الفلسطينيين والإسرائيليين في أنحاء إسرائيل والضفة الغربية. وأفاد مسؤولو سلطة الآثار بأنه ابتداءً من عام 1996 هناك صعوبة في تطبيق الرقابة الأثرية على جبل الهيكل/الحرم الشريف[17]. في نفس الوقت بدأت الأوقاف الإسلامية بأعمال ترميم في المصلّى المرواني بغية إقامة مسجد في الطبقة الواقعة تحت الساحة[18]، في القسم الجنوبي الشرقي من الموقع، شرقي المسجد الأقصى. وقد أُجريت لاحقًا في المكان أعمال بواسطة آليات ثقيلة، بغرض إنشاء مدخل واسع للمسجد، مما ألحق ضررًا بالآثار. وتمّ الإلقاء بأطنان من التراب المحفور في وادي قدرون ومكب أبو ديس ومواقع أخرى. وكما يبدو فقد تمّت هذه الأعمال دون أية رقابة أثرية مهنية[19].
في عام 1999 أُعيد ترميم مسجد آخر في منطقة المسجد الأقصى، وفي هذه المرة أيضا استخرجت من الموقع أطنان من التراب دون إجراء حفريات أثرية، مما ألحق ضررًا بالآثار. ويدلّ تقرير مراقب الدولة من عام 2011 على مواطن الخلل في أعمال الرقابة الأثرية وفي ترخيص أعمال التطوير في جبل الهيكل/الحرم الشريف في السنوات 2001-2007: "وُجدت مواطن خلل عديدة في تطبيق الرقابة على معظم الأعمال في السنوات التي يتمحور حولها التقرير (2001-2007). لقد تمّت هذه الأعمال دون تنسيق مع السلطات المسؤولة عن تطبيق القانون في جبل الهيكل، ودون الحصول على التصريحات والرخص اللازمة".[20]
ولا يبدو أن هناك خلافًا بين الخبراء الإسرائيليين والفلسطينيين حول تضرر الآثار خلال بناء المصلى المرواني، ولكن كل طرف يفسّر ما يحدث من وجهة نظر مختلفة. فإسرائيل تنظر إلى هدم الآثار من وجهة نظر القانون الإسرائيلي الذي ينصّ على أن الحرم هو جزء من المنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، بينما يدّعي الفلسطينيون وجود اتفاقات بين إسرائيل والأوقاف بخصوص إعادة تأهيل المصلى المرواني، وليس هذا فحسب، بل يرون لزوم التعامل مع جبل الهيكل/الحرم الشريف بوصفه موقعًا إسلاميًّا خاضعًا للقانون الأردني[21]. بموجب القانون الأردني لا يحق لسلطة الآثار الأردنية مراقبة أعمال الأوقاف الإسلامية في الحرم الشريف، ويسري ذلك أيضًا على سلطة الآثار الإسرائيلية[22].
يقع المصلى المرواني عند بوابة خلدة وحفريات الحائط الجنوبي التي أجرتها إسرائيل بين السنوات 1968-1982. على أثر فتح النفق عام 1996، تعزّزت مخاوف الأوقاف الإسلامية من محاولات إسرائيل تحويل "اسطبلات سليمان" إلى مصلى يهودي، من خلال فتح بوابة خلدة[23]. من وجهة نظر المسلمين، السبب في احتجاج اليهود على إعادة تأهيل المصلى المرواني ليس القلق على الآثار من الضرر الذي قد يلحق بها، بل لأن مجموعات يهودية تحاول انتهاز الفرصة لإقامة كنيس في الموقع المقدّس[24].
هناك صعوبة في تقييم حجم الدمار الذي حلّ بآثار جبل الهيكل. أولا، لم تمارَس أية رقابة أثرية على الأعمال، ولم يتواجد أي عالم آثار خلال مزاولة الأعمال هناك لإعطاء وجهة نظر مهنية في الموضوع. ثانيًا، من المؤكد أن كثرة الانتقادات للدمار الذي لحق بالآثار متأثّرة برغبة الكثيرين في فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الموقع. في نفس الوقت، تعمل الأوقاف بشكل واع على تعزيز السيطرة الإسلامية على المكان، وموضوع حماية الآثار ليس في رأس سلم أولوياتها، بل اعتباراتها سياسية بالأساس. مع هذا، فقد تمّت على مدار السنين كتابة تقارير ومقالات حول حجم الدمار وأهمية الآثار المهدومة. ويظهر أن معظم الآثار التي تضرّرت تعود للعهود الإسلامية المختلفة، بدءًا من العصر الأموي (القرن السابع) وحتى العصر العثماني (القرن ال19). وهو أمر تتفق معه أيضًا سلطة الآثار الإسرائيلية[25]. كما ان هناك فرضية بأنه خلال أعمال التأهيل التي قامت بها الأوقاف تضرّرت أيضًا آثار من فترة الهيكل الثاني، ولكن يبدو أن هذه الآثار كانت قليلة جدًّا وغير واضحة المعالم[26].
في عام 2000 تشكّلت "اللجنة الشعبية لمنع هدم الآثار في جبل الهيكل"[27]. وقد نجحت اللجنة في تجنيد قائمة مميزة تضمّ أعضاء كنيست وشخصيات اعتبارية وفكرية وأكاديمية، بل حتى شخصيات منتمية لليسار الإسرائيلي وأشخاص غير ناشطين سياسيًّا[28]، وقد احتج هؤلاء على هدم الآثار في جبل الهيكل. وكانت أغلبية الانتقادات التي طرحتها اللجنة موجّهة لموضع هدم الآثار من فترة الهيكل الثاني. صحيح، أنه في ظل تفاقم التطرف الديني والقومي في القدس سحب العديد من أعضاء اللجنة عضويتهم أو جمّدوا نشاطهم فيها[29]، ولكن مراجعة قائمة مؤيدي هذا الإطار تدلّ على الاهتمام الشعبي الكبير في أوساط الإسرائيليين بآثار جبل الهيكل[30].
لقد أدّت إعادة تأهيل المصلّى المرواني من جانب واحد إلى تزايد الضغوط والانتقادات على السلطات الإسرائيلية، بسبب ميلها إلى إهمال تطبيق القانون في الحرم وعدم فرض الرقابة على ما يحدث فيه. رغم أن المجموعات اليهودية التي تعمل من أجل تغيير الوضع القائم في الحرم، كانت تنشط هناك قبل هدم الآثار، فقد قامت لاحقًا بتحويل الهدم إلى العلّة الرئيسية لنشاطها ومطالبتها بحماية الموقع والتراث الديني من الأوقاف الإسلامية[31].
القسم الثالث – التغييرات في الحرم وتأثيرها على الوضع القائم
أبواب المداخل وجسر المغاربة
قامت السلطات الإسرائيلية في صيف 2014 بأعمال حول الحرم الشريف بكثافة غير معهودة[32]. فقد بدأت في آب (أغسطس) 2014 ببناء جسر المغاربة الجديد، غير أن ضغطًا أردنيًّا أدى برئيس الحكومة الإسرائيلي،بنيامين نتانياهو، إلى إصدار أوامره بعد أيام قليلة بتفكيك الجسر وأعلن ان البناء تمّ دون علم ديوانه[33]. يعتبر بناء جسر المغاربة مسألة سياسية تعود جذورها إلى تحطّم الجسر عام 2000، ومنذ ذلك الحين تحاول إسرائيل التوصل لاتفاق مع الحكومة الأردنية والأوقاف الإسلامية على بناء جسر جديد[34]. وتمس مسألة الجسر بقضية السيطرة على المعابر والمداخل للحرم: اليوم، كما ذكرنا أعلاه، يعتبر الجسر المدخل الوحيد لغير المسلمين وشرطة إسرائيل هي المسيطرة عليه.
الصراع على السيطرة على مداخل الحرم (فتح أو إغلاق الأبواب) هو قضية رئيسية، وأي تغيير في هذا الشأن يؤثّر جوهريًّا على الوضع القائم. وكثيرًا ما تستغل إسرائيل علل "الحاجات الأمنية" بهدف فرض قيود على دخول وخروج الفلسطينيين من الحرم، وتدّعي أن هذا لا يهدف للمس بمكانة الأوقاف الإسلامية، ولكن ميدانيًّا تؤثر القيود التي تفرضها الشرطة الإسرائيلية على موازين السيطرة على الحرم وعلى حرية العبادة فيه.
وتشير قضية الأبواب وقرار بناء جسر المغاربة الذي اتُّخذ بلا تنسيق مع الحكومة الأردنية والأوقاف الإسلامية، إلى سعي الحكومة لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الدخول للحرم، مما يرسّخ الفكرة بأن هناك إمكانية لفرض الأمر الواقع من جانب واحد من خلال التحكّم بأبواب الحرم.
أنفاق الحائط الغربي
"أنفاق الحائط الغربي" هو المشروع الأثري السياحي الأوسع نطاقًا في البلدة القديمة. تبدأ الأنفاق في ساحة الحائط الغربي وتمتدّ شمالاً لتنتهي في طريق الآلام في حارة المسلمين، بالقرب من مدرسة العمرية. ولا تعتبر الأنفاق بالضرورة موقعًا دينيًّا أو مقدّسًا، ولكن بموجب تعليمات حفظ الأماكن المقدسة لليهود من عام 1981، تحدّد أن الحائط الغربي وساحته، بما فيها كل مبنى وكل معبر فوقي أو سفلي، يكون الدخول إليه من داخل الساحة، هي أماكن مقدّسة[35]. بكلمات أخرى، بما أن أنفاق الحائط الغربي تخرج من ساحة الحائط الغربي، فمن الناحية القانونية تعتبر منطقة مقدّسة تابعة للحائط الغربي.
بدأ حفر هذه الأنفاق منذ ستينات القرن العشرين وهي مستمرة حتى يومنا هذا. على مدار السنين توقّفت الحفريات لفترات مختلفة، ولكن منذ عام 2004 وما بعد، تتم الحفريات والأعمال الأثرية فيها تقريبًا دون توقّف[36]. وتتم الحفريات تحت مناطق تابعة لملكية منظمات يهودية وتحت بيوت سكان فلسطينيين في حارة المسلمين[37].
تعود أهمية هذه الأنفاق في نظر الشعب اليهودي إلى اكتشاف أسس الحائط الغربي الممتدة شمالا. ويتعجّب زوار الأنفاق من الحائط المبني من حجارة ضخمة – والتي تعتبر أسس جبل الهيكل/الحرم الشريف. ويُنسب إلى هورودس بناء الأسس في القرن الأول قبل الميلاد، كجزء من ترميم الهيكل (الذي أعيد بناؤه من جديد عمليًّا). ويعتبر هذا الدليل الأهم على فخامة وكبر الهيكل الثاني الذي دُمّر عام 70 للميلاد. إضافة إلى امتداد الحائط الغربي، تم حفر أنفاق وأروقة أخرى، معظمها من عصور متأخرة.
هناك فجوة كبيرة بين استنتاجات الباحثين بشأن الحفريات في الأدبيات العلمية وبين الأسلوب الذي يقوم فيه صندوق تراث الحائط الغربي بعرض الأنفاق أمام الجمهور. الفرضية المقبولة على معظم الباحثين هي أن الأروقة السفلية قد بُنيت في عصور إسلامية مختلفة. فقد اقترحوا مثلا أن المدخل الخفي الذي يشكّل المدخل الرئيسي للأنفاق، يعود للعصر الإسلامي القديم (العصري العباسي، القرنين 8-9 للميلاد وما بعد)[38]. كما رأى الباحثون أن الأروقة الرئيسية في مسار الأنفاق تعود لعصور متأخرة أكثر، وخاصة للعصر المملوكي وما بعد (ابتداءً من القرن ال13 للميلاد)[39]. وتعود الشوارع والمباني الموجودة تحت الطبقات الإسلامية للعصر الروماني المتأخر (القرنين 2-4 للميلاد) أو البيزنطي (القرون 4-7 للميلاد)[40]. كما أن هناك آثارًا، وخاصة حُفر المياه والأحواض يعود تاريخها للعصر الروماني القديم (والمسمّى عصر الهيكل الثاني).
هناك اتفاق في أوساط علماء الآثار على أن معظم الآثار تعود لعصور ما بعد خراب الهيكل. مع هذا، فالقصة التي تُروى لزوار الأنفاق مختلفة تمامًا عما اكتُشف في البحث الأثري، وهي تتطرّق لتاريخ جبل الهيكل – المكان الأكثر قداسة لدى الشعب اليهودي. ويشتمل المسار في الأنفاق على عدة محطات في مركزها جبل الهيكل/الحرم الشريف: الحائط الضخم الذي يشكّل أساس جبل الهيكل/الحرم الشريف ويُعرض على أنه جزء من حجارة الهيكل الثاني، الفتحات التي تمّ ردمها خلال السنين وتُعرض على أنه البوابات التي أوصلت إلى الهيكل، ومحطات أخرى. وتوجد بداخل الأنفاق عدة كنس وأماكن للصلاة يمرّ الزوار بجانبها أو عبرها. غالبًا، يذكر المرشد السياحي مواقع الكنس وأهميتها. وقد تمّت تسمية الكنيس الأول الذي تأسّس في الأنفاق في السبعينات على اسم الحاخام جاتس، حاخام الحائط الغربي الأول. ويقع الكنيس في المنطقة من النفق التي جرى تشخيصها كأقرب موقع من قدس الأقداس للهيكل اليهودي. قُرب الكنيس من الحائط الغربي وموقع قدس الأقداس يُكسبانه معنى آخر، وخاصة لدى أوساط دينية متزمّتة معينة اختارته مكانًا للصلاة[41]. وقد تمّ ترميم هذا الكنيس وتدشينه من جديد عام 2007[42]. في القسم الجنوبي من الأنفاق، مقابل الحائط الغربي للحرم الشريف، وبالقرب من قوس ويلسون، أُعيد تأهيل ساحة خاصة لصلاة النساء تسمّى بالعبرية "عزرات نشيم"[43]. ولم يُعلن عن هذا المكان كنيسًا بشكل رسمي، ولكن الكثير من النساء يرتدنه في مختلف ساعات اليوم. ومن المتوقع إقامة كنيس آخر في الرواق السفلي المسمى اليوم "بيت هموديل"، وذلك بتمويل شركة "ديلق" التابعة للرأسمالي الكبير يتسحاق تشوفا وستقوم ابنته بالتصميم المعماري للكنيس[44].
أحد الأروقة الكبيرة التي حُفرت في السنوات الأخيرة في أنفاق الحائط الغربي هو حمام من العصر المملوكي (القرن ال14 للميلاد). هذا الرواق الذي مرّ بعملية حفظ واسعة النطاق، تحوّل مؤخّرًا إلى متحف تفاعلي اسمه "الرحيل للقدس"، وهو مكرَّس لتخليد قدوم اليهود للقدس على مدار الأجيال[45] وهو يتجاهل تمامًا الموقع والمعنى التاريخي للرواق.
الرواية التاريخية التي تُروى تحت الأرض في أنفاق الحائط الغربي، تعزّز كثيرًا الرواية اليهودية-الدينية المتشوّقة لجبل الهيكل، بينما تطمس المكوّنات غير اليهودية للرواية التاريخية للموقع. تحديد نقطة بداية مسار الجولة في الأنفاق بالقرب من الحائط الغربي، السير على امتداد أسس الحائط، الكنيس وكثرة أماكن الصلاة على امتداد المسار، إلزام الزوار باللباس "المحتشم"، إدخال أوراق أدعية بين ثقوب الحجارة التي حفرت وغيرها، كلها تدلّ على أن الأنفاق في نظر الجمهور والسلطات الإسرائيلية هي موقع يهودي-ديني.
مشروع تصفية التراب أسفل حي الطور
ابتداءً من عام 2005 يتم عند أسفل حي الطور، في منطقة تسمى "عيمق تسوريم" خارج حدود البلدة القديمة، مشروع تصفية التراب من جبل الهيكل، وهو نشاط تفاعليّ مخصّص للطلاب والزوار. المشروع مدعوم من جمعية "إلعاد" (وهي جمعية استيطانية تدير أيضًا مركز الزوار في جبل الزيتون والموقع الأثري "مدينة داود" في سلوان). ولا يعتبر مشروع تصفية التراب حفرًا أثريًّا ولا قيمة علمية له، بل هدفه المعلن مسبقًا هو كشف آثار من الهيكل أو بقايا يهودية أخرى، وقد تمّت تصفية القليل من الموجودات خلاله نسبيًّا؛ ليس من المتوقع أن يسفر هذا المشروع عن اكتشافات أثرية ذات قيمة، ولا أن يفيدنا بمعلومات موثوقة حول حجم الدمار الذي حلّ بجبل الهيكل. إنه نموذج لمشروع يدمج بين الاهتمام بالآثار لاعتبارات دينية وقومية وسياسية[46]. ويصل معدّل عدد الزوار السنوي لهذا المشروع إلى حوالي 20 ألف زائر[47]. وردًّا على تصريح اليونسكو، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في تشرين أول (أكتوبر) 2016، عن دعم حكومي للمشروع[48]. وإذا تُرجم هذا الإعلان إلى ميزانيات، فسنشهد في السنوات القريبة ارتفاعًا في عدد الزوار، وقد يكون الكثير منهم طلابًّا وجنودًا.
مركز دافيدسون – آثار في مركز صراع النساء للصلاة عند الحائط وجمعية "إلعاد"
من يحق له الصلاة في ساحة الحائط الغربي المتساوية الحقوق في مركز دافيدسون؟
في أعقاب الصراع الذي خاضته "نساء الحائط الغربي" لتمكينهن من الصلاة بشكل متساوٍ في المكان المخصص لصلاة النساء في ساحة الحائط الغربي، وعلى ضوء معارضة صندوق تراث الحائط الغربي لهذا المطلب، اقتُرح حل وسط تم بموجبه تأهيل ساحة صلاة خاصة للنساء المحافظات والإصلاحيات جنوب جسر المغاربة، في منطقة الحديقة الأثرية التي يطلق عليها اسم "مركز دافيدسون" (منطقة قوس روبينسون). في عام 2013 أقيمت ساحة تمتد على عشرات الأمتار المربّعة فوق آثار تاريخية، وأدى توسيع ساحة الصلاة إلى تقليص المنطقة الأثرية للحديقة، وفي السنوات الأخيرة يتم في جزء منه إحياء صلوات وحفلات "بار متسفا" (سن البلوغ).
في الحفريات الأثرية التي أُجريت في الموقع في السبعينات تم الكشف عن أبنية من عصور مختلفة. من الآثار البارزة شارع يعود تاريخه لعصر الهيكل الثاني (القرن الأول للميلاد)، وهناك منشآت منسوبة للفيلق العاشر للجيش الروماني، وآثار من العصر البيزنطي (القرون 4-7 للميلاد)، والعصر الأموي (القرنين 7 أو 8 للميلاد) وعصور إسلامية متأخرة. عملية تأهيل ساحة الصلاة في الحديقة الأثرية، وهي الحديقة التي كان الهدف منها حتى الآن سرد الرواية التاريخية للبلدة القديمة، تدل على تهميش الرؤية العلمانية-التاريخية للقدس لصالح التركيز على الرواية اليهودية-الدينية. وفيما يدل على تزايد نظرة الجمهور للمكان كمكان مقدّس هو إحياء مناسبات حفلات البلوغ فيه، حتى من قبل عائلات غير محسوبة على المجموعة الإصلاحية أو المحافظة، وإدخال أوراق أدعية في ثقوب الجدران، تمامًا كما يفعل اليهود المؤمنون عند الحائط الغربي[49].
أوري أريئل يعزّز وجود "إلعاد" في حديقة دافيدسون
في مطلع عام 2014، حين شغل أوري أريئل (حزب البيت اليهودي) منصب وزير البناء والإسكان، تمّ التوقيع على اتفاقية بين شركة تطوير حي اليهود (التابعة لوزارة الإسكان والمسؤولة عن مركز دافيدسون)، وبين جمعية إلعاد على نقل إدارة مركز دافيدسون لمسؤولية "إلعاد"[50]. (خريطة 1 رقم 6). بسبب حساسية موقعه المحاذي لجبل الهيكل/الحرم الشريف تقرّر في الماضي أن تكون مسؤولية إدارة الحديقة تابعة لسلطات الدولة[51]. أوري أريئل الذي يشغل اليوم منصب وزير الزراعة، هو أكثر وزير له صلة بالصراع من أجل تغيير الوضع القائم في جبل الهيكل/الحرم الشريف. وحين كان وزيرًا للإسكان صرّح بضرورة بناء الهيكل الثالث[52]. وللمقارنة، فإن جميعة "إلعاد" لا تطلق أية تصريحات بخصوص جبل الهيكل/الحرم الشريف، وتتظاهر بأن نشاطها في محيط الموقع يتمحور حول النشاط الأثري فحسب، بينما يهدف هذا النشاط إلى تعزيز صلة الجمهور الإسرائيلي بالهيكل.
في نيسان (أبريل) 2014 التمست النيابة العامة لمحكمة الصلح ضد الاتفاق بين "إلعاد" وشركة تطوير الحي اليهودي، وفازت في المحكمة. في الاستنئاف الذي قدّمته جمعية "إلعاد" للمحكمة المركزية قُبل موقف الجمعية وتقرّر السماح بنقل إدارة الموقف إليها[53]. بعد ذلك استأنفت الدولة على قرار المركزية إلى المحكمة العليا، وحتى كتابة هذه السطور لا تزال القضية قيد المداولة.
انتقال إدارة مركز دافيدسون لجمعية إلعاد سيفسح المجال أمام مساعي الجمعية تعزيز الصلة بين سلوان والبلدة القديمة وساحة الحائط الغربي. وسيكون بمقدور زوار مركز دافيدسون إكمال الجولة حتى سلوان عن طريق قناة الصرف القديمة التي تربط بين سلوان ومركز دافيدسون، والتي تم حفرها وتأهيلها لزيارة الجمهور. وقد بدأت جمعية "إلعاد" بتنظيم جولات للجمهور الواسع في قناة الصرف التي تجمع بين الموقع وتمتد على طول الزاوية الجنوبية الغربية لجبل الهيكل/الحرم الشريف. وتواصل "إلعاد تمويل حفر المزيد من الأنفاق وإنشاء مسارات سفلية أخرى تجمع بين المواقع التي باتت تسيطر عليها. ومن المتوقع أن يتم تخصيص مركز "قيدم" (انظروا لاحقًا في هذه الوثيقة) – وهو موقع سياحي تحاول الجمعية إقامته عند مدخل سلوان (خريطة 1، رقم 2) – ليكون موقعًا سياحيًّا يربط بين الحديقة الوطنية "مدينة داود" ومركز دافيدسون وساحة الحائط الغربي. وإذا افترضنا أن الجمعية ستنشط في مركز دافيدسون كما تنشط في "مدينة داود"، فمن المتوقع أنه ستستثمر الملايين في الحفريات الأثرية وفي تطوير الموقع السياحي على نحو يعرض الآثار اليهودية في المكان من طرف واحد. وهناك احتمال أن يؤدي هذا العمل إلى زيادة التوتر الديني في أكثر المواقع حساسيةً في المنطقة.
جمعية "إلعاد" وسلطة الطبيعة والحدائق في قرية سلوان
متحف التوراة كمحور أساسي في طمس الاختلافات بين الآثار والتراث
في أيار (مايو) 2012 صادقت الحكومة الإسرائيلية على قرار النظر في تأسيس متحف للتوراة في منطقة مجمع "قيدم"، الذي من المتوقّع إقامته عند مدخل قرية سلوان[54]. وجاء تأسيس المركز وفق قانون متحف التوراة في القدس من عام 2011 الذي يصادق على إقامة شركة هدفها جمع، حفظ، تطوير وتعليم التوراة واشتقاقاتها الثقافية والفنية، الروحانية والفلسفية، للمجتمع الإسرائيلي وللشعب اليهودي[55]. الفكرة من وراء بناء المتحف الذي سيعرض قصص التوراة في مدخل قرية سلوان، تعتمد على الرغبة في تقوية الموقع الأثري "مدينة داود" وصلتها بالتوراة. هذا رغم أنه من المتوقع بناء المجمّع على حفريات أثرية، حتى كتابة هذه السطور، لم تتبين فيها آثار مهمة من العصور التوراتية. وترى الحكومة الإسرائيلية وجمعية "إلعاد" في متحف التوراة حلقة مهمة في الصراع على هوية قرية سلوان والتحكم فيها وفي المناطق المحيطة بجبل الهيكل/الحرم الشريف. حتى لو تمّ حفظ الآثار وعرض شهادات من عصور أخرى، فستكون هذه ثانوية مقارنة بالمبنى الذي ينتصب فوقها ومقارنة بالرواية التي ستُروى هناك عن ولادة كتاب شعب الكتاب وحقه التاريخي في المكان.
طُرح المخطط لبناء مجمع "قيدم" على طاولة لجان التخطيط المختلفة على مدار ست سنوات. وقد طالبت الجهتان المبادرتان للمشروع (جمعية "إلعاد" وسلطة الطبيعة والحدائق) ببناء مجمع مساحته 16،000 متر مربع في منطقة تصل مساحتها إلى أربعة دونمات وعلى ارتفاع سبعة طوابق. وكان المفروض أن يُبنى المجمع فوق سطح موقع الحفريات الأثرية المسمّى "حنيون جفعاتي"، ليكون على ارتفاع أقل من مترين من أعلى نقطة في سور البلدة القديمة[56]. في قرار اللجنة الفرعية القطرية للاستئنافات التابعة للجنة التنظيم والبناء من أيار (مايو) 2015، تقرّر تقليص مساحة البناء بشكل كبير، وتحديد استعمالات المبنى[57]. على أثر ضغط سياسي مارسته وزيرة القضاء، أيليت شاكيد، تقرّر في آذار (مارس) 2016 إعادة مناقشة المشروع في المجلس القطري للتنظيم والبناء. وتمّت في الجلسة المصادقة على إقامة المجمّع بالمقاييس القصوى، وقد تمّت المصادقة على ذلك في اللجنة اللوائية، وسيتم بناؤه على مساحة 15،000 متر مربع[58].
من الملك داود وحتى عصر الهيكل الثاني
عندما يتم فحص الحفريات الأثرية التي تجريها سلطة الآثار في العقد الأخير في سلوان بتمويل من جمعية "إلعاد"، يمكننا ملاحظة التركيز على الطبقة التي يطلق عليها الجمهور الإسرائيلي اسم "عصر الهيكل الثاني" – وهو مصطلح إسرائيلي-يهودي يتطرّق لفترة زمنية تخلّلت العصر الروماني القديم بدءًا من القرن الأول قبل الميلاد وانتهاءً بالعام 70 للميلاد، مع خراب الهيكل الثاني، على أثر فشل تمرد اليهود ضد الرومان. رغم أن الهيكل الثاني بُني حسب التراث اليهودي قبل مئات السنين من هذا التاريخ بأيدي اليهود العائدين من بابل، إلا أن ال150 عامًا التي سبقت خراب الهيكل – وهي أيام حكم ملوك يهودا الحشمونئيم والملك هورودس – تعتبر ذروة ازدهار شعب إسرائيل في يهودا.
المواقع الأساسية التي تمّ حفرها في العقد الأخير في سلوان هي "حنيون جفعاتي" في الشمال (حيث تسعى إلعاد لإنشاء مجمع قيدم – راجعوا الفصل الخاص بالموضوع) وفي جنوب الموقع – بركة الحمرا التي يطلق عليها المستوطنون اسم "بركة هشيلواح". وكانت سلطة الآثار قد حفرت البركة المحاذية لحي البستان في العامين 2004-2005 وهي مغلقة منذ ذلك الوقت. بالنسبة للمستوطنين، يتمتع كلا موقعي الحفريات هذين بأهمية استراتيجية. فبركة "هشيلواح" تقع أسفل المنحدر باتجاه حي وادي حلوة قبل حي البستان، وبذلك فهي تحدّ الموقع الأثري من الجنوب. ويقع مجمع قيدم عند المدخل الشمالي لسلوان، قبل البلدة القديمة وباحة جبل الهيكل/الحرم الشريف. وقد تم في المنطقة الواقعة بين البركة ومجمع قيدم حفر أنفاق تُعرَض أمام الجمهور على أنها "طريق الحجاج" التي سار عليها حجاج الهيكل بعد أن تطهّروا بماء نبع "هشيلواح". كل هذا دون أن تكون هناك معلومات مؤكدة حول تاريخ قناة صرف المياه أو المنشآت الأخرى التي تم الكشف عنها في الموقع، كما أنه ليست هناك منشورات علمية يمكنها أن تعزّز هذا الاعتقاد أو تُستعمل كأساس لمناقشة هذه الفرضيات[59]. علاوة على ذلك فإن شريط الفيديو الدعائي الذي أصدرته سلطة الآثار حول حفر الأنفاق في سلوان، يعرضها على أنها جزء من مسار اليهود أثناء حجيجهم للهيكل في العهد القديم[60].
في حال نُقلت إدارة مركز "دافيدسون" لجمعية "إلعاد" فمن المتوقع أن يتفاقم التوتّر حول "طريق الحجاج" المتجه نحو باحة جبل الهيكل/الحرم الشريف. في الجدار الداخلي الجنوبي لباحة الحرم هناك ثلاثة بوابات مغلقة وفي جميعها يمكن رؤية علامة القوس والجدران. هذه البوابات المسدودة معروفة كبوابة خلدة. ويرى بعض الباحثين أن تاريخ هذه البوابات يعود إلى عهد الهيكل الثاني أو العهد الإسلامي القديم. المسيرة من بركة "هشيلواح" باتجاه البوابات المسدودة تصل تقريبًا إلى الهدف النهائي للحجاج في العهد القديم. إن عزل المواقع الأثرية في سلوان عن بيئتها الطبيعية من خلال تسييج وتأهيل مسارات المشي في الأنفاق أو المشي تحت سطح الأرض، كلها تساهم في تعزيز التجربة الحسّية لدى الزائر بأنه لأول وهلة يسير في القدس اليهودية من فترة الهيكل الثاني. هذه التجربة معزولة عن الواقع المتعدد الثقافات للشارع الروماني، وهو الشارع الذي تفضل "إلعاد" تسميته "طريق الحجاج". إذن ما تفعله جماعة "إلعاد" هو اختلاق واقع تاريخي خيالي في القدس عام 2017، هو نتاج معتقداتهم الدينية وطموحاتهم القومية التي تتعارض مع المكتشفات الأثرية والشهادات التاريخية المتوفرة لدينا.
سلطة الطبيعة والحدائق في مقبرة باب الرحمة
المقبرة الإسلامية باب الرحمة محاذية للجدار الشرقي لسور الحرم (خريطة 1 رقم 13). الصراع على طابع المقبرة وعلى السيطرة عليها مستمر منذ أكثر من عقد من الزمان. وتعتبر اللجنة الشعبية لمنع هدم آثار جبل الهيكل لاعبًا أساسيًّا في هذا الصراع. في عام 2005 التمست اللجنة لمحكمة العدل العليا ضد دولة إسرائيل لعدم تطبيقها حظر الدفن في القسم الجنوبي من المقبرة[61]. وحاججت اللجنة في التماسها بأن المكان هو موقع أثري معلن وجزء من الحديقة الوطنية "المحيطة بأسوار القدس"، وعليه فالحفر والدفن فيه يُعدّان مسًّا بالآثار[62].
مقبرة باب الرحمة موجودة داخل منطقة الحديقة الوطنية "المحيطة بأسوار القدس"، خلافًا للمقبرة المسيحية في وادي "يهوشافاط" والمقبرة اليهودية في جبل الزيتون الواقعتين خارج الحديقة. مجرد وجود المقبرة داخل مساحة الحديقة، مكّن سلطة الطبيعة والحدائق من العمل في أرض المقبرة بسلطة قانون الحدائق الوطنية، وبالتالي تسييجها وفرض قيود على الوصول إليها والعمل على وقف الدفن فيها.
وقد ادّعت سلطة الطبيعة والحدائق أن التسييج يهدف إلى منع توسّع المقبرة إلى داخل الحديقة الوطنية المذكورة. أما في نظر سكان المدينة الفلسطينيين، فتعتبر أعمال التسييج ردّ فعل سياسيًّا من قبل السلطات الإسرائيلية على التواجد الفلسطيني الإسلامي بالقرب من الحرم الشريف. مع انتهاء أعمال التسييج تم اقتلاع السياج، كما يبدو بأيدي فلسطينيين. الصراع على طابع المقبرة وعلى أوجه استعمالات أرضها استمر حتى خلال عام 2016. فمثلاً، في شهر كانون أول (ديسمبر) 2016 منعت سلطة الطبيعة والحدائق دفن ولد فلسطيني، توفي جراء إصابته بمرض، في وسط المقبرة[63]. في رأينا، موقع المقبرة شرقي سور جبل الهيكل/الحرم الشريف هو الدافع الرئيسي وراء الخطوات التي يقوم بها الإسرائيليون. ويبدو أن الصراع على الاستمرار بالدفن في المقبرة هو جزء لا يتجزأ من الصراع الشامل على طابع البلدة القديمة ومحيط جبل الهيكل/الحرم الشريف.
الفلسطينيون، المجتمع الدولي ومنظمة اليونسكو
بفضل الاعتراف الدولي بالحقوق السياسية للسلطة الفلسطينية في القدس الشرقية وحوض البلدة القديمة التاريخي، تحوّلت السلطة إلى عنصر مؤثّر في القدس. أحد الميزات الأساسية للسلطة هو الاعتراف بها كدولة عضو في منظمة اليونسكو (ابتداءً من عام 2011). لهذا القرار أبعاد معقّدة بكل ما يتعلّق بالقدس. من ناحية الأمم المتحدة، تعتبر القدس الشرقية ومنطقة البلدة القديمة منطقة محتلة، من هنا فالاعتراف بفلسطين يعني الاعتراف للفلسطينيين بحقوق في السيادة على القدس القديمة. تعترف اليونسكو بالقدس كموقع تراث عالمي (1981) وموقع تراث عالمي عرضة للخطر (1982)، نتيجة ذلك، تعتبر المنظمة نفسها صاحبة شأن في المدينة، وقد سبق أن أعدّت خطة لحماية التراث الثقافي فيها – Action Plan for the Safeguarding of the Cultural Heritage of the Old City of Jerusalem[64]. في أحيان كثيرة تواجه اليونسكو صعوبات في العمل بالقدس، بسبب الحاجة للتنسيق مع جهات مختلفة: إسرائيل المسيطرة على المدينة، الأردن المسؤولة عن جبل الهيكل/الحرم الشريف والسلطة الفلسطينية.
اعتراف اليونسكو بالقدس الشرقية كجزء من فلسطين، يتيح للسلطة الفلسطينية السعي لاستصدار قرارات ضد السياسة الإسرائيلية في القدس بواسطة المنظّمة. كل ما تحتاج السلطة فعله هو تقديم مشاريع قرارات رسمية بواسطة الدول العضو في اللجنة الإدارية لليونسكو. وتشتمل هذه اللجنة على دول يتم اختيارها لتشغل هذا المنصب لعدة سنوات (تتراوح عادة بين عامين وأربعة أعوام). بما أن فلسطين ليست عضوًا في اللجنة الإدارية لليونسكو، فإن الاقتراحات بخصوص القدس تُقدَّم باسمها من قبل الدول المؤيدة لها: فمثلا، في تشرين أول (أكتوبر) 2016 قدّمت الجزائر، مصر، لبنان، المغرب، عمان، قطر والسودان مشاريع قرار للجنة الإدارية لليونسكو (مشروع قرار 200) ضد انتهاك إسرائيل لحرية العبادة المكفولة للمسلمين في القدس، وضد الاعتداء على القدس كموقع تراث عالمي.
الانتقاد، المبرَّر بمعظمه، الذي وجّهته هذه الدول كان بخصوص مخططات البناء المختلفة في المدينة، مثل بناء مجمع "قيدم" في سلوان و"بيت هليبا" في باحة الحائط الغربي. واشتمل مشروع القرار على المطالبة بإرسال بعثة من خالخبراء لفحص كيفية حماية المواقع التاريخية في القدس، كما تضمّن عدة بنود بخصوص حماية الحرم الشريف واحتج على القيود المفروضة على دخول المسلمين للحرم[65]. وأطلق مشروع القرار على الحائط الغربي اسمه الإسلامي البراق (كلمة الحائط الغربي تظهر بين هلالين). ويعتبر مشروع القرار هذا معتدلاً نسبيًا لمشروع قرار العام الماضي، حيث تم التطرق لباحة الحائط الغربي كساحة البراق وتمّ تجاهل أية صلة اليهود بالمكان[66]. في نظر الإسرائيليين واليهود في أنحاء العالم، يعتبر الحائط الغربي أثر من آثار الهيكل. رغم عدم قول ذلك صراحةً، إلاّ أن مشروع القرار الذي نقلته السلطة الفلسطينية لليونسكو يلمّح إلى أنه ليست للشعب اليهودي أية صلة بالمكان. من وجهة نظر الإسرائيليين، يعني القرار عدم إمكانية الثقة بالفلسطينيين وحلفائهم وعدم وجوب نقل المسؤولية عن آثار القدس والأماكن المقدسة لعدة ديانات، لأن الفلسطينيين سيقضون على التراث اليهودي وحقوق اليهود التاريخية في المكان.
ملخص واستنتاجات
جبل الهيكل هو أكثر المواقع قداسةً بالنسبة للشعب اليهودي. مع هذا وطبقًا لهذا، تعارض أوساط في المؤسسة الدينية حجيج اليهود للجبل وتغيير الوضع القائم فيه. تخضع باحة جبل الهيكل/الحرم الشريف لمسؤولية المؤسسات الدينية الإسلامية منذ ألف عام تقريبًا وأكبر دليل على ذلك هو المباني الهندسية المختلفة التي بُنيت في الموقع على مدار العصور المختلفة. وقد شهدت المنطقة تحوّلات عدّة على مرّ الأجيال، ولكن ابتداءً من القرن الثامن، وتحديدًا بعد هزيمة الصليبيين في القرن ال12، تطوّر الموقع كمكان مقدّس للمسلمين. التغييرات الملموسة الكبيرة التي طرأت على المكان تمّت مباشرةً بعد حرب حزيران عام 1967: من جهة واصلت إسرائيل احترام مكانة الأوقاف الإسلامية في المكان، ومن جهة أخرى هيّأت الظروف لإحداث تغيير في هذه المكانة. من أهم التغييرات التي أدخلتها إسرائيل هو سيطرتها على باب المغاربة، وتموضُع الشرطة الإسرائيلية في مبنى "المحكمة" المشرفة على الموقع المقدّس. مباشرة بعد حرب حزيران خلقت إسرائيل حيّزًا جديدًا حول جبل الهيكل/الحرم الشريف: هدم حي المغاربة، حفريات أثرية على امتداد الجدار الجنوبي للموقع، ولاحقًا بدأت الحفريات أسفل باحة الحرم، تحت حي المسلمين وبمحاذاة الجدار الغربي لجبل الهيكل/الحرم الشريف. لدى حفر الأنفاق تمّ، مرة واحدة على الأقل، التسلّل تحت مجمّع جبل الهيكل/الحرم الشريف نفسه.
وقد طرأ التغيير الملموس التالي على أثر فتح أنفاق الحائط الغربي عام 1996 وبدء الأعمال في المصلّى المرواني في المنطقة المسماة "اسطبلات سليمان" تحت المسجد الأقصى. ترى مجموعات إسرائيلية معينة في ساحة المسجد إمكانية لتحويله إلى موقع صلاة يهودي. هذا المفهوم بالإضافة لتركيبة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، يدفع مجموعات يهودية مختلفة لتأجيج الصراع بهدف تكثيف الحضور اليهودي في المنطقة. في السنوات الأخيرة ازداد الحديث العام في إسرائيل حول هدم الآثار في جبل الهيكل ونية إسرائيل نزع شرعية إدارة المكان عن الأوقاف الإسلامية. في صيف 2014-2015 تمخّضت عن هذه الأجواء محاولة إنشاء جسر المغاربة وتغيير ساعة فتح أبواب الموقع.
لدى فحص التدخل الإسرائيلي في القدس الشرقية عمومًا وفي محيط جبل الهيكل/الحرم الشريف والبلدة القديمة وقرية سلوان خصوصًا، فلا شكّ أننا نرى سعيًا واضحًا لتعزيز حضور إسرائيل وسيطرتها هناك. وتبذل السلطات الإسرائيلية وجمعيات المستوطنين جلّ جهودها من أجل تحويل قرية سلوان إلى موقع سياحي ومستوطنة إسرائيلية هي "مدينة داود". ويمرّ القسم السفلي من البلدة القديمة بعمليات تطوير غير مسبوقة، تركّز على الصلة اليهودية بالمدينة وعلى الحق التاريخي لشعب إسرائيل في القدس. من خلال تطبيق قانون الحدائق الوطنية، تحاول إسرائيل منع دفن موتى المسلمين في مقبرة باب الرحمة. يتم التطوير الأثري بالتزامن مع الإهمال المستمرّ منذ عشرات السنين لحاجات السكان الفلسطينيين. وتؤدي هذه الخطوات إلى ترسيخ مفاهيم الجمهور الإسرائيلي بأن القدس القديمة ستبقى إسرائيلية للأبد، بفضل الاستراتيجية الإسرائيلية التي تصارع على البلدة القديمة وعلى محيط جبل الهيكل/الحرم الشريف من خلال التركيز على الآثار اليهودية والرواية التاريخية اليهودية للمكان.
ويشكّل هذا التوجّه الأساس للمساعي الإسرائيلية إلى تغيير الوضع القائم في الحرم. فأي تغيير تقوم به إسرائيل في طبيعة المكان والحضور الإسرائيلي حوله سيجرّ بطبيعة الحال تغييرًا في المكان نفسه. ورغم أن إسرائيل تتنصّل من المجموعات اليهودية التي تدخل الحرم الشريف وتطالب بتغيير الوضع القائم فيه، إلا أن أعمال إسرائيل الرسمية حول الموقع وحتى داخل الحرم نفسه تدلّ على نواياها وطموحها لتهيئة الظروف لإحداث تغيير جوهري فيه.
في الواقع الذي تسود فيه التيارات القومية والدينية، هناك حاجة لاتخاذ خطوات تعيد الثقة والتعاون بين الطرفين. حسب رأينا، جزء مهم من الأعمال الأثرية التي تُجرى حول الجبل تزيد التوتر وتعزل الموقع عن المؤمنين المسلمين. لذا، على إسرائيل الامتناع عن الحفريات الأثرية غير الضرورية والتوقّف عن حفر الأنفاق المثيرة للجدل، وعليها إتاحة حرية العبادة بما في ذلك الدفن في مقبرة الرحمة.
بيد اليونسكو الأدوات اللازمة للتحوّل إلى هيئة دولية للتوسّط بين الطرفين، غير أن هذا يتطلّب تغييرا في توجّه الدول العربية. والواقع أن التوجّه الحالي نحو التطرّف حتى وإن كان لفظيًّا فقط، فإنه يمسّ بالأساس بالمصلحة الفلسطينية بالقدس ويقوّي الجانب الإسرائيلي. توجيه الانتقادات العينية والمحدّدة للخطوات الإسرائيلية بجانب الاعتراف بالتراث اليهودي وبالحقوق الدينية لليهود في القدس، يمكنهما فتح المجال لنضال مُجدٍ ضد المشاريع الأثرية التي تعرّض للخطر الطابع التاريخي والمكانة السياسية للقدس. يجب السعي للتعاون بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أساس المواثيق الدولية لمنظمة اليونسكو والمجلس الدولي للمواقع والمعالم (أيكوموس –ICOMOS ). من شأن هذه المواثيق المعنية بحفظ وتطوير مواقع التراث أن تشكّل الأساس لحوار حول الآثار والتراث والحقوق الدينية، حوار يمكنه أن يخفّف من حدة التوتر السائد بين الطرفين.
ولكن الطريق الوحيدة لحفظ المكانة الدينية والتاريخية لجبل الهيكل/الحرم الشريف على المدى البعيد تكون من خلال التوصّل لاتفاق سياسي، يعترف بأهمية المكان للمسلمين واليهود على حد سواء، وبأهمية كل واحد من مواقع التراث العالمية المركزية في نظر شعوب كثيرة. فقط من خلال اتفاق سياسي يمكن ترسيخ وحماية السيطرة الإسلامية على جبل الهيكل/الحرم الشريف على المدى البعيد.
[1] مريام روزن-أيالون، "مصدر قديم عن بناء قبة السلسلة في جبل الهيكل، كاتدرا 11، 1979ـ ص 184-185. (عبرية)
[2] .Michael Hamilton, Mamluk Jerusalem: An architectural study, London, 1987 .
[3] Rosen-Ayalon, Miriam, Qedem – Volume 28: The Early Islamic Monuments of al-Haram al-Sharif, Jerusalem: An Iconographic Study, Jerusalem, 1989.
[4] تسوفيا هرشفلد، اكتشاف: أجزاء من الحائط الغربي لم تُبنَ من قبل هورودس، موقع ynet (عبرية)
[5] بنيامين مزار، "القدس في عهد سلالة هورودس على ضوء الحفريات جنوب وجنوبي غربي جبل الهيكل"، كاتدرا 8، 1978، ص.ص. 29-41؛ أوريت بيليج-باركات، الزخرفة المعمارية الهورودسية على ضوء ما كشفت عنه حفريات جبل الهيكل، القدس 2007. (عبرية)
[6] R. Shani and D Chen, "On the Ummayyad Dating of the Double Gate in Jerusalem", Muqarnas 18, 2001, pp. 1-40.
[7] بنيامين أيزك، "القدس ما بعد التمرد الكبير وحتى عهد قنسطنطين"، ص.ص.2-13؛ يورام تفسرير، "التضاريس الجغرافية والأثرية للقدس في العهد البيزنطي، ص.ص. 323-330، يورام تسفرير وشموئيل سفراي (محرّرَين)، كتاب القدس: العهد الروماني والبيزنطي (70-638)، القدس: 1999. (عبرية)
[8] ع. إلعاد، "جبل الهيكل في العهد الإسلامي القديم"، عن: يتسحاق رايتر (محرر)، سيادة الله والإنسان – قدسية ومركزية سياسية في جبل الهيكل، القدس، 2001، ص.ص. 57-109. (عبرية)
[9] يتسحاق رايتر، قدسية وسياسة في تاريخ جبل الهيكل، سيادة الله والإنسان – قدسية ومركزية سياسية في جبل الهيكل, القدس، 2001، ص.ص. 5-13. (عبرية)
[10] Reiter & J. Seligman, "1917 to the Present: Al-Haram al-Sharif/Temple Mount and the Westen Wall", O. Grabar and B. Z. Kedar (eds.). Where Heaven and Earth Meet: Jerusalem's Sacred Esplanade, 2010, pp. 251..
[11] N. Al-Jubeh, "1917 to the Present: Basic Changes, but not Dramatic: Al-Haram Al-Sharif in the Aftermath of 1967", in Grabar and Kedar. Where Heaven and Earth Meet, p. 275-277..
[12] Ibid, pp. 277-281.
[13] هـ. جيفاع، "موجز خمس وعشرون سنة من البحث الأثري المتجدّد في القدس – إنجازات وتقديرات"، كدمونيوت 101-102، 1993ـ ص.ص 9-24؛ H. Geva, "List of Major Archaeological Activities in Jerusalem, 1967-1992", Ancient Jerusalem Revealed, 1994, pp. 325-330.
[14] N. Al-Jubeh, "1917 to the Present: Basic Changes, but not Dramatic: Al-Haram Al-Sharif in the Aftermath of 1967", in Grabar and Kedar. Where Heaven and Earth Meet, p. 276.
[15] تمّ أثناء حفر أنفاق الحائط الغربي الكشف عن فتحة قادت إلى حفرة ماء تقع تحت سبيل قيتباي، وبذلك وجد رجال الحائط الغربي أنفسهم تحت باحة الحرم بالقرب من مسجد قبة الصخرة.
[16] Ibid, p. 257..
[17] ج. أفني وي. زليجمان، جبل الهيكل 1917-2001 – توثيق، بحث وحفظ الآثار، القدس 2001؛ J. Seligman, "Solomon’s Stables, The Temple Mount, Jerusalem: The Events Concerning the Destruction of Antiquities 1999–2001", 'Atiqot 56, pp. 33-53..
[18] نُفّذت الأعمال بالتعاون مع الحركة الإسلامية داخل إسرائيل.
[19] J. Seligman, "Solomon’s Stables, The Temple Mount, Jerusalem", 'Atiqot 56, p. 42.
[20] تقرير مراقب الدولة لعام 2010، 2011، ص.ص. 1843-1844.
[21] J. Seligman, "Solomon’s Stables, The Temple Mount, Jerusalem", 'Atiqot 56, p. 41 .
[22] لقراءة المزيد حول عدم تدخل السلطات الأردنية في إدارة الحرم، راجعوا: Y. Reiter & J. Seligman, "1917 to the Present: Al-Haram al-Sharif/Temple Mount and the Westen Wall", Grabar and Kedar. Where Heaven and Earth Meet: pp. 244-248 .
[23] ي. النتشة، المصلى المرواني – بين طموحات الماضي* ومخاطر المستقبل، مديرية السياحة والآثار – الأوقاف، القدس، 2012.
[24] N. Al-Jubeh, "1917 to the Present: Basic Changes, but not Dramatic: Al-Haram Al-Sharif in the Aftermath of 1967", in Grabar and Kedar. Where Heaven and Earth Meet, p. 281.
[25] J. Seligman, "Solomon’s Stables, The Temple Mount, Jerusalem: The Events Concerning the Destruction of Antiquities 1999–2001", 'Atiqot 56, pp. 33-53.
[26] Ibid., pp. 45.
[27] موقع اللجنة الشعبية لمنع هدم آثار جبل الهيكل. (عبرية)
[28] موقع الانترنت التابع للجنة الشعبية لمنع هدم آثار جبل الهيكل، أعضاء اللجنة. (عبرية)
[29] ن. حسون، "شخصيات فكرية تنسحب من اللجنة لمنع هدم الآثار"، هآرتس، 19.2.2014. (عبرية)
[30] راجعوا أيضًا أسماء الموقّعين على العريضة: نداء لمنع استمرار هدم الآثار في جبل الهيكل بالقدس. (عبرية)
[31] لمزيد من المعلومات حول المجموعات اليهودية الناشطة في الحرم، راجعوا: تقرير "عير عميم" وجمعية "كيشف": ي. بئير، "علاقة خطيرة – ديناميكية تعاظم قوة حركات بيت المقدس في إسرائيل ومعانيها" أيار 2013. (عبرية)
[32] عمق شبيه، "بناء جسر مؤقت جديد بمحاذاة جسر المغاربة"، 12 آب 2014. (عبرية)
[33] ن حسون، ب. رافيد، "رئيس الوزراء يأمر بتفكيك الجسر الخشبي الجديد لجبل المعبد إثر ضغوطات المملكة الأردنية"، هآرتس، 3 أيلول 2014. (عبرية)
[34] قضية جسر المغاربة في نشرة عمق شبيه: "لماذا يعتبر جسر المغاربة قضية سياسية؟"، 9 أيلول 2014. (عبرية)
[35] تعليمات حفظ الأماكن المقدسة لليهود، 1981. (عبرية)
[36] لمزيد من المعلومات حول مشروع الأنفاق ومعناه السياسي، راجعوا: القدس التحتى، أنفاق وأقبية سفلية في الحوض المقدّس، عمق شبيه، أيلول 2015. (عبرية)
[37] بدأت الحفريات الأولى عام 2004، راجعوا: ح. بربا وت. دعادلة القدس، كنيس "أوهل يتسحاق"، أخبار علم الآثار 119، 2007، وبين الأعوام 2007-2010 أ. أون، ش. فكسلر-بدولاح ور. بار نتان، القدس، البلدة القديمة، قوس ويلسون والجسر الكبير، أخبار علم الآثار 123، 2011. (عبرية)
[38] أ. سولومون وح, بربا، "متى بُني المدخل الخفي في أنفاق الحائط الغربي؟"، 2014، وصلنا كملف بصيغة PDF من نشرة غير معروفة، ص.ص. 82-107. (عبرية)
[39] د. باهط، "أنفاق الحائط الغربي"، كدمونيوت 101-102، 1993، ص.ص. 38-48 وكذلك، د. باهط، "تجديدات في بحث أنفاق الحائط الغربي"، كدمونيوت 133، 2007، ص.ص. 41-47. (عبرية)
[40] أ. سولومون وح. بربا، "متى بُني المدخل الخفي في أنفاق الحائط الغربي؟"، وصلنا كملف بصيغة PDF، 2014، ص.ص. 82-107، وكذلك أ. أون وش. فكسلر-بدولاح، "آثار الشارع الشرقي الروماني في ساحة الحائط الغربي"، كدمونيوت 140، 2010، ص.ص. 109-132. (عبرية)
[41] "ترميم وتجديد الكنيست في أنفاق الحائط الغربي – مقابل قدس الأقداس""، عن موقع صندوق تراث الحائط الغربي، 3 حزيران 2007. (عبرية)
[42] ن. شراجا، "مكان جديد للصلاة: يبعد 97 مترًا عن قدس الأقداس"، هآرتس، 25 أيلول، 2007 وكذلك، إدارة الحفظ، البلدة القديمة أنفاق الحائط الغربي"، موقع سلطة الآثار. (عبرية)
[43] إدارة الحفظ، "أعمال حفظ قوس ويلسون"، موقع إدارة حفظ الآثار في سلطة الآثار. (عبرية)
[44] نفق الحائط الغربي: شركة "ديلق" تبرّعت، ابنت تشوفا ستخطّط المشروع، عمق شبيه، شباط 2016. (عبرية)
[45] تدشين موقع سياحي مكرّس لتعطّش الشعبي اليهودي للقدس في حارة المسلمين بالبلدة القديمة بالمجمع المملوكي يعود للقرن ال14، عمق شبيه، آب 2016. (عبرية)
[46] ر. جرينبرغ وي. مزراحي، "علم الآثار في منزلق ناعم: مشروع الغربلة الخاص بإلعاد في "عيمق تسوريم""، عمق شبيه، 2012، وكذلك ج. بركاي وس. تسفايج، "مشروع تصفية التراب من جبل الهيكل"، تجديدات في بحث القدس، أ. باروخ، ص. جرينهورت، أ. فاوست (محررون)، 2006. (عبرية)
[47] ي. شبيرا – مراقب الدولة، إدارة وتشغيل المواقع السياحية في حوض البلدة القديمة بالقدس، تقرير مراقب الدولة 67أ، تشرين ثان 2016، ص 39. (عبرية)
[48] ن, حسون، "الحكومة تنضم لتمويل مشروع جمعية "إلعاد" لتصفية التراب من جبل الهيكل"، هآرتس، 20 تشرين أول 2016. (عبرية)
[49] هي أوراق أدعية لله اعتاد اليهود وضعها بين حجارة الحائط الغربي.
[50] بيان للصحافة، "وزارة الإسكان تعمل بخلاف التصريح الممنوح لها من المستشار القضائي للحكومة بخصوص مركز دافيدسون"، عمق شبيه، 24 آذار 2014. (عبرية)
[51] قرار الحكومة رقم 2925 صادر في جلسة الحكومة بتاريخ 19 كانون أول 2004 بشأن تحويل صندوق تراث الحائط الغربي إلى جمعية حكومية.
[52] ح. عزرا، "وزير الإسكان: يجب بناء الهيكل في جبل الهيكل"، القناة 7، 4 تموز 2013. (عبرية)
[53] ن. حسون، "إنجاز للجمعية اليمينية: إلعاد ستتولّى المسؤولية عن الحديقة الأثرية بالقرب من الحائط الغربي"، هآرتس، 13 تشرين أول 2015. (عبرية)
[54] مكتب رئيس الحكومة، "الحكومة تصادق على التقدم في إجراءات إنشاء متحف التوراة"، 20 أيار، 2012. (عبرية)
[55] مشروع قانون قدّمه النائبان روني بار أون وبنيامين بن اليعيزر، مشروع قانون متحف التوراة في القدس، 2011، الكنيست ال18.
[56] الحكومة تقرّر بناء مجمع قيدم، عمق شبيه، 2014. (عبرية)
[57] بيان للصحافة: ضربة شديدة توجَّه لمبادرة جمعية "إلعاد" ورئيس البلدية بشأن بناء مجمّع قيدم، عمق شبيه، 7 حزيران 2015. (عبرية)
[58] بيان للصحافة: ضغط سياسي يقود إلى إعادة المناقشة بشأن "مركز قيدم"، عمق شبيه، آذار 2016 وكذلك بيان للصحافة: قرار المصادقة على مخطط "مجمّع قيدم" لجمية "إلعاد" في سلوان – يثير القلق من تسييس مؤسسات التنظيم والبناء، عمق شبيه، آذار 2016. (عبرية)
[59] راجعوا شرائط الفيديو القصيرة: "Herodian Road From Shiloah Pool to the Western Wall" , City of David, April, 5, 2012 وكذلك "طريق الحجاج من بركة هشيلواح وحتى الحائط الغربي"، "مدينة داود"، 5 نيسان 2012. (عبرية)
[60] سلطة الآثار، "هكذا تم الكشف عن الطريق من بركة هشيلواح وحتى الهيكل"، 26 كانون ثان 2011. (عبرية)
[61] ملف محكمة العدل العليا 7800/05، و7192/04.
[62] ن. شرجاي، "المعركة على طريق القلعة المحصنة "هعوفل"، هآرتس، 16 أيار 2006، وكذلك ن. شرجاي "الدولة تحارب الدفن الإسلامي غير القانوني على سفح جبل الهيكل، هآرتس، 21 حزيران 2009. (عبرية)
[63] ي, أبراهام، توتّر في القدس: تعطيل جنازة ابن التاسعة, ماكو، 6 كانون أول 2016. (عبرية)
[64] بدأت اليونسكو تطبيق المخطط عام 2004 وبدأ الإعداد له عام 2003.
[65] مشروع قرار رقم 25 لجلسة مجلس المدراء رقم 200 لليونسكو، تشرين أول، 2016.
[66] مشروع قرار رقم 32 لجلسة مجلس المدراء رقم 197 لليونسكو، تشرين أول، 2015.